كثير من القراء يرون أن السياسة التحريرية الرزينة الذي تنتهجها جريدة المصريون، والتزامها بالمهنية المحترمة وميثاق الشرف الصحفي بشكل وضعها في صدارة أكثر الصحف التي يثقون فيها، يرون أنها بدأت في التحول إلى خندق نقد سياسة الرئيس مرسي وجماعته، وصل حد أن الكثير من القراء اتهم الصحيفة وكتباها بأن الفلول اشتروها..! ولهم كل العذر، فالصحيفة التي يتولى إداراتها آل سلطان الشقيقان جمال ومحمود، لها من إرث سابق استمدته من موقعها الإلكتروني قبل صدورها الورقي على مدار عدة سنوات ما يؤكد نظافة سيرتها الذاتية، وما قامت به من جهود في مقاومة سلطة النظام السابق بجبروته وفساده.. وهو ما استمر على نفس النهج مع انتخاب مرسي رئيسًا وانحيازها من البداية للشرعية واحترام اختيارات الشعب، ومجابهة الفلول وذيول النظام السابق بوضوح دون مواربة في الوقت الذي تعد الصحيفة المستقلة الوحيدة التي لا تلقى أي دعم من أي جهة بما فيها الإخوان المسلمين، مثل بقية صحف مصر المستقلة العائدة ملكيتها لأشخاص ينفقون عليها بسخاء وبذخ والمحسوبين على النظام السابق، وتوجههم بشكل واضح لمناهضة الرئيس مرسي وتضخيم كل ما يسيء لشخصه وإظهاره دائمًا بمظهر الفاشل، والتشجيع الدائم على هدم الدولة بتأييد أعمال البلطجة والتخريب التي يقوم بها بعض المارقين والخارجين على القانون، وهو ما لم تقم به جريدة المصريون نهائيًا حتى اللحظة، ولن تقوم به لأن مسعاها مختلف بدعم الوطن والمواطن وكشف السلبيات والمساعدة على علاجها بتقويمها لمن يخطئ ليعود إلى رشده دون انتظار مقابل، ولا هي تسعى لتحقيق مكاسب مادية، بل ما تقوم به الصحيفة لوجه الله والوطن للحفاظ على هذا البلد، دون النظر إلى الفصيل الذي يحكم، وأيًا كان توجهه فهذا لا يهم بل الأهم هو من يقود السفينة للمرفأ الآمن وليس من يقودها للغرق، ولهذا كان تأييد المصريون لشرعية مرسي من البداية والوقوف في ظهره وتعضيد موقفه، لعل وعسى يصل بنا لدرجة النجاح التي تنجو بمصر وتعبر بها وبشعبها إلى وضع أفضل حالًا من سابقه على كافة الصُعد حريات أو عدالة اجتماعية أو تجريف للفساد واجتثاثه من جذوره..إلخ، والمساعدة على تذليل الصعاب وكشف الحقائق كاملة دون رتوش، والوقوف إلى جانب العامة بأي حال من الأحوال وهم الضحية الحقيقية لما يقع يوميًا من صدامات وفوضى لا ذنب لهم فيها، فلم يكن هم الصحيفة وكتابها بداية من رئيس تحريرها إلى أصغر كاتب فيها وقد أكون أنا، أن تستمر في مناصرة مرسي وجماعته عمال على بطال، بقدر ما تكون دائمًا إلى جانب الحقيقة بصدق وشفافية كاملة، وإذا تطلب الأمر أن تقول لا.. فلزامًا عليها أن تقول لا وألف لا، وهو ما وقع بالفعل في الأسابيع القليلة الماضية فالسكوت على الأخطاء التي يرتكبها النظام وانعكاسات قراراته الخاطئة على الوضع العام وتأثر البلد بها بالسلب يعد خيانة، وهو ما وضح في أكثر من موقف سابق، فتحول المصريون في بعض مواقفها ومواقف كتابها، ليس معناه تحولاً عن الشرعية ودعمها، والتخندق في نفس خندق المُعادين للنظام لمجرد أنهم يكرهون فصيلًا معينًا شاءت الأقدار أن تؤول له القيادة بإرادة شعبية، بل التحول من أجل مصلحة هذا البلد والمساعدة على عبوره حالة السيولة واللادولة التي يشهدها الشارع المصري، فالرئيس مرسي ما هو إلا إنسان قد يصيب وقد يخطئ ومعه سياسة جماعته المحسوب عليها والمحسوبة عليه في كل تصرف لأعضائها، فهناك فارق بين المعارضة الحقيقية التي تنادي بالإصلاح وتنبيه الحاكم والوقوف في وجهه باحترام بقول كلمة حق والتشديد والحرص على تقويم المعوج، ومعارضة كيدية كل همها إظهار أخطاء الحاكم وإشعال النار من حولها، وتأليب الرأي العام عليه دون مسؤولية تجاه الوطن، فتوجه المصريون الأخير ليس بمثابة التحول للعداء لكنه تحول لكشف الأخطاء وتذكير النظام بها وكم نادى كتابها قبل شهور في أكثر من موقف وموقع بأن جميع الفصائل معارضة وحكومة قد يسيرون بمصر لمصير مجهول قد يهوي بها لهوة سحيقة، بفعل الفعل ورد الفعل من الطرفين، وعلى القارئ أن يكون يقظا لما يجرى حوله فالقراء مواطنون ويتفاعلون مع الأحداث الجارية بشكل كبير، وكان لزامًا علينا جميعًا من خلال هذا المنبر أن نكون جزءًا مهمًا في توضيح كل الأمور وذكر كل الحقائق مجردة، وعدم الانسياق خلف النظام حتى لو كان منتخبًا انتخابًا شرعيًا، فمن البداية حرصت المصريون كصحيفة بعدم اتباع أسلوب الإثارة بنشر أخبار كاذبة ولإشعال النار بتناول كل ما يهيج الرأي العام، مثل صحف أخرى تستمد قوتها من ملايين رجال الأعمال المحسوبين على النظام السابق، وجمعوا ملاينهم من سياسته ومساعدته لهم على حساب الشعب الغلبان، وتتعمد الكذب ليل نهار ليبقى الوضع مشتعلًا ويبقى الفساد كالسرطان في جسد الأمة.