كنا - ولانزال- نفاخر بان المصريين متدينون ، وأنهم اول شعوب الدنيا التى عرفت الدين الذى هو العنصر الأهم فى تحديد سلوك المصريين ومواقفهم . ولكن دراسة حديثة أجرتها وزارة التنمية الإدارية شككت فيما كنا نعتقد أنه من المسلمات التى لايرقى إليها شك ..فقد كشفت تلك الدراسة عن حالة ترد وانحدار أخلاقى شديد أصاب المجتمع المصرى خلال السنوات الماضية . كان أبرز مظاهره تراجع القيم الإيجابية وانهيار العلاقات الإنسانية وانتشار الفساد . وهو ما يتعارض مع التدين الذى كنا نعرف به . وحول أسباب التغيير فى المنظومة الأخلاقية فى المجتمع المصري رجح أغلب أفراد العينة التى شملتها تلك الدراسة المشكلات الاقتصادية التى تعيشها مصر الأن سببا في تغيير أخلاق الناس .بينما جاء ضعف الوازع الدينى فى المرتبة الثانية ثم التفكك الأسرى . كما كشفت الدراسة عن تفشى الرشوة والمحسوبية وإن أكثر الأماكن التى تعانى من هذه الظاهرة السلبية هى أقسام الشرطة والمرور والضرائب . وأوضحت الدراسة أن 65% من المتعلمين يضطرون إلى الكذب بينما 41% فقط من الأميين يضطرون لذلك. وترتفع نسبة الكذابين بين الشباب بينما تنخفض فى الأوساط الأكبر سنا . وأرجعت الدراسة أسباب تجنب قول الحقيقة إلى الخوف من حدوث مشاكل أوسعيا للأمان أو إيثارا للسلامة . وأن 16% فقط من العينة التى شملتها الدراسة يفضلون التعامل بصدق مع الأخرين بينما 84% يضطرون إلى الكذب أوإخفاء الحقيقة ! وأكدت الدراسة أن غالبية المصريين يرون أن الثقة انخفضت بين الناس خلال السنوات الخمس الماضية وأرجعوا أسباب ذلك إلى الاهتمام بالمصلحة الشخصية أو فقدان الضمير أوغياب الصدق وانتشار النفاق وفقدان الوازع الدينى ! وأوضحت نتائج الدراسة أسباب التناقض بين القول والعمل فى سلوك المصريين . وعلى رأسها انتشار الكذب والنفاق يليه الخوف على المصلحة الشخصية ثم الفهلوة والخيانة . وحصل رجال الشرطة والسياسة على المرتبة الأولى فى التناقض بين القول والعمل وجاء رجال الدين فى المرتبة الثالثة فى التناقض بين ما يقولونه وما يفعلونه فى الواقع ! وأكد 85% ممن شملتهم الدراسة بأن تدين رجال الدين شكلى ومظهرى. ولكن أخطر ما أسفرت عنه هذه الدراسة أن أغلب المصريين يقبلون الرشوة والفساد والمحسوبية طالما حققت بعض المنافع الشخصية لهم وأظهرت الدراسة ميل الشباب بشكل لافت إلى الفساد واعتبارهم أكثر فئات المجتمع استخداماله ! وكشفت الدراسة عن أن 50% ممن شملتهم من المواطنين أكدوا أنهم تعرضوا للظلم وأن حقوقهم مهضومة ! هذا هو الحال الذى ألت إليه مصر والمصريون الأن ,،أصبحنا مجتمعا يسوده الظلم والفساد والرشوة والكذب والنفاق ، وتغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة ، وحب الذات على حب الوطن ، وبدلا من ان نجرى الحوار بيننا حول كيفية التخلص من هذه السلبيات والممارسات الخاطئة ، أجريناه حوارا وجدلا عقيما حول النقاب متجاهلين حديث الرسول( ص) الذى يقول فيه ( إن الله لا ينظر إلى صوركم وأجسادكم ، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم ، التقوى ها هنا ، التقوى ها هنا واشار إلى صدره ثلاث هكذا أخذنا الجدل حول الصور والقشور من الدين ، وتركنا الجوهر واللب (الدين المعاملة )فإذا كانت معاملاتنا قد وصلت إلى هذا المستوى المتدنى فى السلوك والأخلاق لدى الأغلب والأعم منا ، فهل الأجدى أن ندعوا إلى النقاب ونختلف حوله أم ندعوا إلى اصلاح أحوالنا وأخلاقنا ومعاملاتنا التى لو انصلح حالها لما احتجنا إلى دعوة من أحد إلى أحد التزاما بالحجاب أو النقاب . الذى هو نتيجة وثمرة للأخلاق الحميدة وليس سببا لها !!!