أكد الدكتور محمد القياس - خبير الطاقة الشمسية - أن قرار الرئيس بإنشاء محطة شمسية فى أسوان إهدار للمال العام، لأنه تم دون دراسات دقيقة، من حيث إنه حدد نوع التكنولوجيا المستخدمة من دون أن يكون اختيارها على أساس علمى بحت، وعدم مراعاة الخصائص المصرية فالخلايا الفوتوفلطية وتحديدًا فى أسوان سوف يجعل كفاءة المحطات قليلة جدًا وعمرها الافتراضى أقل بكثير، وذلك لارتفاع درجة الحرارة هناك. موضحًا أن المحطات الشمسية إذا تمت وفق الخصائص الشمسية فى مصر فسوف تقضى على عجز الكهرباء خلال ثلاثة أعوام وسيكون سعر وات الكهرباء فى مصر بنصف أسعارها فى أوروبا. لافتًا إلى أن الدولة خسرت مليون دولار فى مشروع الكريمات، مؤكدًا أن الخلايا الفوتوفلطية ستدمر محطة أسوان الشمسية، وستجعل المشروع يفشل كما فشل مشروع الكريمات. وإلى نص الحوار ** في البداية.. هل تعتقد أن الطاقة الشمسية يمكنها أن تحقق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء؟ بالطبع.. فمحطة الطاقة الشمسية الحرارية يمكن أن تصل إلى 400 ميجاوات، وهذا الرقم يعتبر محطة متوسطة، حيث إن المحطة الكبيرة تصل قدرتها إلى 1000 ميجاوات سواء كانت غازية أو مازوتية أو نووية، لذلك لا يمكن القول بأن المحطات الشمسية الحرارية ذات قدرات ضعيفة، حيث إنها يمكن أن تغطى الاحتياجات ويمكن تكرارها كوحدات متعددة وربطها بالشبكة الكهربية، فبناء المحطات الشمسية لا يأخذ وقتًا طويلًا، حيث يتراوح زمن البناء من عام و نصف إلى ثلاثة أعوام حسب حجم المحطة، فإذا كانت المحطات الشمسية الحرارية هي خيار استراتيجي، فيمكن بناء عدة محطات بالقدرات التي تحتاجها الدولة ولن يزيد زمن البناء على ثلاثة أعوام. ** الخبراء يؤكدون أن الطاقة الشمسية مرتفعة الثمن؟ الجميع يعلم أن السعر يدخل به تكلفة الإنشاء والعمالة والتشغيل والصيانة والوقود على مدى عمر المحطة، ومن ثم تكون التكلفة الكلية للمحطة على طول عمرها الافتراضي، وهكذا تكون الطاقة الشمسية هي الأقل تكلفة، وقد قمت بدراسة مقارنة بين المحطات الأسبانية، وما إذا قمنا ببنائها في جنوب مصر، وكانت نتيجة هذه الدراسة أنة بعد تعديل طفيف في تصميم المحطة لتناسب الخصائص الشمسية لمصر، كانت كفاءة المحطة أعلى وقدرة إنتاجها أكبر وسعر الكيلوات ساعة أقل من نصف سعر إنتاجها في أسبانيا، فكان سعر الكيلووات ساعة في أسبانيا حوالي 23 سنتًا من الدولار بينما يصل في مصر إلى 10 سنت فقط، وسوف تقل هذه التكلفة كلما زادت الخبرات المصرية في بناء وتشغيل هذا النوع من المحطات. ** وهذا يعد إهدارًا للأراضي؟ هذا غير صحيح.. فالمشروع يتم إنشاؤه في الصحراء، فمن شروط اختيار موقع ليكون محطة للطاقة الشمسية أن يكون في الصحراء، لتوفر المناخ الجاف والشمس الساطعة، وارتفاع درجات الحرارة العالية، بالإضافة أنه يفضل أن يكون موقعًا صخريًا لا يصلح للزراعة. ** وكيف يقوم عمال الصيانة بتنظيف المساحات الشاسعة من المرايا في الصحراء؟ في الأماكن التي بها نسب تلوث مثل محطة الكريمات تستخدم المحطة حوالي 30 متر مكعب من المياه كل يومين، وهذه النسبة تقل كثيرًا في المناطق الصخرية بالصحراء التي تكون جافة وغير ملوثة وقليلة الرمال، كما أن هناك من التكنولوجيات الجديدة التي يمكن لمصر البدء فيها كأبحاث مثل أنواع الزجاج الذي لا يتلوث، وتكنولوجيا تنظيف الزجاج بطريقة التأين. ** يعيب الخبراء على الطاقة الشمسية أنها ليس لديها القدرة على تشغيل المصانع أو المنشآت الضخمة؟ هذا الكلام خاطئ يروج له من ليس لديه معرفة بمحطات الطاقة الشمسية الحرارية، فهذا النوع من المحطات ينتج الكهرباء من نفس نوع التوربينات البخارية والمولدات الكهربية المنتجة للكهرباء في المحطات الأخرى، ويتم ربط إنتاج الكهرباء على شبكة الكهرباء المحلية، ويمكن تصدير الكهرباء إلى دول أوروبا أو دول الشبكة الموحدة، فكيف يمكن القول بأن إنتاج الكهرباء من هذه المحطات لا يمكن أن يغذي احتياجات ضخمة مثل مصانع أسمنت أو مصانع حديد. ** ومع ذلك المحطات الشمسية لا تستطيع إنتاج الكهرباء ليلًا؟ في المحطات الشمسية الحرارية يتم تسخين أملاح من الصوديوم والبوتاسيوم إلى درجات حرارة عالية وتستخدم هذه الأملاح في تبخير المياه إلى درجة التحميص، ثم يخزن الفائض من الأملاح الساخنة حسب تصميم المحطة في خزانات حرارية معزولة تستخدم في إنتاج الكهرباء لتغطي الاحتياج ليلًا، وبهذا تعمل المحطة لمدة 24 ساعة كاملة، كما أن المحطات الشمسية الحرارية يمكن أن تعمل بهذا المخزون الحراري لترفع إنتاجها أو تخفضه حسب الحمل الكهربي المطلوب. ** ولكن الحكومة فشلت في تجربة الطاقة الشمسية كما حدث في الكريمات علي سبيل المثال؟ الكريمات قضية أخرى فالمحطة بقدرة 20 ميجاوات وتكلفت 100 مليون دولار، وهذه تكلفة كبيرة جدًا لمحطة شمسية، بالإضافة إلى اختيار الموقع كان غير موفق على الإطلاق، فهي تقع جنوب حلوان أكثر المناطق تلوثًا في العالم ونسبة رطوبة عالية ورمال كثيفة، كما أنها لا تعمل في الشتاء لوجود سحب، وهذا يؤدي إلى قلة كمية الإشعاع الشمسي الساقط على المرايا نتيجة التلوث والرطوبة العالية، فهي من أنواع المحطات باربوليك تروف، وهي في شكلها المبسط عبارة عن شكل مواسير من المرايا تشكل قطع مكافئ يعكس الشمس في شكل خط على ماسورة بها زيت، وهذا النوع يستخدم لرفع قدرة المحطات البخارية ولا يمكن استخدامه منفردًا في إنتاج الكهرباء، لأنه يرفع درجة الحرارة إلى ما يقرب من 400 درجة مئوية، وهذا لا يكفي لإنتاج الكهرباء فيستخدم معها وقود لرفع درجة الحرارة إلى 525 على الأقل، لكنه إذا تم إنشاء محطة شمسية حرارية ذات برج مركزي بنفس التكلفة 100 مليون دولار فستكون محطة ذات قدرة مضاعفة وتنتج الكهرباء 24 ساعة يوميًا. ** معنى هذا أن محطات البرج المركزى تعتبر الأفضل للأجواء المصرية؟ هذا صحيح.. محطة باور تور أو محطات البرج المركزي، هذا النوع من المحطات يركز أشعة الشمس لتصل إلى أي درجة حرارة مطلوبة، وأثبتت الدراسات أن المحطات الشمسية الحرارية أعلى كفاءة من مثيلاتها في العالم، كما أنها أقل تكلفة بحوالي 60% في سعر إنتاج الكهرباء من مثيلاتها في أوروبا، وعلى ذلك فإن التكنولوجيا الشمسية الحرارية هي البديل الأساسي والفعال، حيث إنها ذات كفاءة عالية وفعالة، لأنه يتكون من مجموعة من المرايا المستوية على حوامل حديدية ومجموعة مواتير ووحدة تحكم تسمى بالعاكس الشمسي، وهذه المحطة تتكون من مئات إلى آلاف من العواكس الشمسية التي تعكس الشمس في نقطة واحدة تصل درجة حرارتها إلى أي درجة مطلوبة، وهذا النوع مثالي للبناء في جنوب مصر، كما أن هذا النوع من المحطات يستخدم الأملاح لتخزين الحرارة لينتج الكهرباء منفردًا كمحطة مستقلة طوال اليوم. ** وهذا يؤكد على أن الجنوب هو الموقع الأفضل لإنشاء محطات الطاقة الشمسية؟ جنوب مصر وكل ما يحيط بمحافظة أسوان به أعلى شدة سطوع شمسي في العالم وأكبر مدة سطوع شمسي أيضًا، كما يتميز بجفاف المناخ وعدم وجود سحب وانعدام التلوث وارتفاع عن مستوى سطح البحر، فالثلث الجنوبي يعتبر ثاني أكثر الأماكن سطوعًا في العالم بعد جنوب أمريكا في ولاية أريزونا ونيفادا وتكساس. ** القرار الجمهوري بتخصيص مساحة أرض لمحطات شمسية في أسوان بتكنولوجيا الفوتوفلطية...؟ مقاطعًا.. قرار الرئيس محمد مرسي بتخصيص مساحات مملوكة للدولة لبناء محطات شمسية بتكنولوجيا الفوتوفلطية، بمساحة تبلغ 3621.2 فدان ناحية قرية فارس، مركز كوم أمبو، محافظة أسوان، هذا القرار في مجملة ممتاز في التوجه نحو الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء، ولكني أتعجب من صدور قرار بإنشاء محطات شمسية وتحديد التكنولوجيا المستخدمة في نفس القرار بدون دراسات إطلاقًا، فالدكتور محمد مرسي هو دكتور في الهندسة الميكانيكية، ولذلك كان يجب مراعاة أن يكون اختيار التكنولوجيا المستخدمة على أساس علمي بحت، فالخلايا الفوتوفلطية وتحديدًا في أسوان سوف يجعل كفاءة المحطات قليلة جدًا وعمرها الافتراضي أقل بكثير، وذلك لارتفاع درجة الحرارة هناك. ** لماذا؟ هناك تجارب تمت في معهد الطاقة بأسوان أثبتت أن كل ارتفاع في درجة الحرارة درجة واحدة مئوية عن 25 درجة مئوية تقلل كفاءة الخلية الفوتوفلطية نصف فالمائة، كما أن ارتفاع درجة الحرارة يؤثر على العمر الافتراضي لها، لأنها تتعرض لإجهاد حراري فيحدث لها شروخ وكسور خلال عامين في أسوان تحديدًا، بالإضافة إلى أنها تنتج كهرباء من نوع التيار المستمر (DC) هذا يتطلب أن تكون الأجهزة المستهلكة تعمل بالتيار المستمر أو أن يتم استخدام محول كهربي لاستخدامات الأجهزة ذات التيار المتقطع (AC)، كما أنها بنظام تخزين البطاريات الكبيرة وهذه البطاريات مكلفة جدًا، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر إنتاج الكيلوات ساعة الناتج منها، ولا ننسى أيضًا أنها تستهلك مساحة كبيرة من الأرض يمكن أن نستخدمها في تكنولوجيا شمسية حرارية تنتج كمية كهرباء أكبر وأقل سعرًا وذات عمر افتراضي أكبر، بالإضافة إلى أن هذا النوع من التكنولوجيا تستورد كاملة كخلايا، ولا يمكن إنتاجها في مصر على المدى القريب فتكون التكلفة كبيرة جدًا. ** القرار يخالف الدراسات العلمية مما يؤدي إلى إهدار أموال دون جدوى؟ المكان المخصص لهذه المحطات بجوار المحطات الشمسية المزمع بناؤها في كوم أمبو، تم لها دراسات وافية أسفرت عن أن التكنولوجيا المناسبة لهذه المنطقة هي الشمسية الحرارية، فكيف بالقرار يخالف هذه الدراسات بعمل المحطات بتكنولوجيا فوتوفلطية سوف تهدر المال المخصص للمحطة في هذا المكان كعمر افتراضي وكفاءة، وعلى هذا الأساس يجب أن تكون المحطات التي تبنى في أسوان محطات شمسية حرارية هي محطات ذات كفاءة أعلى وتخزن الطاقة على شكل حرارة في تانكات أملاح مما يجعلها ذات كفاءة تخزين عالية ورخيصة السعر.