ولد ألكسندر فلمنج عام 1881، وبعد تخرجه في المدرسة الطبية بلندن انشغل في دراسات التعقيم، وعندما التحق بالجيش في الحرب العالمية الأولى، كان مهتمًا بالجروح والعدوى، ولاحظ أن كثيرًا من المطهرات تؤذى خلايا الجسم أكثر مما تؤذيها الميكروبات نفسها، ولذلك أيقن أن الذي تحتاج إليه هو مادة تقضي على البكتيريا، وفي نفس الوقت لا تؤذي خلايا الجسم. في سنة 1922 بعد نهاية الحرب، ذهب إلى معمله يستكمل دراساته واهتدى إلى مادة أطلق عليها اسم "ليسوزيم"، هذه المادة يفرزها الجسم الإنساني، وهي خليط من اللعاب والدموع، ولا تؤذي خلايا الجسم، وفي الوقت نفسه تقضي على بعض الميكروبات، ولكن مع الأسف لا تقضي على الميكروبات الضارة بالإنسان، وعلى الرغم من طرافة هذا الاكتشاف فإنه لم يكن شيئًا عظيمًا. أما اكتشافه العظيم فكان في سنة 1928، حين تعرضت إحدى مزارع البكتريا للهواء وتسممت، ولاحظ فلمنج أن البكتريا تذوب حول الفطريات في المزرعة التي أعدها في المعمل، واستنتج من ذلك أن البكتريا تفرز مادة حول الفطريات، وأن هذه المادة قاتلة للبكتريا العنقودية، وهذه المادة أطلق عليها اسم "البنسلين" أي العقار المستخلص من العفونة، وهى ليست سامة للإنسان أو الحيوان. نشرت نتائج أبحاث فلمنج سنة 1922، ولم تلفت النظر أول الأمر، ثم أعلن فلمنج أن هذا الاكتشاف من الممكن أن تكون له فوائد طبية خطيرة، لكنه لم يستطع أن يبتكر طريقة لاستخلاص هذه المادة أو تنقيتها، وظل هذا العقار السحري عشر سنوات دون أن يستفيد منه أحد، وأخيرًا في سنة 1930، قرأ اثنان من الباحثين البريطانيين هما هوارد فلوري وأرنست تشين ما كتبه فلمنج عن اكتشافه الخطير، وأعاد الاثنان نفس التجارب، وجربا هذه المادة على حيوانات المعمل. وفي سنة 1941 استخدما البنسلين على المرضى، وأثبتت تجاربهما أن هذا العقار الجديد في غاية الأهمية، وبمساعدة من حكومتي الولاياتالمتحدة وبريطانيا، تسابقت الشركات الطبية على استخلاص مادة البنسلين بكميات ضخمة، وتوصلت هذه الشركات إلى طرق أسهل لاستخلاص المادة السحرية وإنتاج كميات هائلة وطرحها في الأسواق. واستخدم البنسلين أول الأمر لعلاج مرضى الحرب، وفي سنة 1944 أصبح في متناول المدنيين في بريطانيا وأمريكا، وعندما انتهت الحرب العالمية الثانية سنة 1945 أصبح البنسلين في خدمة الجميع. أدى اكتشاف البنسلين إلى استخدام كثير من المضادات الحيوية، لكن لا يزال البنسلين هو أكثر هذه العقاقير انتشارًا حتى يومنا هذا، وترجع أهميته في أنه ما زال حتى الآن يستخدم لأغراض طبية كثيرة، فيستخدم في علاج الزهري، والسيلان، والحمى القرمزية، والدفتريا، والتهابات المفاصل، والالتهاب الرئوي، وتسمم الدم، وأمراض العظام، والسل، والغرغرينة، وغيرها. حصل فلمنج على جائزة نوبل في الطب عام 1945، وتوفي في مثل هذا اليوم عام 1955 إثر جلطة بالقلب.