استشاطت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل غضبا، لأن عاطف عدوان وزير شؤون اللاجئين في حكومة حماس الفلسطينية، استطاع من خلال حصوله على تأشيرة شنقن الأوروبية، أن يدخل الجنة الألمانية وأن يطأ بإرهابه فوق التراب الألماني. لكن السيدة المستشارة بكل ما تمثله من حضارة ومدنية، وتتشدق به من ديموقراطية وتدعو اليه من حقوق للإنسان واحترام الآدمية، وما تصرح به من استنكار لضحايا الهولوكوست والنازية، لم تغضب يوما ما للمجازر الصهيونية اليومية على الأراضي الفلسطينية، ولم تستنكر تدمير البيوت على رؤوس أصحابها واجتثاث المزارع وتفجير المصانع، ولربما لم تسمع أبدا عن حصار وإذلال الشعب الفلسطيني واحتلال المزيد من أرضه، وفرق الاغتيال والموت الإسرائيلية التي تغتال شبابه وقياداته، وتعيث فسادا في مدنه ومخيماته. * * * لم تسمع السيدة المستشارة أبدا عن أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في مخيمات الشتات، وأشنع أحوال المذلة والفاقة لأكثر من 58 عاما، ولعلها لا تدري مطلقا أن كل ذلك قد تم بالبلايين التي قدمتها بلادها المانيا للاستيطان الصهيوني لفلسطين، بدعوى تعويضات ضحايا الهولوكوست، وبالأسلحة الألمانية الفتاكة التي تتسلح بها القوات الصهيونية من دبابات وغواصات، ولذلك لم تفكر المستشارة الألمانية الموقرة في أن تستنكر ذلك أو تدينه أو على أقل تقدير تغضب لحدوثه، كما غضبت لتمكن وزير فلسطيني من حماس من دخول المانيا، وهو أمر فظيع ومؤسف حتى وإن كان قد تم بالطرق القانونية. يتساءل المرء دائما، عما إذا كان هؤلاء القادة، قادة المدنية والحضارة وفي مقدمتهم السيدة مستشارة المانيا وحليفها الجديد الرئيس بوش، يؤمنون حقا بذرة من العدالة وحقوق الإنسان، أو يحترمون سيادة القانون وحق تقرير المصير للناس أجمعين، أو يعتقدون فعلا بضرورة سيادة القانون، واحترام الشرعية الدولية؟! أم أن كل ذلك حلال للبشر أجمعين إلا الفلسطينيين، وحق مطلق لكل الخلائق باستثناء ضحايا إجرام الصهاينة وإرهاب إسرائيل!؟ * * * ليس من المعقول ولا المتصور أن تسمح السيدة المستشارة ميركل لأحد مهما كان، أن يقدم على تجويع كلبها المدلل، أو حتى كلاب مواطنيها الألمان، أو أن يحرمه من الدواء الذي يحتاجه لعلاجه، فضلا أن يقوم بتعذيبه بأشنع طرائق التعذيب حتى الموت، فلماذا لم تغضب السيدة المستشارة لحصار الشعب الفلسطيني وتجويعه وإذلاله، بل سارعت حكومتها للمشاركة في هذا الحصار والتجويع؟! لماذا لا تغضب المستشارة الموقرة للتعذيب الوحشي الذي يتعرض له آلاف الأسرى والأسيرات الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية؟! ألا يستحقون في نظرها من الحماية والرعاية والحقوق، ما تستحقه الكلاب والحيوانات في بلدها العظيم، الذي غضبت أشد الغضب حين دخله ووطئ أرضه وزير فلسطيني من حماس؟! ان السيدة المستشارة تعلم تماما أن أشنع ما يمكن أن يرتكبه المرء، خاصة السياسيين، هو ازدواجية المعايير والسلوك، لأنه يُفقد المرء مصداقيته ويشكك في آدميته، فكيف إذا كان ذلك على مستوى الزعماء والقادة، وحين يتعلق الأمر بأعظم القيم والمثل كالحرية والعدالة والمساواة، وحقوق الأنسان وسيادة القانون، وكل ذلك قد داسه الغرب إرضاء للصهيونيين!؟ قد تقول المستشارة الموقرة: إن اليهود تعذبوا واضطهدوا، وذلك حق، لكنا نقول لها كما قال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، أنتم الذين عذبتموهم وأحرقتموهم، فلماذا يدفع الفلسطينيون والعرب الثمن وحدهم؟! خذوهم عندكم – من فضلكم – واسكنوهم في ولاية من ولاياتكم، في المانيا أو أمريكا أو أي مكان في أوروبا، أو دعوا كلا منهم يعود من حيث أتى، لأن عليكم أنتم وحدكم وليس على حماس، وزر الاعتراف بمأساتهم والتعويض عليهم. [email protected]