ليس لي من زينة الحياة إلا ولد وحيد – أخّذت نفسي منذ أيام دراسته الأولي أن أجعله يعتمد علي نفسه فيها فلا دروس خصوصية ولا مجموعات مدرسية – وإنما هي المدرسة والمذاكرة فقط. وقد ساعدني علي تنفيذ خطتي هذه أن المعهد الأزهري الثانوي بالمنيا قد أنعم الله عليه بمجموعة طيبة من المدرسين من أصحاب الضمائر الحية التي يفتقدها كثير من مدرسي هذه الأيام لذا فهم منتظمون في التدريس والحضور يؤدون واجبهم بصورة جيدة تجاه تلاميذهم. في هذا العام بدأت الدراسة بهذه الحالة من الفوضي غير مفهومة السبب .. والضجة التي لا معني لها بحجة أنفلونزا الخنازير ولكن هذه الفوضي لم تنتقل إلي معهدنا الأزهري في بداية الدراسة حيث انتظمت الدراسة فيه طوال أيام الأسبوع إذ لم يكن ثمة مبرر لها فكثافة الفصول لا تتعدي الخمسة وعشرين تلميذا وعدد الفصول لا يصل إلى العشرين فإذا أضفنا أن هذه الخمسة والعشرين لم تتم قط لكثرة الغياب فإن كثافة المدرسة تعد في عرف المدارس الثانوية فارغة من التلاميذ. فجأة وفي الأسبوع الفائت صدر قرار بأن تكون الدراسة ثلاثة أيام من كل أسبوع تقسم المدرسة فيه إلي قسمين وهناك شاعات حول قرب إلغاء الدراسة رغم أن هذا المعهد بل وكل معاهد المحافظة لم تشهد حالة واحدة من أنفلونزا الخنازير. لقد فهمنا من تصريحات المسئولين أن تقسيم المدرسة لفترتين خاضع لكثافة المدرسة وإنه إنما يلجأ إليه لتخفيف عدد التلاميذ فى الفصل لأقل من ثلاثين تلميذا ، وفهمنا أن المدرسة التى لا تحتاج لهذه القسمة لتحقيق هذا الأمر لن تقسم . وفهمنا أيضا أن الإغلاق لن يتم إلا إذا ظهرت الإنفلونزا بصورة معينة . فكيف يتخذ مثل هذا القرار فى مدرسة لا تصل كثافة الفصل في أحواله العادية إلي عشرين تلميذاً - بعد الغياب المعتاد – ولا يصل عدد فصولها إلي عشرين فصلاً ولم تظهر فيها أي حالة اشتباه في المرض. إذن لماذا صدر هذا القرار – وما هو مقصوده - ؟ ماهو المقصود من العبث بمستقبل أبنائنا بهذه الطريقة ولإثارة هذه الفوضي في المعهد الأزهري الوحيد في المدينة للتعليم الثانوي. هل المقصود هو المزيد من الإنحدار في التعليم الأزهري وإضعاف مستوي أبنائنا ليفروا من التعليم الأزهري عامة. إن الأبناء يشتكون دائماً من كثرة عدد مواد التعليم الأزهري وعدم كفاية عدد الحصص للإنتهاء منها خلال العام فماذا بعد أن خفضت الحصص إلي النصف ودون سبب أو داع موضوعي. هل المقصود هو إجبار أولياء الامور علي الدروس الخصوصية ورفع كلفة التعليم عليهم. هؤلاء الشباب هم علماء الدين في السنوات القادمة فهل هذه الطريقة هي وسيلتنا لإعدادهم ليقصدهم الناس بالتعلم عليهم والحق أن هذا الموضوع يعيد طرح أكذوبة أنفلونزا الخنازير كلها وحجم الخطر الآتي منها. فكل هذا العبث بالتعليم والفوضي في جميع أنحاء الجمهورية ولم يمت تلميذ واحد من جرائها – قيل إن طفلاً سنه سبع سنوات قد مات بسببها واتضح أنه مات بسبب حقنة فولتارين – بل وكل عدد الموتي من بين لألوف الذين أصيبوا أربعة أفراد هل هذا العدد بين ثمانين مليون مصري يموت منهم كل يوم الآلاف لأسباب مختلفة يستدعي كل هذه الفوضي في شتي مؤسسات البلد. إلي فضيلة الإمام الأكبر أنقذ أبناءك التلاميذ من هذا العبث فإنهم مستقبل البلاد ولا تجعل جهاز الأزهر الإداري يقع في هذه الفوضي مع من وقعوا فأنت أمين عليهم فلا تفرط في هذه الأمانة.