الرئيس السيسي يرأس اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة    البنك الزراعى المصرى يوقع بروتوكول تعاون مع وزارة الزراعة وشركة MAFI لتمويل الزراعات التعاقدية    35 شركة غذائية تخطط لإبرام عقود تصديرية جديدة و6 مليارات دولار صادرات مستهدفة للقطاع    حزب الله يقصف ثكنة "معاليه جولاني" بالصواريخ    قبرص: وصول أول رحلة تُقِل مواطنين أستراليين من لبنان    النني يسجل في فوز الجزيرة أمام دبا الحصن بالدوري الإماراتي    نادٍ إنجليزي جديد يزاحم ليفربول على ضم عمر مرموش    الزمالك يسابق الزمن لتفادي إيقاف القيد مجددا    تجديد حبس مسجل لاتهامه بالاتجار في المواد المخدرة بالمرج    جهود مكثفة لانتشال جثماني شابين من هويس الخطاطبة بالمنوفية    أولى هجمات الخريف.. بيان مهم بشأن تغيّر حالة الطقس: «استعدوا لنوة رياح الصليبة»    من تأجيل إلى اعتذار... تفاصيل أزمة مهرجان الإسكندرية السينمائي مع منة شلبي    تفاصيل غرق طالب بنهر النيل في الحوامدية    "الكونفدرالية الإيطالية": انطلاقة جديدة لتمكين المرأة المصرية بقلب سوق العمل الأوروبي    الإمارات تُطلق حملة إغاثة لدعم لبنان ب 100 مليون دولار    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    إسرائيل تشن 5 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية خلال الساعة الأخيرة    نقابة المهن الموسيقية ترعى مؤتمر الموسيقى والمجتمع في جامعة حلوان    عاجل.. تأجيل إعادة محاكمة متهم بتفجير فندق الأهرامات الثلاثة لحضور المحامي الأصيل    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 103 ملايين خدمة مجانية خلال 65 يوما    بعد انطلاق فعالياته.. 5 أفلام مصرية تشارك في مهرجان وهران السينمائي    صندوق مصر السيادي على طاولة "النواب" الأثنين المقبل    «العمل» تعلن عن 4774 وظيفة للشباب.. تعرف على التخصصات    خبيرة: مشروع رأس الحكمة أحدث استقرارا نقديا انعكس إيجابيا على مناخ الاستثمار    التضامن تسلم 801 وحدة سكنية للأبناء كريمي النسب في 12 محافظة    القوات الروسية تحرر بلدة جيلانوي فتورويي في جمهورية دونيتسك الشعبية    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    صفحات من المجد.. قراءة في كتب حرب أكتوبر    خلال 24 ساعة.. تحرير 534 مخالفة لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    الكنيسة الأرثوذكسية تهنئ الرئيس والمصريين بذكرى نصر أكتوبر    رئيس معهد التمريض بالتأمين الصحي في الشرقية: تكليف الطلبة بالعمل فور التخرج    إطلاق حملة لصيانة وتركيب كشافات الإنارة ب«الطاحونة» في أسيوط    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    «منظومة الشكاوى» تكشف عن الوزارات والمحافظات صاحبة النصيب الأكبر من الشكاوى    موشيه ديان يروى شهادته على حرب 73: مواقعنا الحصينة تحولت إلى فخاخ لجنودنا.. خسرنا كثيرا من الرجال ومواقع غالية    وزير التعليم العالي: لدينا 20 جامعة أهلية تتضمن 200 كلية و410 من البرامج البينية    ترشيدًا لاستهلاك الكهرباء.. تحرير 159 مخالفة للمحال التجارية خلال 24 ساعة    برلماني يحذر من مخاطر انتشار تطبيقات المراهنات: تسمح بقرصنة بيانات المستخدمين    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    فضل الصلاة على النبي محمد وأهميتها    لموظفي القطاع الخاص.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024    تخفيضات 10%.. بشرى سارة من التموين بشأن أسعار السلع بمناسبة ذكرى أكتوبر    فرد الأمن بواقعة أمام عاشور: ذهبت للأهلي لعقد الصلح.. واللاعب تكبر ولم يحضر (فيديو)    الولايات المتحدة تضرب 15 هدفًا للحوثيين في اليمن    شاهندة المغربي: استمتعت بأول قمة للسيدات.. وأتمنى قيادة مباراة الأهلي والزمالك للرجال    تقرير أمريكي: السنوار اتخذ مواقف أكثر تشددا.. وحماس لا ترغب في المفاوضات    إنتر ميلان يواجه تورينو اليوم في الدوري الإيطالي    حاول إنقاذه فغرقا معًا.. جهود مكثفة لانتشال جثماني طالبين بهاويس الخطاطبة بالمنوفية (أسماء)    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    رضا عبدالعال: كنت أتمنى انضمام سام مرسي للمنتخب الوطني    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم السبت 5 أكتوبر: اكتشف نفسك    إسلام عيسى: انتقالى لسيراميكا إعارة موسم منفصل عن صفقة أوجولا    بلومبيرغ: البنتاجون سينفق 1.2 مليار دولار على الأسلحة بعد هجمات إيران والحوثيين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأحداث الدامية بصورة مسرحية
نشر في المصريون يوم 06 - 12 - 2009


الزمن...... الأحد 3/7/1977م
الوقت...... الساعة الثانية صباحًا
يدق جرس باب الفيلا التي يقيم بها الشيخ محمد حسين الذهبي بمنطقة حلوان.. فيهرع نجله الدكتور مصطفى محمد حسين الذهبي إلى الباب... ويفتح الباب بعد أن يستطلع الأمر من شباك الفيلا فيجد أمامه سيارة "فيات 128" لونها "سمني" ويقف أمامها ثلاثة رجال أحدهم يرتدي الملابس الرسمية لضباط الشرطة.. برتبة رائد... فيقوم بفتح الباب ثم يسألهم عن سبب الحضور فتكون الإجابة بأنهم يريدون الشيخ الدكتور الذهبي وأن الذي يريده هو المقدم "علي" من مباحث أمن الدولة... وأنه يريده في "كلمتين" على حسب تعبيره إلا أن شقيقة "مصطفى" وهي ابنة الشيخ الذهبي "أسماء" تسرع إليه وتنفرد به جانبًا لتخبره بأنها شاهدت خارج الباب أشخاصًا مسلحين.. ولأن "مصطفى" كان قد فتح الباب فعلا واستقبل الزائرين فاضطر إلى أن يوقظ والده الشيخ الذهبي...
