صحيفة عبرية: اغتيال هاشم صفي الدين    سيراميكا يكشف كواليس استدعاء الأهلي للتحقيق مع أحمد القندوسي    وظائف هيئة الرقابة النووية والإشعاعية 2024.. تعرف على التخصصات    البابا تواضروس الثاني يلتقي مديري المستشفيات الكنسية بالقاهرة    «الحصاد الأسبوعي».. نشاط مكثف لوزارة الأوقاف دعويًّا واجتماعيًّا..    فتح باب الترشح لانتخاب التجديد النصفي لنقابة الصحفيين في الإسكندرية    تراجع أسعار الذهب عقب إعلان بيانات الوظائف الأمريكية    عمرو أديب: "رأس الحكمة" استثمار واعد يستهدف جذب أكثر من 8 ملايين سائح سنويًا    منسق «حياة كريمة» بالقاهرة: إقبال كبير من المواطنين على منافذ بيع اللحوم    كورسات في اللغة الإنجليزية من الجامعة الأمريكية لذوي الهمم.. اعرف المواعيد    حقيقة إلغاء الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية.. التعليم تحسم الجدل    القوات الروسية تقضي على 80 عسكريا أوكرانيا وتدمر 17 آلية في مقاطعة "سومي"    تصاعد النزوح في لبنان وسط القصف الإسرائيلي واستنفاد قدرات مراكز الإيواء    "تعليم دمياط" تشارك في "بداية " ب ورش وندوات لتنمية مهارات الطلاب    قطر يتعرض للهزيمة من الأهلي في غياب أحمد عبد القادر    مجدي عبد الغني: الزمالك لديه الحق في "التحفيل".. كهربا تراجع مستواه وهناك لاعبون يدخنون "الشيشة"    بليغ أبوعايد: فوز الأهلي على برشلونة إنجاز عظيم للرياضة المصرية    الإسماعيلي يسعى لاستعادة أحمد محسن وسط أزمة القيد    أجواء معتدلة وسحب منخفضة.. الأرصاد تعلق تفاصيل طقس السبت بدرجات الحرارة    ضبط 3000 عبوة مواد غذائية منتهية الصلاحية في كفر الشيخ    تفاصيل الحلقة الأولى من «أسوياء» مع مصطفى حسني    تكريم سهر الصايغ ورانيا محمود ياسين وخالد سرحان بمهرجان الإسكندرية السينمائي    بعد حلقة الدحيح.. ما قصة صدور حكم بإعدام أم كلثوم؟    «حياته هتتغير 90%».. برج فلكي يحالفه الحظ خلال الأيام المقبلة    الفنانة الفرنسية ماريان بورجو: «محمود حميدة عملاق وأنا من جمهوره»    خالد حماد: فيلم «معالي الوزير» أصعب عمل قدمت به موسيقى تصويرية    «قصور الثقافة»: مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية أكبر من فكرة رقص    قصة أهل الكهف.. رحلة الإيمان والغموض عبر الزمن    تدريب الأطباء الشباب وتعزيز التقنيات التداخلية، توصيات المؤتمر الدولي لجراحة الأوعية الدموية بجامعة المنصورة    حملة «100 يوم صحة» تقدم 3.6 مليون خدمة طبية في سوهاج منذ انطلاقها    من هو أفضل كابتن للجولة السابعة من فانتازي الدوري الإنجليزي؟    اعتداء وظلم.. أمين الفتوى يوضح حكم غسل الأعضاء أكثر من ثلاث مرات في الوضوء    اختلفت المناطق والأدوار وتشابهت النهايات.. سر جثتين في عين شمس وحلوان    حدث في 8 ساعات| إطلاق مشروع رأس الحكمة التنموي.. ورصد أكبر انفجار شمسي    "السبب غلاية شاي".. إحالة موظفين بمستشفى التوليد فى مطروح للتحقيق -صور    طريقة سهلة لتحضير بسكويت الزبدة بالنشا لنتيجة مثالية    الطب البيطري بدمياط: ضبط 88 كيلو لحوم مذبوحة خارج المجازر الحكومية    مستوطنان إسرائيليان يقتحمان المسجد الأقصى ويؤديان طقوسا تلمودية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عسكريين اثنين في معارك جنوب لبنان    شركات عالمية ومصرية وإماراتية.. تفاصيل إطلاق شراكة لتعزيز الابتكار في المركبات الكهربائية الذكية    أعضاء حزب العدل في المحافظات يتوافدون للتصويت في انتخابات الهيئة العليا    المرصد العربي يناقش إطلاق مؤتمرًا سنويًا وجائزة عربية في مجال حقوق الإنسان    واعظ بالأزهر: الله ذم الإسراف والتبذير في