قال الدكتور أحمد كريمة الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف إن وسطية الإسلام واعتداله، والتعايش مع الآخر، والمواطنة، والشورى، والذوق العام، والعناية بالمعوقين والرفق بالحيوان من مسلمات الإسلام. وأكد كريمة فى ندوة خاصة بمعرض القاهرة الدولى للكتاب أن هناك أهمية قصوى للتمييز بين الخطاب الإسلامى والدينى، فالأول ينسب إلى الدين ولا تمثله طائفة، ويستند إلى النصوص الشرعية من القرآن الكريم والحديث الشريف أما خطاب المسلمين فهو فهم النصوص ولو كان الفهم صحيحًا كان العرض صحيحا، ولو كان الفهم خطأ كان العرض خطأ وهو ما نراه الآن. وأوضح أن الخطاب الدينى يجمع بين الخطاب الإسلامى كنصوص، ولكن غاب عن المجتمع فقه النصوص والمقاصد والأولويات، فقدمت قوالب جامدة وكأنهم يريدون للموتى أن يخرجوا من قبورهم وينظموا لنا الحياة، وبالتالى لابد من مراعاة إشكالية فهم النصوص وتغيرات الزمان وفهم المقاصد وهنا تبرز إشكالية ضخمة فى الطرح الإسلامي. فمن الأهمية أن نتنبأ النصوص ونستنطق القواعد حتى نقدم طرحا إسلاميا معاصرا بمتغيراته دون أن نذوب فيها، وذلك عن طريق الاستقراء العلمى فى الشرع والاستنباط بأدوات العلم. وأشار إلى أن الإسلام جعل من الإنسان كائنا مكرما دون اعتبار لمعتقده الدينى أو غيره، أو نوعه، أو لونه، أو جنسيته، أو لغته، وكرامته حيا أو ميتا، فى صحة ومرض، وفى شتى أحواله فالأصل فى الشرع الإسلامى قول الله جل شأنه: "ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلاً".. وكذلك عدم الإكراه على اعتناق دين فقال تعالى: "لا إكراه فى الدين". وبرر الدكتور كريمة الدافع فى محاولته لطرح تصوره لخطاب دينى معاصر بأن مفاهيم مغلوطة شاعت نتيجة تدخل أدعياء وجهلاء وتفرق المجتمع، فنشأ العنف الفكرى فى جماعات تنسب إلى الدين وتفرع عنه العنف المسلح! ولفت إلى وجوب حسن معاملة اتباع الشرائع المنسوبة إلى السماء، اليهود والنصارى، فقد أثنى الإسلام على رسلهم، سادتنا موسى وهارون، وعيسى المسيح وأمهما عليهم السلام بنصوص قرآنية وأخبار نبوية واضحة، وعلى كتبهم المقدسة. وقال: يرسى الإسلام زمالة الشرائع وحرمة الاعتداء على معابدهم، وكتبهم، وعلى رجال الدين فى السلم والحرب معا، إن الإسلام سماهم أهل الذمة أى لهم ذمة الله ورسوله والمسلمين، مما يعنى حقوق وواجبات المواطنة دون أى تمييز ديني. وأكد أن الإسلام يدعو للإخاء الإنسانى على دعائم راسخة أولها عدم رمى البشرية بخطيئة متوارثة تلصق بالأجيال "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، و"ليس للإنسان إلا ما سعى".. وعدم أفضلية عنصر بشرى على غيره: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير". وتابع: السلام أصيل فى الإسلام ومكون رئيسى ومقصود أعظم، فالسلام من أسماء الله تعالى وتحية المسلم لرسول الإسلام فى "تشهد الصلاة" ومن أسماء الجنة دار السلام، والتحية فيها سلام. وأضاف: الدين الذى جاء به النبى ليس موجودا الآن للفهم، وانتقد من يسيئون فهم وعرض الدين، قائلا إننا نعانى من أمية دينية والرجاء فى الله والأزهر الذى يتربصون به ويواجه اعتداء أثيما، مؤكدا أن هناك دولة تضخ الأموال الطائلة والمليارات بمصر بهدف هدم الأزهر وإبعاده عن موقعه التاريخى ليتم تفريغ مصر من تاريخها الإسلامى العريق.