وهنا خرج إليهم الشيخ بملابس نومه البيضاء ثم رجاهم أن يمهلوه للصباح فرفضوا رفضًا شديدًا.. وهنا إنبرت "أسماء" ابنة الشيخ الذهبي وطالبت الزائرين بإبراز البطاقات الشخصية للتدليل على شخصياتهم فارتبكوا .. ونظرًا لأن "أسماء" تعمل بمديرية أمن القاهرة فقد أصرت على طلبها وأظهرت لهم أنها تشك فيهم لحداثة أعمارهم وقالت لهم إن جيرانهم من الضباط سوف يحضرون فورًا للتأكد من شخصياتهم وللتحقق منهم وهنا.. ازداد ارتباك الزائرين فأخرج أحدهم وهو الذي يرتدي الزي الرسمي مسدسًا بينما تدافع إلى حجرة الصالون أفراد آخرون ليكون عدد الموجودين داخل فيلا الشيخ الذهبي "خمسة من الزائرين".. وليضاف إليهم اثنان آخران وقفا عن الباب وأمسك أحد الزائرين بالشيخ الذهبي بينما أمسك الآخرون بالابنة والابن وفي ثوان معدودة خرج الزائرون بالشيخ الذهبي إلى خارج البيت ثم أدخلوه السيارة وانطلقوا فارين.
وكان الثلاثة أبطال الحادثة هم "أنور مأمون صقر" وهو الذي قام بدور المقدم "علي" من مباحث أمن الدولة..، و"أحمد طارق" وهو الذي كان يرتدي الزي الرسمي، و"محمد صقر" وهو الذي أمسك بالشيخ الذهبي واقتاده بالقوة إلى السيارة ويحمل هؤلاء الثلاثة أرقام "3 ، 4 ،5" في قرار الاتهام.
إلا أن الوقائع لم تنته عند هذا الحد فعلى مسرح الأحداث كانت سيارة أخرى تصاحب السيارة "الفيات" وكان هناك مجموعة أخرى لمساندة الخطة من على بعد.. أو لتغطية عملية الخطف.. إلا أن الأقدار جعلت من السيارة الثانية سببًا لكشف تفاصيل القضية.. ذلك أن من أتى للمساندة كان هو سبب كشف ومعرفة الفاعلين وفضح وقائع القضية تفصيلاً..
فقد كان من لزوم التغطية السرية أن تقف سيارة أخرى ماركة "مازدا" لمراقبة العملية.. فقط للمراقبة.. إلا أن بعض الجيران دفعهم الفضول إلى سؤال سائقها عن سبب وقوفه فادعى السائق أنه من مباحث أمن الدولة وأنه ومن معه قد حضروا للقبض على الشيخ الذهبي.. ويبدوا أن طريقة السائق في الإجابة عن السؤال لم تقنع الجيران من أصدقاء "مصطفى" نجل الشيخ الذهبي رحمه الله لاسيما وأن سائق السيارة المازدا ومن معه ابتعدوا عن السيارة لمسافة ليست يسيره كما كان من الواضح عليهم علامات الارتباك..
ومن هنا فقد قام الجيران بتفريغ إطارات السيارة "المازدا" من الهواء مما أعجزها عن الحركة.. وعند سماع صراخ ابنة الشيخ الذهبي "أسماء" كان من المفترض أن تفر السيارة "المازدا" بعد أن اطمأن راكبوها إلى تمام العملية.. إلا أن سائقها فوجئ بعجز السيارة عن الحركة كما فوجئ بجمع من الناس يمسكون به وينهالون عليه ضربًا.. ثم قام الجمهور بتفتيش السيارة فعثروا على رشاش ماركة "بورسعيد".... ثم استفسروا من السائق وهو في هذه الحالة من الخوف والضعف عن اسمه فكان اسمه "إبراهيم حجازي"... وهو المتهم المشار إليه في قرار الإحالة تحت رقم "11".
