مدبولي: توجيهات من الرئيس بالتواصل مع المواطنين وحل شكاويهم    تعطيل العمل في البنوك الخميس المقبل    8 أسابيع من البهجة بمهرجان العلمين في دورته الثانية    مراسل «القاهرة الإخبارية»: طائرات الاحتلال تقصف منزلا في مخيم النصيرات وسط غزة    «صباح الخير يا مصر».. طبيب مصري يفوز بالمركز الأول في حفظ القرآن بمسابقة التبيان الدولية الأمريكية    وزيرة البيئة تتابع إنشاء أول محطة لتحويل المخلفات لطاقة كهربائية بأبو رواش    مصر تفوز بجائزة أفضل جناح بمعرض دار السلام الدولي بتنزانيا في دورته ال 48    محافظ القليوبية يتابع نسب تنفيذ مشروعات «حياة كريمة»    الأونروا: مقتل 5 آلاف شخص بمراكز الإيواء فى غزة بسبب القصف الإسرائيلى    الخارجية الروسية: الاعتداءات الأوكرانية أدت لمقتل 465 مواطنا روسيا خلال 6 أشهر    الأهلي يتسلم الدفعة الأخيرة من مكافأة دوري السوبر الأفريقي    سقوط عنصر إجرامي بكيلو هيروين في قبضة أمن القليوبية    لطلاب الثانوية.. «تعليم كفرالشيخ» تنظم مراجعات ليلة الامتحان لمادتي الكيمياء والجغرافيا بالإدارات التعليمية    محافظ الشرقية يشرف على أعمال إصلاح خط المياه في حي الزهور    تموين الإسكندرية: تحرير 160 محضرا خلال حملات على المخابز البلدية    الدكتور أحمد الطيب: الجرأة على التكفير والتفسيق والتبديع كفيلة بهدم المجتمع الإسلامى    شعائر صلاة الجمعة من مسجد عمرو بن العاص بالقاهرة (بث مباشر)    60 مليون دولار.. تفاصيل عملية جديدة ينفذها «ولاد رزق» في السعودية (فيديو)    أسعار الذهب في مصر اليوم الجمعة 5 يوليو 2024    المدير الإقليمي للبنك الدولي: نسعى لنقل تجربة مصر في الرعاية الصحية إلى دول أخرى    دراسة طبية حديثة تكشف فوائد تناول الحليب الذهبي وتأثيره على الصحة العامة    مصرع شخصين غرقا إثر انقلاب سيارة ملاكى داخل ترعة المنصورية بالدقهلية    حريق درب الأغوات .. النار أكلت الأخضر واليابس (صور)    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    الرئيس السيسي يهنئ الجاليات المصرية المسلمة بالخارج بمناسبة حلول العام الهجري الجديد    أسبوع رئاسي حاسم.. قرارات جمهورية قوية وتكليفات مهمة للحكومة الجديدة    انطلاق التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية في إيران    من كان وراء ترشيح ريهام عبدالحكيم للمشاركة في ليلة وردة؟ (مفاجأة)    «إكسترا نيوز»: القضية الفلسطينية ودعم غزة حاضرة بقوة في مهرجان العلمين    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنان حسن العدل في افتتاح دورته ال 17    ينطلق غدًا السبت.. تفاصيل برنامج "الساعة 6" على قناة الحياة    السودان على شفير المجاعة.. 