فى إطار الحملات الدعائية الممنهجة لتضليل الرأى العام وتشويه صورة الرئيس مرسى بالتوازى مع حصار الشيخ المحلاوى وتطاول رئيس تحرير مغمور على الشيخ القرضاوى، ما زال السيد حسنين هيكل كاهن الناصرية الأكبر يخرج علينا من فضائية فلولية ليتفلسف ويهذى ثم يعظ! فقد ابتعد الأستاذ عن قناة الجزيرة صوت الثورة وآب إلى منبره الطبيعى فى فضائيات النظام البائد، كان يخرج علينا ليقول ما يعن له عن التاريخ والحروب وعن حكم يوليو فى عهوده الثلاثة المظلمة، ممجداً فى ناصر، مهاجماً للسادات، ومهادناً للمخلوع، وكان يحميه تدثره بالأسرار وبالوثائق وبالحديث عن تاريخ لم يلامسه الكثيرون مفضلاً التحدث عن لقاءاته الخاصة بزعماء عرب وأوروبيين جميعهم لقوا ربهم قبل أن يُتحفنا بتلك الأسرار الخطيرة. أما الآن وقد انزلق للخوض فى مجريات الأحداث، فقد تكشف أمره للعيان، فالرجل يكذب ويتحرى الكذب ولا يبالى بالحقائق ولا الوقائع فى سبيل تصوير الواقع المصرى من منظوره الأسود فقط، فنجاح رئيس من الإخوان المسلمين هو الكارثة الكبرى وإقرار الدستور هو الطريق للنازية، أما المجتمع فهو منقسم إلى نصفين، وأما إقرار المصريين للدستور فيرجع إلى نسبة الأمية المرتفعة، وعلى هذا المنوال يفقد الرجل ما تبقى له من مصداقية كان قد أجهز عليها كتابُ كبارُ كمحمد جلال كشك وناصر الدين النشاشيبى ود.محمد عباس. السيد هيكل لا يطيق أن يرى بأم عينه الإخوان المسلمين، عدوه التاريخى، يصلون إلى السلطة التشريعية والتنفيذية عبر إرادة المصريين النزيهة، لذا يأبى أن يعترف بالواقع الديمقراطى المشرق لمصر الحرة، بل يراه من منظور العداء والحقد الأسود متحدثاً عن الفاشية والنازية وعن تكميم الأفواه ومحذراً من المستقبل المظلم، ونحن نسأل صديق الرؤساء، كيف جاء سيدك ناصر إلى السلطة؟ ألم يستحوذ عليها بالانقلاب على الرئيس محمد نجيب وسجنه فى منزله ثم عبر دستور 56 الهزلى الذى حصن كل قرارات مجلس قيادة الثورة من الطعن ثم عبر الاستفتاءات المزورة؟ ألا تخجل من استفتاءات 99.9% التى ابتدعتموها؟ أتتحدث عن تكميم الإعلام وقد كنت وزيراً للإرشاد فى وقت تحكم فيه ضباط الجيش بالصحافة والإعلام؟ ألم تبارك سجن مصطفى أمين صديقك وشريكك فى العلاقات المتواصلة مع ممثلى الدبلوماسية والمخابرات الأمريكية؟ عن أى استبداد تتحدث يا سيدى الآن والرئيس يناله من التطاول الكثير على يديك ويدى تلاميذك خريجى مدارس العلمانية والشيوعية والنفاق فى صحف وفضائيات الزيف والتضليل؟ أنسيت أنك الكاهن الأكبر للاستبداد؟ ألم تبارك إعدام الشهيد سيد قطب وقد تجاوز الستين فى قضية هزلية عن تفجير القناطر واغتيال الفنانات؟ وما زلت لا تستحى من ترديد هذا الهراء! بل تجتر الحديث عن تمثيلية المنشية الهزلية التى تصورها بمنزلة هولوكست اليهود كحقيقة لا تقبل الجدل؟ وسؤالنا حتى لو صح أن هناك محاولة منظمة لاغتيال سيدك الخاسر، فخبرنا فى أى دولة محترمة وقضاء عادل يحكم بالإعدام على ستة أشخاص والمؤبد للعشرات والسجن للآلاف فى قضية شروع فى قتل؟ إن هذا لا يكون إلا عبر المحاكمات الصورية فى النظم الفاشية التى يمثل هيكل وجهها القبيح الذى يطل على حاضر تسوده الحريات وتقام فيه الأحزاب والصحف بالإخطار ثم لا يلتزم الصمت فيرغى ويزبد ويحذر بل ويعظ! وفى معرض إجابته عن سؤال حول أسباب العنف فى الشارع، يقول إن سببه الأساسى هو التنظيم الخاص للإخوان فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى! فالرجل يجتر التاريخ الذى يريده فقط متناسياً اعتراف ناصر بمحاولته اغتيال حسين سرى عامر، ومتجاهلاً دور السادات فى اغتيال أمين عثمان وناكراً لدور الإخوان فى حرب فلسطين 1948، وهكذا يربط بين العنف الجارى الآن واغتيال النقراشى منذ 64 عاماً، فبالطبع الإخوان والإسلاميون يستعيدون تاريخهم العنيف، والدليل حصار الشيخ المحلاوى فى مسجده وإحراق 28 مقراً للإخوان وقتل 10 من شبابهم عند الاتحادية، فيا له من خطاب متهافت ضحل ومكذوب، فالرجل لا يملك سوى سرد أحداث عفا عليها الزمن ليحلل واقعاً يتناقض مع ما يدعيه من تفسير، فإما أنه يكذب ويضلل وهو فى أرذل العمر أو أنه يهذى ويهرف بما لا يعرف، وفى الحالتين وجب عليه بحق أن ينصرف من الإعلام بلا حاجة للاستئذان كما انصرف من الصحافة فى سبتمبر2003. ثم يصف إعلام الثورة المضادة العلمانى الفلولى بأنه الحصن الأخير فى مواجهة الإسلاميين، وقد صدق، فهذا الإعلام الفاسد الذى يموله سارقو أراضى وأموال الدولة ويتزعمه أصدقاء المخلوع والوريث وصحفيو أمن الدولة سليلو روزاليوسف والكواكب، هو الحصن الأخير للفساد ولمقاومة التطهير ورأس الحربة لأعداء الثورة فى الداخل والخارج، ويبدو انحيازه لتلاميذه فى الكذب والتضليل طبيعياً، فالرجل كان مبدعاً فى تزييف الحقائق ويكفى فضيحة الأيام الأولى من فاجعة يونيه 67 حين تحدث إعلامنا وفى مقدمته الأهرام عن نصر كبير ليفيق المصريون على هزيمة ساحقة، أما تلاميذه فى ماسبيرو والصحافة القومية وفى قنوات وصحف الفلول فهم على العهد ماضون كذباً وافتراءاً وتطاولاً على الإسلاميين وعلى الرئيس مرسى وعلى الحقائق والوقائع الثابتة. والخلاصة أن صديق الرؤساء حوارى الديكتاتور عبدالناصر يقدم عداءه للرئيس مرسى والأحزاب الإسلامية على صالح الوطن ولا يستحى من تاريخ أسود كان فيه شاهداً على تأميم الوطن وقتل وتعذيب المعارضين وآلاف المعتقلين والمنفيين وتأميم المؤسسات، ثم شريكاً لناصر فى كارثة 67 التى انتهت باحتلال القدس والضفة وغزة وسيناء، واستمر المصريون تحت نير القمع البوليسى الذى لم ينتهِ بهلاك زعيمه فى سبتمبر 1970، بل امتد حتى أغسطس 2012. كان أولى بالرجل وهو يقارب التسعين أن يتوب عن خطاياه ويعتذر للشعب المصرى الذى ضلله عقوداً طوالاً وأن يبارك ثورته ويدعم اختياره الحر فى البرلمان وفى الرئاسة، لكن السيد هيكل انحاز إلى معسكره الأثير مع صبيان السفاح بشار والفلول والسارقين وصحفيى شفيق وأبوحامد الموتورين وتَعِسَ أولئك رفيقاً. [email protected]