علمت "المصريون" من مصادر كنسية وسياسية مطلعة أن البابا شنودة وعددا من أعضاء المجلس الملي العام بالكنيسة القبطية يعكفون حاليا على دراسة مشروع قانون جديد يطلق حرية بناء الكنائس في مصر ، على أن يقوم نواب الحزب الوطني بتقديم مشروع القانون لمجلس الشعب ، في مقابل ضمان تصويت الأقباط لصالح الرئيس مبارك في الانتخابات الرئاسية المقبلة . ويقضي مشروع القانون بإلغاء القانون الحالي المنظم لبناء الكنائس والمعروف باسم الخط الهمايوني ، وينص على إطلاق حرية بناء الكنائس دون الحاجات للحصول على موافقة مسبقة كما هو الحال في القانون الحالي . وأكدت المصادر أن الكنيسة في طريقها لتقديم مشروع القانون لمجلس الشعب ، لكنه لم يعرف حتى الآن ما إذا كان سيتم تمرير القانون خلال دور الانعقاد الحالي للمجلس والذي شارف على الانتهاء ، أم أنه سوف يتم تأجيله للبرلمان المقبل ، على أن تكتفي الكنيسة في هذه المرحلة بالحصول على وعود مؤكدة من الحكومة بتمرير القانون فور انتخاب البرلمان المقبل عقب الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها نهاية العام الحالي . من جانبه ، أكد الأنبا بسنتي أسقف المعصرة وحلوان ، أحد أبرز معاوني البابا شنودة ، أن مشروع القانون قام بإعداده أستاذ القانون والمفكر القبطي الدكتور نبيل لوقا بباوي بعد أن شارك في عدد من اللقاءات التي عقدتها قيادات بالكنيسة مع عدد من المسئولين الكبار بالدولة ، ومطالبتهم المسئولين بإلغاء قانون بناء الكنائس الحالي خصوصا وأن تقرير لجنة الحريات الدينية الأمريكية يتهم مصر باضطهاد الأقباط من خلال منع بناء دور عبادة للأقباط ، فضلا عن ضغوط الإدارة الأمريكية على مصر في ظل المطالبة بالإصلاح ، كما أننا مقبلون على انتخابات رئاسية وشيكه وأصوات الأقباط مهمة في هذه المرحلة. وأشار بسنتي إلى أنه بناءً على ذلك أبدى مسئولو الدولة الكبار موافقتهم على إلغاء قانون الخط الهمايوني شريطة تقديم مشروع قانون جديد ينظم بناء الكنائس يتم الاستعاضة به عن القانون القديم. وعن أهم ما جاء في القانون الجديد ، قال الأنبا بسنتي إن القانون الجديد يطلق حرية بناء الكنائس بما يسمح بوجود كنيسة كل 2 كيلومتر على أن تقل هذه المسافه في حال وجود كثافة سكانية قبطية عالية في المنطقة ، مشيرا إلى أن هذا المطلب مهم وضروري لتلافي مشكلة بعد الكنائس عن المصلين. وفجر الأنبا بسنتي مفاجأة بتأكيده أن المشروع سيتقدم به إلى مجلس الشعب برلمانيون مسلمون أغلبهم نواب في الحزب الوطني بتوجيهات سيادية. من جانبه ، قال الدكتور نبيل لوقا بباوي ، الذي تولي صياغة القانون ، إن مشروع القانون الجديد خاص بكل دور العبادة وليس الكنائس فقط واسمه القانون الموحد لبناء دور العبادة ويشتمل على 29 مادة يراعى فيها كل التوازنات الدينية الموجودة في مصر. وأوضح بباوي أن القانون يشترط وجود لجنة خاصة ، لها سلطة تقرير البناء من عدمه ، تضم مندوبا من الأزهر وآخر من الكنيسة وثالثا من إحدى الجهات الأمنية إضافة إلى مندوب من الإدارة الهندسية المراد إقامة دور العبادة في نطاق عملها ، سواء كنيسة أو مسجد على أن تخضع هذه اللجنة لوزارة الحكم المحلي وليس رئاسة الجمهورية او المحافظين كما كان قبلا. وتهدف بنود هذا القانون إلى الحد من بناء المساجد ورفع يد الدولة عن بناء الكنائس بإلغاء كل القرارات الصادرة بشأن بناء الكنائس سواء منذ الدولة العثمانية أو قانون 1952 الذي يشترط موافقة رئيس الدولة في بناء أي كنيسة أو موافقة المحافظين على ترميم الكنائس. وفي تصريحات خاصة لصحيفة " المصريون " ، اعتبر أبو إسلام أحمد عبد الله رئيس الأكاديمية الإسلامية لدراسات مقارنة الأديان ، " أن هناك جهودا مكثفة تجرى بين الكنيسة المصرية والهيئات والمؤسسات التابعة لها بالتنسيق مع الهيئات العالمية للضغط على الحكومة وانتزاع قوانين لصالح الكنيسة بعكس المساجد التي استسلمت للتأميم على يد وزارة الأوقاف والأزهر بشكل بات معه صعبا أن تفرق بين إمام المسجد وضباط أمن الدولة أو بين وزير الأوقاف ووزير الداخلية ". وأضاف " لا أستبعد أبدا صدور هذا القانون بسبب تكاتف الجهود المسيحية في الداخل والخارج وبالمناسبة فإن القانون الذي يدور الحديث حوله ليس جديدا بل هو قديم ويتم تحريك الكلام حوله بعدة أشكال من آن لآخر " . وفي المقابل ، استبعد هاني لبيب الكاتب والباحث القبطي وجود تلك الصفقة المزعومة بين النظام والكنيسة ، لافتا إلى أن القانون المطروح ليس جديدا كما أن الفكرة نفسها ليست جديدة ، ورأى لبيب أن هذا القانون يجب أن يصدر في الوقت الحالي وأنه سوف يحقق فائدتين الأولى أنه في حالة صدور قانون موحد لبناء دور العبادة لن يجد المغرضون مثل أقباط المهجر ذريعة يشوهون به صورة مصر في الخارج ، وثانيا هذا القانون سوف يحد من استخدام المساجد لأغراض إنتاج الإرهاب. لكن لبيب شدد على أن المهم هو بنود القانون وأسلوب صياغته ، بحيث يجب منع ترزية القوانين في بلادنا من تفصيل قوانين تؤدي عكس الغرض الذي صيغت من أجله.