14 منطقة مهددة من انعدام الأمن الغذائي    إقالة فيليكس سانشيز من تدريب منتخب الإكوادور بعد وداع كوبا أمريكا    المحكمة تحدد مصير حسين الشحات بتهمة التعدى على الشيبى 9 يوليو    قبل النوم.. فوائد مذهلة للجسم بعد تناول هذا المشروب ليلاً    الرئاسة التركية: موعد زيارة بوتين إلى تركيا لم يتحدد بعد    مصدر ليلا كورة: ورطة جديدة لاتحاد الكرة بسبب البطولات الأفريقية.. وحل مطروح    رئيس جامعة القاهرة: وزير العدل قيمة قضائية كبيرة حصل على ثقة القيادة السياسية لكفاءته    وزير البترول يتابع ضخ الغاز لشبكة الكهرباء للانتهاء من تخفيف الأحمال قريبًا    أسباب حدوث المياه البيضاء الخلقية عند الأطفال    نص خطبة الجمعة اليوم.. «الهجرة النبوية المشرفة وحديث القرآن عن المهاجرين»    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة -- الإسكندرية»    أسماء جلال تكشف قصة حبها لوائل جسار: «طلبت منه الزواج.. كان كراش عمري»    «فأر» بأحد منازل غزة يتسبب في هلع وخوف الجنود الإسرائيليين (فيديو)    دعاء الجمعة الأخيرة من العام الهجري.. «اللهم اغفر لنا ذنوبنا»    سي إن إن: الساعات القادمة قد تكون حاسمة في حياة بايدن السياسية    لامين يامال: لن ألعب أبدًا لريال مدريد    «كاف» يوقع عقوبة مالية على صامويل إيتو بسبب اتهامات بالتلاعب    الإفتاء تستطلع هلال شهر المحرم اليوم    وزارة الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا.. اليوم    تامر عبدالحميد يوجه رسالة حادة لمجلس الزمالك بعد حل أزمة الرخصة الإفريقية    وزير العمل: الرئيس السيسي وجه بتحقيق مصلحة العمال    الشيخ خالد الجندي: من رأى سارق الكهرباء ولم يبلغ عنه أصبح مشاركا في السرقة    ياسر صادق يكشف عن تخبط في تعيين الحكام في دورة الترقي بسبب واقعة نادر قمر الدولة    نجم الزمالك السابق: الأهلي عنده أحسن 18 لاعب في مصر    عاجل - آخر تحديثات أسعار الذهب اليوم الجمعة 5 يوليو 2024    «الدواء موجود وصرفه متأخر».. الصحة: تحقيق عاجل مع مسؤولي مستشفيات الإسكندرية    كواليس أزمة قائمة المنتخب الأولمبي وتأجيل الدوري المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ديمقراطية السّم فى العسل! .. د. رفعت سيد أحمد
نشر في المصريون يوم 21 - 06 - 2005

قبل أيام تناقلت وكالات الأنباء خبراً مثيراً مفاده أن السيد جورج بوش -الابن- رئيس الولايات المتحدة الأمريكية قد هاتف الرئيس مبارك طالباً منه التحقيق العاجل بشأن ما تعرض له الصحفيون المصريون من ضرب وإهانات أمام مقر نقابتهم يوم 25/5/2005، وأنه قد ضغط على الرئيس المصرى من أجل إيقاف هذا العنف ضد المتظاهرين من دعاة الاصلاح السياسي، ان هذا السلوك للرئيس بوش وإدارته بقدر ما يثير الدهشة والسخرية من بوش بقدر ما يثير الاستغراب حين يصدقه البعض من المعارضين ويصفقون له، فإدارة بوش بل ودولته لا تحتاج إلى دليل على نازيتها وإجرامها، إذ إن يديها ملوثتان بالدماء العربية والإسلامية، وهى أبعد ما تكون عن -الديمقراطية- وعن محبة المتظاهرين المصريين أو العرب، ومن ثم لابد وأن هناك سراً ما يقف خلف هذا -الكرم البوشي- لصالح دعاة الاصلاح السياسى