كثير من آيات القرآن الكريم    مصرع «طالب» غرقا في نهر النيل بالمنيا    مصرع شاب وإصابة آخر في حادث تصادم بالغربية    وزير الاتصالات يلتقي مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للتكنولوجيا    جيفرسون كوستا: أسعى لحجز مكان مع الفريق الأول للزمالك.. والتأقلم في مصر سهل    قناة السويس تكشف حقيقة بيع مبنى القبة التاريخي    الأنبا توماس يستقبل رئيس وزراء مقاطعة بافاريا الألمانية    منظمة الصحة العالمية تحذر من خطر انتشار فيروس ماربورغ القاتل    سليمان: زيزو أيقونة زملكاوية.. وبنتايك مثقف جدا    أذكار يوم الجمعة.. كلمات مستحبة احرص على ترديدها في هذا اليوم    السيطرة على حريق بخط غاز زاوية الناعورة بالمنوفية    الإسكان: إزالة مخالفات بناء وظواهر عشوائية بمدن جديدة - صور    جيش الاحتلال يصدر أوامر إخلاء عاجلة لسكان 20 قرية في جنوب لبنان    «وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ».. موضوع خطبة الجمعة اليوم    هيئة الأرصاد تكشف عن موعد بدء فصل الشتاء 2024 (فيديو)    حقيقة اغتيال هاشم صفي الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خسارة ما تمت!!
نشر في المصريون يوم 22 - 11 - 2009

ما حدث في "أم درمان" من اعتداءات قام بها مشجعون جزائريون استخدموا فيها الأسلحة البيضاء ضد المشجعين المصريين، وإجبار الفتيات المصريات بالقوة على خلع "التي شيرتات" التي تكشف عن هويتهن المصرية، أثار في حلقي مرارة وشعورًا بالغثيان كغيري من المصريين، وجعلني أحمد الله– الذي لا يحمد على مكروه سواه- على خسارة مصر للمباراة الحاسمة أمام الجزائر، وتأهل الأخيرة على حسابها إلى مونديال 2010 بجنوب أفريقيا.
فالمؤشرات كانت تنبئ بما هو أسوأ في حال فوز مصر، بعد الاعتداءات على المصريين في الجزائر عقب مباراة القاهرة، لذا عندما أطلق الحكم صافرة نهاية المباراة بفوز الجزائر سرى بداخلي شعور بالهدوء والسكينة لم أعهده لنفسي في مثل هذه المواقف، بعد أن انتهت المباراة على خير دون ما يعكرها داخل الملعب، لكنها "فرحة!!" لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما تناقلت الأنباء الاعتداءات الجزائرية ضد المصريين، وكأن الفوز وحده لم يكن كافيًا لإشعارهم لذة النصر، بل ممارسة الترهيب والتخويف جزءًا من هذا الشعور.
حتى هنا في "المصريون" نالنا الأذى بشكل غير مفهوم من جزائريين قبل وبعد المباراة، فقد تلقينا مكالمات هاتفية تحمل السباب لآبائنا وأمهاتنا، رغم ردودنا بأدب على جميع المتصلين، ومحاولة التوضيح لهم أنها في النهاية مباراة كرة قدم، وأنه أيًا كان الفائز فهو عربي في النهاية، لكن هيهات إنه التعصب.. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حذر من العصبية القبلية بقوله: "دعوها فإنها منتنة".
ذلك يدعوني إلى التساؤل: ما الذي يجعل تلك الجماهير المتعصبة تقدم على ارتكاب هذه الأفعال المشينة البعيدة كل البعد عن الأخلاق، حتى لو كان الدافع والمحرك لها الانتقام أو الثأر من المصريين، فكان يكفيهم تحقيق الفوز ليعيشوا أجواء الفرحة والتأهل للمونديال بعد غياب دام 24 عامًا، لا خوض حرب شوارع مدججين فيها بالأسلحة البيضاء ومطاردة المشجعين المصريين في حافلاتهم وتعريض أرواحهم للخطر.
الأخطر هنا ما يؤكده البعض من أن تلك الأحداث لم تكن عفوية أو عرضية، بل جرى التخطيط لها بعناية، وأن هؤلاء المشجعين ليسوا في حقيقة الأمر سوى قوات جزائرية أو سجناء جزائريين تم الإفراج عنهم وشحنهم على طائرات حربية إلى الخرطوم، وإن كنت لا أميل كثيرًا إلى التسليم بنظرية المؤامرة في تحليلي للأمور بصفة عامة، ما يجعلني لا أجزم بصحة ذلك بسهولة.