وبذلك يكون مجموع الخاطفين "تسعة" أفراد وقد وزعوا أنفسهم على سيارتين الأولى ماركة "فيات" والثانية ماركة "مازدا" خضراء اللون .
كانت هذه هي الخطة التي وضعها الخاطفون أو قل إن شئت وضعها شكري مصطفى... بالاشتراك مع أهل الشورى من جماعته ويأتي على رأسهم "أحمد طارق عبد العليم"...
إلا أن الخطة رغم بساطتها لم تقف على أقدام ثابتة... بل وأصابها التخبط عند التطبيق بل والخطأ الجسيم أحيانًا.. فمن الأخطاء الكبرى أن أحد المارة كان يمر مرور الكرام ولم يدر بخلده أن السيارة "الفيات" أو السيارة "المازدا" إلا مجرد سيارة لأهل مريض جاءوا للاستعانة بالدكتور "مصطفى الذهبي" نجل المرحوم الشيخ الذهبي.. إلا أن أحد الخاطفين من ركاب السيارة "المازدا" نزل من السيارة ليهدد هذا الرجل العابر في صورة أشبه بالأفلام السينمائية قائلا في صوت أجش "ياللا أمشي من هنا"...
وكانت هذه العبارة ذاتها هي التي دفعت الرجل إلى أن يتحول من عابر سبيل إلى شاهد رئيسي في قضية لن تتكرر في تاريخ العمل السياسي والاجتماعي مرة أخرى... بكل ما فيها من ضخامة أحداث ومن غرائب أفعال....
ترى ما الذي جعل هذا الذي يخطط لجريمة خطف وقتل أن يسارع بكشف نفسه أمام أحد المارة ويثير استغرابه بأن يشهر أمامه مسدسًا مهددًا إياه فيتحول الأول عند هذا العابر إلى فضول شديد جعله يرقب المنظر ويتابعه لتحدث المفاجأة... ويشاهد هذا الشاهد نفسه واسمه "جلال منير عبد الرؤوف" تفاصيل وقائع خطف الشيخ الذهبي رحمه الله ويشاهد عملية إدخاله من باب السيارة بملابس النوم والاستغاثات ثم يكون هو نفسه شاهد المحكمة الذي تعرف على كل من "أنور مأمون صقر"، و"أحمد طارق عبد العليم"، محمد السيد صقر، "إبراهيم حجازي".... وهذا الأخير يحمل رقم "11" في قائمة الاتهام كما سبق القول!!!!
وبالفعل تحول الرجل العابر إلى شاهد أساسي بالاشتراك مع أسرة الضحية طبعًا... ذلك أنه اصطحب الدكتور "مصطفى الذهبي" ومعه آخرين إلى السيارة "المازدا" والتي كان سائقها "إبراهيم حجازي" يصلح بها الإطارات.. ليمسكوا به ويقوم الجميع بتفتيش السيارة وليعثروا على الرشاش ماركة "بورسعيد" داخل السيارة "المازدا".
كان لزامًا علينا ونحن نستعرض أن نسأل عن مدى التواجد الأمني في الوقائع السابقة... وعن اللواء محمد نبوي إسماعيل وزير الداخلية وقتئذ.. وبالطبع فإننا لم نجد الشرطة على مسرح الأحداث إلا بعد الواقعة وبعد تمام جريمة الخطف وقيام الأهالي بضبط المتهم رقم 11 إبراهيم حجازي ليقوم الأهالي بتقديم القضية جاهزة إلى وزارة الداخلية.
وقد ذهب اللواء محمد فؤاد فريد إلى موقع الحادث بعد أن أبلغه الأهالي وأبلغوا معه كل الجهات الرسمية في الدولة... ليحضر مع اقتراب نور الصباح أو على حد شهادته أمام المحكمة بعد الجريمة بساعة... كما حضر قبله وزير الداخلية اللواء محمد نبوي إسماعيل... وإذا كان القارئ يعرف من هو اللواء محمد نبوي إسماعيل إلا أنه يجب أن يعرف أيضًا أن اللواء محمد فؤاد كان هو مفتش مباحث أمن الدولة بالقاهرة وقتئذ.
وقد كان من المتصور بعد أحداث قضية "الفنية العسكرية" التي شملها الجزء الأول من هذه الموسوعة أن يعيد الأمن المصري ترسيم عمله... والاهتمام بالموضوع الأمني وتحديث وسائل المتابعة.. إلا أن الجهل بالمعلومات كان هو السمة المشتركة بين قضية "الفنية العسكرية" التي سبق نشرها في الجزء الأول من هذه الموسوعة وقضية "التكفير والهجرة" وظهور الأمن بصورة "آخر من يعلم"... ولعل الفترة الواقعة بين ضبط الواقعة وبين عقد جلسات المحاكمة جعلت من اللواء محمد فؤاد فريد لواءً سابقًا بأمن الدولة في أيام معدودات...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.