فى بلادنا.. فما هو؟... دعونا فى رحلة البحث عن سر دفاع بوش عن حركة الاصلاح والاحتجاج فى بلادنا والتى تضم فى أغلبها رموزاً وطنية محترمة سواء من الاخوان المسلمين أو حركة كفاية أو الأحزاب الوطنية حتى لو اختلفنا مع بعض أطروحاتها. دعونا نلخص -سر بوش- فى الدفاع عن مظاهرات الديمقراطية فى بلادنا فى الآتي: أولاً: بوش لا يشغله كثيراً حركة كفاية أو حركة -الاستمرار- ولا يهمه مصير -الاخوان المسلمين- أو مصير -الحزب الوطنى الحاكم- ان ما يهم بوش هو مصالحه، ومصالح إسرائيل، ومن ثم دفاعه عن دعاة الاصلاح وتلك الديمقراطية هو دفاع مشبوه وهى ديمقراطية ان أتت عن طريقه، ديمقراطية مسمومة، فالرجل لم يضبط هو أو إدارته ولو لمرة واحدة مدافعاً عن قضايانا العادلة بل هم يتهموننا بالإرهاب لمجرد أننا نريد حقنا فى فلسطين، وهم أكثر من حمى المستبدين والفاسدين والمجرمين فى بلادنا، إنه إذن يريد أن يركب موجة الاصلاح الراهنة كى يحقق منها فوضى وتفتيتا للجسد الواحد، للوطن الواحد باسم الاصلاح، انه السم فى العسل، وعلينا ألا نتعاطى هذا العسل حتى لو كانت حياتنا مرتهنة، بقاء، واستمراراً، به، فالموت هنا وبشرف ضد بوش وديمقراطيته أشرف من الحياة به وبديمقراطيته السامة التى ستحول كل دعاة الاصلاح فى بلادنا إلى مجرد -عملاء- أو -جواسيس- لصالح هذا السيد الأمريكى المجرم، وتدريجياً سوف يفقد هؤلاء وطنيتهم باسم أن -الديمقراطية المعولمة- تتطلب غض الطرف قليلاً عما نتصوره قضايا أكثر أهمية للوطن والأمة. ابتزاز النظام السياسي ثانياً: من أسرار دفاع بوش عن المتظاهرين فى نقابة الصحفيين وفى حركة كفاية وحركة الاخوان ومن قبل عن -أيمن نور- أنه يريد أن يستخدم هذه الورقة -ورقة المتظاهرين- لمزيد من ابتزاز النظام السياسى للتنازل أكثر فى القضية الفلسطينية، ألم يلحظ أحد من الداعين للاصلاح زيادة وتيرة التطبيع السياسى والاقتصادى فى الشهور الستة الماضية بين الحكومة المصرية وإسرائيل -اطلاق عزام اتفاقية الكويز عودة السفير المصرى زيادة الصادرات الإسرائيلية إلى مصر بنسبة 07%- كل ذلك حتى يتوقف بوش عن الدعوة للاصلاح وحتى يتوقف رجاله عن الاتصال بدعاة الاصلاح فى مصر -انظر علاقات احدهم وأقباط المهجر ببعض القيادات المسيحية لحركات الاصلاح الجديدة فى مصر، وأيضاً علاقاته بالاخوان المسلمين ومغازلته لها وكذلك الحوار الفضيحة لأحد الاسلاميين المعتدلين -!!- على احدى القنوات الذى تغزل فيه بدور وعلم هذا الاخير ومشروعه النهضوى الكبير.. الغريب أن هذا الاسلامى الشاب المصلح الذى ألف حزباً تحت التأسيس، هو أحد المؤسسين فى -حركة كفاية- بل يقال ان الحركة أنشئت فى بيته!! ألم تلاحظ حركة كفاية هذا الحوار الفضيحة!! وإذا كانت قد لاحظته لماذا صمتت عنه؟! إن بوش يريد أن يلعب بالجميع -النظام والمعارضة الاصلاحية- من أجل إسرائيل فهل انتبه المعارضون لهذا الهدف؟!