في تطور للسجال الدائر حول اللائحة الداخلية لجماعة "الإخوان المسلمين" والطعن في شرعيتها من قبل المهندس حامد الدفراوي – أحد قيادات الإخوان بالإسكندرية- في أعقاب رفض مكتب الإرشاد تصعيد الدكتور عصام العريان لعضوية المكتب، أدلى المحامي الإسلامي والقيادي الإخواني السابق مختار نوح برأيه في هذا الجدل المثار سامحًا لنفسه بتجاوز "حاجز الشأن الداخلي للجماعة" من خلال بحث تنشره "المصريون" في عددها الصادر الأربعاء، آملاً أن تدرسه قيادة الجماعة وتضعه في عين الاعتبار، لما يتضمنه من انتقادات صريحة ونصائح للجماعة باستغلال الأجواء الإيجابية التي تشهدها حاليًا، لتعديل لائحتها مثار الخلاف، مقترحًا الإبقاء على مرشدها العام محمد مهدي عاكف في منصبه حتى بعد انتهاء ولايته الحالية لحين معالجة الأزمة التي تولدت بسبب الخلاف حول اللائحة. وينتمي مختار نوح لجيل الوسط بالحركة الإسلامية، وهو أحد أبرز قيادات "الإخوان" التي أخذت على عاتقها إدماج الجماعة في النقابات المهنية، وإليه ينسب الفضل في هيمنة الجماعة على غالبية النقابات المهنية، وقد ظل مسئولاً عن ملف النقابات داخل الجماعة، وكان عضوًا في مجلس الشعب في برلمان 1987، وقد عوقب بالسجن 3 سنوات في القضية التي أطلق عليها قضية اختراق النقابات المهنية وأطلق سراحه في 8 أكتوبر 2002 وبادر بعد خروجه من السجن على إطلاق مشروع مبادرة المصالحة مع النظام المصري الذي قوبل من قبل قياديي جماعة الإخوان بين التشكيك والرفض التام. ويعرب نوح في مقدمة دراسته عن اعتقاده أن سبب الأزمة الراهنة داخل "الإخوان" مرجعه الخوف على الجماعة من أصحاب النوايا الحسنة الذين يحملون أفكارًا لها سماتها المختلفة عما استقر عليه الأمر طوال عشرات السنين، وهو يرى أن هذه الأزمة قد يشهدها حتى البيت الواحد عندما يدخل الولد إلى عالم الرجولة بفكره الجديد وأسلوبه المتطور فيصنع لنفسه بيتاً مستقلاً عن بيت والده في الأسلوب ومستقلاً في التعامل وطريقة التفكير. وينظر إلى لائحة "الإخوان" باعتبارها عرضًا ظاهريًا لأزمة حقيقتها هو الخوف والشفقة على الجماعة، ورغبه بعض الأفراد في المشاركة في إدارة الجماعة وهو حق مشروع بل وواجب شرعي عندهم، وهؤلاء- كما يؤكد- يرون أن صياغة اللائحة تحول دون ذلك الهدف النبيل، وفي المقابل هناك من يخشى من هذه المشاركة انطلاقًا من وجهه نظره في سمات من يصلح للإدارة من عدمه فيتمسك باللائحة التي قد يرى في نصوصها مؤيدًا وداعمًا لوجهه نظره، فأصبحت اللائحة هي العائق لفريق وهي السند لفريق آخر. ويستعرض نوح أهم العيوب – من وجهة نظره- التي تتسم بها اللائحة باعتبارها تخالف الفقه الحديث في التشريعات الديمقراطية وتتعارض مع كثير من مبادئ الشورى وفق التشريع، ويحصر هذا العيوب في النقاط التالية: أولاً-: أن فلسفتها التشريعية تقوم على تركيز السلطات في يد جهة الإدارة ( الجهة التنفيذية ) دون رقيب أو ناصح أو متابع، ثانيًا: المغالاة في استخدام حق التعيين مع عدم قصر التعيين على المجالس النيابية بل إنه يتسع ليشمل التعيين بالإضافة في الجمعية الانتخابية (جمهور الناخبين)، وهو الأمر الذي لا مثيل له في التشريعات، ثالثًا: تداخل السلطات على حساب السلطة التشريعية التي اختفى اختصاصها تمامًا، رابعًا: عيوب في الصياغة قد تصل إلى حد عدم القابلية للتطبيق في العديد من النصوص، خامسًا: اختفاء اسم السلطة القضائية وكذلك دورها. وتضمنت الدراسة مجموعة من التوصيات، على رأسها الإبقاء على المرشد العام محمد مهدي عاكف في منصبه لما يتمتع به من سمات وقبول لدى العديد من الأطراف، فضلاً عن ثقة قواعد العاملين بالجماعة في شخصه، وذلك حتى لو طلب الإعفاء فإنه ووفقاً للائحة المعمول بها فضلاً عن أدبيات الإخوان التي تجيز ترشيح وانتخاب حتى من لم يطلب انتخابه أو ترشيحه فإنه يلزم الإبقاء عليه وذلك لتوفير المناخ المناسب لمعالجة الأزمة. ودعت إلى استغلال فترة التمديد للمرشد لمناقشة الأمر بصورة علمية وليس بصورة تفاوضية، فليس هناك من تنازع مكاسب حتى يأخذ الحوار شكل التفاوض، وإنما هناك صراع من أجل العطاء وخدمة المجموع تخلص مظاهره وأسبابه في الغياب اللائحي، فيكون ذلك الغياب هو موضوع الحوار لتتم إعادة صياغة العمل الجماعي وفق أسس للشورى الحاكمة، حيث يدعو إلى النظر بعين الاعتبار لكل ما أثير حول الأزمة حتى ولو كان نقدًا شديدًا للائحة الإخوان، وذلك دون النظر للشكل أو الطريقة التي تم عرض النقد بها، باعتبار قبول ومناقشة وجهات النظر هو التعبير الصادق على تنامي الرغبة في الخروج من الأزمة.