الاشتباكات التي جرت في الدقهليةوالفيوموالإسماعيلية بين المواطنين والموظفين من جانب وبين دعاة العصيان المدني من جانب آخر، إنذار خطير بما يمكن أن تتطور إليه الأمور إذا استمرت الدولة في تخليها عن دورها بدعوى الاحتكام للقانون فقط كما قال الدكتور محمد مرسي في حواره التليفزيوني فجر الاثنين. هناك خيط رفيع بين حزم الدولة لمنع البلطجة وبين إخضاعهم للقانون العادي، والواضح أن الرئاسة عاجزة عن تجاوز هذا الخيط، فإما أن تقطعه وإما أن تترك البلطجية يمرحون ويعذبون خلق الله بقطع الطرق وتعطيل المصالح، ومن تنجح الأجهزة الأمنية في القبض عليه، تفرج عنه النيابة لعدم كفاية الأدلة. سيجد الناس أنفسهم مضطرين للدفاع بأيديهم عن وظائفهم ومقار عملهم، وستنفجر تبعًا لذلك موجات عنيفة من الاحتراب الأهلي الذي ظللنا نحذر منه طويلًا، خصوصًا أن بعض وسائل الإعلام تنفخ في النار وتصور للمتظاهرين أن مجهولين هم من يمنعونهم من فرض العصيان على الموظفين، وتركز على أنهم "ملتحون" حتى تزيد الاحتقان بين طوائف المجتمع ورغبات الثأر. ما رواه شهود العيان يخالف تلك الصورة ويتلخص في أن الموظفين في ديوان محافظة الدقهلية وكذلك في الفيوم تمسكوا بدخول مكاتبهم ورفضوا الانصياع لدعاة الاعتصام، والشيء نفسه في الإسماعيلية حين قطع البلطجية خط السكك الحديدية لمنع القطارات، فهاجمهم المسافرون بمساعدة أهالي المدينة. الدولة برئاسة مرسي تلعب بنار ستحرق الوطن بتراخيها عن الحزم المطلوب وغض الطرف عن التحريض على العنف الذي يجب معاملته بجريمة المنفذ له خصوصًا أن أدلته واضحة كالشمس. الحكومة المستمتعة في ظل رضا الرئيس مرسي عنها ورفضه لوصمها بالفشل، ستستيقظ ذات يوم على أرض محروقة ومنهوبة وحياة متوقفة تمامًا، لأن الناس لن تتمسك بالكنبة طويلًا وستهب للدفاع عن مصالحها وأمنها وحقها في حياة طبيعية. الاحتراب العنيف بين المتظاهرين والمواطنين في الدقهلية قد يمتد إلى ميدان التحرير وإلى كل مكان في مصر، فهل تكف الحكومة عن الفرجة والاستمتاع فتخرج من برجها العاجي؟.. وهل يملك هشام قنديل شجاعة وحكمة حمادي الجبالي رئيس وزراء تونس السابق الذي قدم استقالته بعد فشله في إعادة الأمن ورفض دعوته لتشكيل حكومة كفاءات؟! [email protected]