- ثالثاً: ثم لندع هذا جميعه ولنسأل إدارة بوش أليس من يطالب الآخرين بالديمقراطية عليه ان يمارسها هو على الأقل فى داخل بيته.. أليس فاقد الشيء لا يعطيه وفقاً للمثل الشائع، إذا كان الأمر كذلك فلنتأمل أحدث تقارير حقوق الانسان عن الولايات المتحدة والذى أصدرته منظمة العفو الدولية يوم 25/5/2005 -يا للمفارقة فى التوقيت مع ما جرى فى مصر وما أعقبه من اتصال بوش بالرئيس مبارك-، ففى هذا التقرير الصادر عن أكبر وأهم منظمة حيادية تعنى بحقوق الانسان فى العالم نجد واشنطن قد تربعت على قمة الدول التى انتهكت حقوق الانسان والقواعد القانونية والانسانية المعمول بها على المستوى الدولي، وذلك للعام الثانى على التوالى حسب تقرير منظمة العفو الدولية عن عام 2004، وقالت المنظمة إن لدى الولايات المتحدة ما يقرب من 045 معتقلاً فى جوانتانامو من 40 دولة يعانون من انتهاكات لحقوقهم، هذا غير آلاف العراقيين والأفغان وأكدت المنظمة أنه بعد أربع سنوات من هجمات سبتمبر والحرب التى أعلنتها واشنطن ضد الإرهاب، لم يعد العالم أكثر أمناً بل أصبح أكثر رعباً. وقالت المنظمة إن القوات الأمريكية ارتكبت انتهاكات فادحة لحقوق الانسان فى العراق. وأضافت أن خيانة مبادئ حقوق الانسان من قبل الحكومات واكبه تزايد للأعمال الإرهابية المفزعة حيث انتقلت الجماعات المسلحة إلى مستوى أوسع من الوحشية. واتهمت المنظمة: الولايات المتحدة والجماعات المسلحة المعارضة للوجود الأمريكى فى العراق، بارتكاب انتهاكات كبيرة لحقوق الانسان، حيث قتل الآلاف من المدنيين. وقالت المنظمة ان القوات المسلحة بقيادة الولايات المتحدة قامت بأعمال قتل غير قانونية، واعتقال وتعذيب وسوء معاملة الكثيرين، وأضاف التقرير أنه على الرغم من الفضيحة التى وقعت فى سجن أبو غريب بالعراق، فإن هذه الممارسات مازالت قائمة فى كل السجون التى تديرها الإدارة الأمريكية، والتى تعمل على إعادة تعريف معنى التعذيب . الفجوة بين القول والفعل وأشار التقرير الى اعتقال الآلاف من العراقيين العام الماضى -2004- دون أى أدلة، وذلك للاشتباه فى عملهم ضد قوات التحالف، حيث ألقى بهم لعدة أشهر فى مراكز غير معروفة وظروف قاسية، كما أكدت المنظمة فشل الولايات المتحدة فى إجراء تحقيقات دقيقة فيما يتعلق بفضيحة أبو غريب وهو ما دعا المنظمة الى اتهام واشنطن بأن ممارساتها تشكل الفجوة بين القول والفعل. واتهمت المنظمة الممارسات الأمريكية بأنها تقوض من احترام حقوق الانسان فى العالم، وقالت فى تقريرها: ان المجتمع الدولى انتقد واشنطن وطالب بوقف الانتهاكات ومعاقبة من قاموا بأعمال وحشية، خاصة وأن واشنطن تمارس أعمالاً وحشية لا تقل قسوة عما كان عليه الوضع فى دارفور وجمهورية الكونجو الديمقراطية وهاييتي. وأشار التقرير إلى أن الحكومات الوطنية استخدمت شعار الولايات المتحدة فى حربها ضد الإرهاب من أجل التمادى فى انتهاكات حقوق الانسان، وللعام الثانى على التوالي، تؤكد المنظمة أن أكبر دولة فى العالم عندما تخترق سيادة القانون وتقوم