غير أن ما وقع من اعتداءات همجية وبربرية لم نألفها حتى من الجماهير الأوروبية المعروفة بتعصبها وسلوكياتها اللا أخلاقية تحت تأثير الخمور والمخدرات يطرح تساؤلات حول أسباب الاحتقان وتحول الرياضة من أداة لإصلاح ذات البين إلى إشعال الفتنة وإفساد العلاقة بين بلدين شقيقين يرتبطان بعلاقات تاريخية يعلمها القاصي والداني، كانت تمثل نموذجًا لعلاقات التآخي والمحبة.
فما حدث في "موقعة" أم درمان كان ثمرة شحن إعلامي غير مسبوق ضرب بعرض الحائط كافة القواعد المهنية من قبل تجار "الشنطة" والمزايدين في كلا البلدين، فإذا كانت "الشروق" وأخواتها من الصحف الجزائرية لعبت دور مشعل الحرائق وأثارت أجواءً من الكراهية ضد المصريين، ففي المقابل كان "الجوقة" في الفضائيات المصرية ينعقون كما الغربان، وهم يؤججون نار الفتنة ويشحنون الجماهير وكأن مصر مُقبلة على موقعة حربية لا تقبل فيها بغير النصر بديلاً.
لقد كان بحق اختبارًا فشل فيه الجميع، بعد أن تحولت الصحف والفضائيات إلى منابر تحريضية وساحات "للردح" وإبراز المهارات في الحط من قدر الآخر، دون أن يدرك هؤلاء الذين كانوا يدقون طبول الحرب وينفخون في النار خطورة أفعالهم الطفولية، وذلك حينما تحدث البعض بسخرية عن الشهداء الجزائريين في حرب الاستقلال، وحين رمت الصحف الجزائرية المصريين بأنهم صهاينة.
لقد شاهدت بنفسي أطفالاً صغارًا في أيديهم حجارة وهم يجرون وراء "توك توك" كان يحمل علم فلسطين لقذفه بالحجارة ظنًا منهم أنه علم الجزائر، مثلما شاهدت العلم المصري وهو يداس تحت أقدام الجزائريين، وسمعت استغاثات المصريين في الجزائر لإنقاذهم من عنف المتعصبين... ساعتها قلت لنفسي سامح الله المسئولين في مصر والجزائر الذين تخلوا عن موقع القيادة وانتقلوا إلى مدرجات الجماهير، ولولا "الكسوف" لنزلوا إلى أرض الملعب بدلاً من اللاعبين.
فقد غاب صوت العقل في وقت كنا أحوج ما نكون فيه إلى من يدعو لوقف هذه الملهاة العبثية وإطلاق مبادرات من أعلى المستويات لاحتواء العنف في التصريحات المتبادلة، وإطفاء جذوة الفتنة في مهدها قبل أن تلتهم نيرانها الجميع، لكن على العكس بدت هناك حالة من الرضا تجاه احتدام الصراع ووصوله هذا المنحى الخطر، فلم نسمع عن مبادرة من هذا الرئيس أو ذاك لحقن الدماء، كأن يبادرا على سبيل المثال بحضور المباراة معًا، أو أن يصدرا بيانين رئاسيين يدينان فيه الخطاب التحريضي، وحملات الهجوم المتبادل، غير أن شيئًا من هذا لم يحدث، ولا عزاء للمتباكين على الأخوة والعروبة.
فالكل كان يتأهب لحصد الإنجاز والتغني بالأمجاد، ففي مصر زار الرئيس مبارك ونجلاه علاء وجمال لاعبي المنتخب قبل مباراة القاهرة، وإن كانت ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الرئيس ونجلاه حرصهم على مؤازرة المنتخب في المباريات الهامة، حتى في الأوقات التي كانت تبكي فيها قلوب المصريون حرقة لغرق أكثر من ألف مصري في كارثة العبارة عام 2006.
لكن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، خاصة إذا ما وضعنا ذلك في سياق التطورات المقبلة عليها مصر خلال العامين القادمين، والربط بينها وبين حالة التشنج الإعلامي قبل وبعد المباراة، كما كان ملاحظًا أن الفضائيات المصرية التي اقتطعت من بثها ساعات طويلة لمتابعة تداعيات "موقعة" أم درمان تبارت في الدفاع عن نجلي الرئيس، والإشادة كثيرًا بدوريهما في تأمين البعثة المصرية، ولم ينس في ذروة ذلك الإشارة إلى الجهود "الجبارة" للرجل الهمام أحمد عز في الحفاظ على أرواح المصريين بالسودان، خاصة وأن الانتخابات البرلمانية اقتربت وهناك من يسعى لضمان ترشيح الحزب للحفاظ على مقعده، بعدما استشعر اهتزاز الكرسي تحته!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.