بانتهاكات لحقوق الانسان فإنها تمنح الآخرين الحق أو رخصة لممارسة الانتهاكات دون توقع عقاب وبقدر من التفاخر. هذه الحقائق التى وثقتها أهم منظمة دولية لحقوق الانسان وأكثرها حيادية تؤكد دون عناء أن قلق بوش على الديمقراطية فى مصر، وفى غيرها من بلاد المنطقة العربية، هو قلق غير مبرر، لأن الرجل وإدارته هم أكبر منتهك لقيم الديمقراطية فى العالم، ودفاعه عن -الاصلاحيين- فى مصر، هو دفاع سام مشبوه يحتاج الى كشف وتعرية لأهدافه الأخرى الخبيثة والتى باتت معلومة لكل من يتمتع بالبصيرة الوطنية الصحيحة والسليمة فى فهم ما يجري. مجرد لعبة بين أطراف رابعاً: ثم لننقل النقاش خطوة أخري.. فمن الجيد أن تموج مصر هذه الأيام بحركات الرفض والاحتجاج والتى وصل عددها حتى لحظة كتابة هذه السطور الى 9 منظمات، ولاشك أن ظاهر مطالبها صحيح ومشروع، وهو الحصول على مكاسب ديمقراطية جديدة وإنهاء مظاهر الاستبداد والفساد السياسى التى تراكمت خلال السنوات الماضية، ولكن ثمة فارقا كبير ان تتم هذه الدعوات وفقاً لهوى ورغبة واشنطن والتى لا تخفيها بل وترسل رجالها -من المصريين- لينفذوها ويربطوا بين الأطراف المطالبة بالتغيير والاصلاح وبين واشنطن، لننظر مثلاً الى اللقاءات المتعددة لاحدهم -رجل أمريكا الأول فى مصر على مستوى منظمات المجتمع المدنى بالعديد من الرموز المصرية المحترمة وكان آخرهم أمين عام حزب العمل فى منزل شيخ قضاة مصر السابق والذى ذهب اليه الاثنان لمعاودته أثناء مرضه ثم دار بينهما حوار عن الاصلاح وعما تريده أمريكا من مصر وعن ضرورة التغيير فى هذا المجال، هل كان اللقاء عابراً؟ وهل هى مصادفة أن يلتقى أمين عام حزب محترم له رصيده الشعبى المعلوم، برجل من عينة هذا الاخير؟! الاجابة بالقطع -لا- هى ذاتها ال -لا- التى تضاف أيضاً للسؤال عن تحركات رئيس حزب الغد الليبرالى داخل مصر وخارجها وجلوس الأخير مع وزير خارجية إسرائيل على مائدة واحدة فى واشنطن أثناء زيارة أحمد نظيف رئيس وزراء مصر لها قبل أيام ودعوته للاصلاح على الطريقة الأمريكية فهل هى أيضاً مصادفة؟! إن هؤلاء وغيرهم هم الأعلى صوتاً الآن فى المطالبة بالإصلاح ورفع راية نحسبها صحيحة وصادقة، ولكنها للأسف تستثمر من قبل قيادات ذات هوى ومصلحة، وأغلبها مرتبط بدرجة أو بأخرى بالمخطط الأمريكى لزعزعة استقرار مصر الدولة -وليس النظام حتى لا يزايد علينا أحد- إن المستهدف هو أن تسير وتيرة التوترات فى مصر وفقاً للأجندة الأمريكية والإسرائيلية وليس وفقاً للأجندة الشعبية، ولعل ما يؤكد ذلك أن أغلبية الشعوب فى مصر -وفى غيرها من البلاد العربية- لا يشارك فى مظاهرات المعارضة والحكومة، انه يتفرج عليهما معاً، ويعتبر ما يجرى مجرد لعبة بين أطراف يريدون تقاسم السلطة والثروة على حسابه، ولذلك لم نر تحركات شعبية واسعة وحقيقية مثل تلك التى جرت مثلاً فى أوكرانيا أو حتى بيروت إثر اغتيال الحريري. ان ما نراه فى بعض بلادنا العربية هو مجرد صراعات نخب: نخبة حاكمة تمارس فساداً واستبداداً طال وشاخ، ونخبة معارضة تريد أن تحل معها إما لتستفيد من المنصب أو لتنفذ أجندة أمريكية / إسرائيلية جديدة لزرع الفتنة فى مصر والمنطقة باسم الاصلاح، والضحية فى المحصلة الأخيرة هى جموع الشعب والنخب المستقلة التى لا تريد أن تربط نفسها بكلا القطبين: القطب الأمريكى / الإسرائيلى المباشر، والقطب المتأمرك أو المتصهين بشكل مباشر. صراعنا داخلي خامساً: على أية حال وفى النهاية تلك هى ديمقراطية بوش المسمومة جربها فى العراق عبر السلاح والآن يجربها فى لبنان وسوريا ومصر عبر الانقلاب الأبيض.. عبر الفوضي، والفتن، إن الادارة الأمريكية بعد أن عجزت عن اختراق هذه البلاد بالقوة المسلحة خوفاً من تكرار نموذج العراق الدامى ها هى تريد تطبيق مبدأ بوش الجديد الخطير الذى أسمته كونداليزا رايس بالفوضى البناءة انهم يريدون نشر الفوضى فى بلادنا العربية باسم الاصلاح، بهدف تفتيتها الى عدة طوائف ودويلات ومصالح متصارعة وكله باسم الاصلاح، حتى يسهل السيطرة والتحكم، انهم يريدون نشر هذه الفوضي، لمزيد من إرباك المنطقة كلها، إن الهدف هو تفكيك المنطقة لكى يعاد تركيبها مجدداً لمصلحة ثنائى -النفط إسرائيل- ان هذا ينبغى أن يدفع من تبقى محترماً من نخبتنا ودعاة الاصلاح فى بلادنا إلى ضرورة الانتباه جيداً لما يخطط لهم ولأحلامهم ولمشروعهم الاصلاحي، الذى لاشك أنه فى أغلبه صحيح ومشروع، ولكن أن يدافع عنه -بوش- ومارتن انديك الذى دافع قبل أيام عن حركة -كفاية- المصرية وبحرارة، وأن يتغزل بعض دعاة هذا المشروع أيضاً فى حماية بوش لهم.. فإن هذا ما يدفعنا إلى صرخة مضادة عالية، تقول لهم ولمشروعهم غكفاية.. كفاية ديمقراطيةف اذا كان بوش هو المدافع عنها، لأنها ديمقراطية سامة، فالخطر القادم منها سيطال الجميع.. سيطال الوطن ذاته، ليس معنى هذا حتى لا يزايد علينا البعض من مدعى الوطنية، الدفاع عن استبداد وهمجية وبلطجية بعض هذه الحكومات العربية أو تلك.. بل معناه أن نجعل صراعنا داخلياً وألا نسمح لبوش أن يتدخل، سواء من خلال رأس النظام فى بلادنا أو من خلال عملاء بوش فى بلادنا الذين غيبوا القضية الفلسطينية والعراقية واللبنانية تماماً، باسم الانشغال بالاصلاح!! انتبهوا أيها السادة، فالأمر جلل والوطن كله على المحك، وليس الاصلاح أو الديمقراطية وحدها..
فتلك للأسف رايات زائفة يتم استخدامها أمريكياً لاحتلال ما تبقى مستقلاً من بلادنا بدون دبابات، احتلال من خلال الفوضى التى هى الاسم الصحيح الآن لكلمة -اصلاح-، انتبهوا فبوش على الأبواب ودفاعه عن الديمقراطية فى مصر وفى بلادنا العربية عار ينبغى التبرؤ منه فوراً وقبل فوات الأوان!! أما من يكابر ويجادل، فمبروك عليه هذا -العار- فقط ينبغى عليه ألا يعممه على الكتلة الصامتة الواعية، المتجاوزة، من شعبنا لأنها ببساطة ترفضه ولا تريده. -- صحيفة العرب الدولية في 21 -6 -2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.