في ماليزيا تثار ضجة الآن حول كتاب صدر إبان حملة الانتخابات التي أسقطت أنور إبراهيم قبل سبع سنوات، ما استوقفني في الموضوع هو اسم الكتاب الذي آثر مؤلفه أن يكون مباشراً، وفي الصميم فاختار أن يسميه" 50 سببا لئلا يكون أنور رئيسا للوزراء"، والمقصود بالطبع أنور إبراهيم الذي كان نائبا لرئيس وزراء ماليزيا في ذلك الوقت، وقرر أن ينافس رئيس الوزراء الأشهر محاضر محمد على موقع رئاسة الوزراء. أول ما تبادر إلى ذهني سؤال عن عدد الأسباب التي يمكن أن يكتبها مؤلف مصري لئلا يكون أحمد نظيف رئيسا لوزراء مصر، ثم تتالت الأسئلة عن كم الأسباب التي كانت تحول دون بقاء عاطف صدقي رئيساً لوزراء مصر طوال تسع سنوات وأكثر، وعن كم الأسباب التي كانت تمنع ترؤس عاطف عبيد لوزراء مصر، ولم يتوقف سيل الأسئلة! والنتائج تتحدث عن نفسها، فخلال ربع قرن من رئاسة الرئيس حسني مبارك تولى رئاسة الوزراء كل من فؤاد محي الدين وعلي لطفي وكمال حسن على وكلهم لفترات قصيرة، وعندما تولى عاطف صدقي الوزارة مكث فيها عمراً طويلا، جرت خلاله أكبر عملية نهب لأموال الشعب، وصفي القطاع العام وبيعت أصوله بأبخس الأثمان، وتحول الكثير من عمال مصر إلى عاطلين بالمعاش المبكر، ثم جاء من بعده ولمدة قصيرة - بدت انتقالية- كمال الجنزوري، وسرعان ما أطيح به لصالح استكمال ما بدأه صدقي فجاء عاطف عبيد ليكمل مسيرة النهب المنظم، وليزداد الحال سوءا من بعد سوء، وتحولت معيشة الأغلبية الساحقة من الشعب إلى جحيم من الغلاء والغش وعدم توفر الحد الأدنى من الحياة الآدمية! ألف سبب وسبب تدعو الكثير من المؤلفين المصريين لكي يكتبوا آلاف الكتب عن عدم صلاحية رؤساء وزارات الحزب الوطني الحاكم منذ نشأته وحتى الآن! في مجال الصحة ستجد ألف سبب وسبب لئلا يكون صدقي أو عبيد أو نظيف رؤساء لوزارات مصرية، وصحة المصريين شاهدة ليس على تدني المستويات الصحية عن مثيلتها في الدول المتقدمة، بل عن مثيلتها في الدول المتخلفة فضلا عن تلك التي بدأت مشوار تقدمها بعدنا بمراحل! وفي مجال الإسكان ألف سبب وسبب لمحاكمة المسئولين عن الحكومات المصرية طوال ربع القرن الماضي! وعلى صعيد التعليم قد لا يكفي محاكمة المسئولين في وزارات الحزب الحاكم، فقد أهدرت المليارات من جيوب الشعب على تعليم لا يصلح لتخريج طاقات عمل متنوعة وقادرة على صياغة وصيانة مستقبل البلاد والعباد! وفي مجال الفساد هناك مليون سبب وسبب لكي نجمع الوزراء ورؤساء الوزارات في جزيرة استغنينا عنها وتحق بمن فيها وما فيها! وتستطيع أن تعد معنا في كل منحى من مناحي الحياة على أرض مصر آلاف الأسباب التي تجعل المسئولين خلال السنوات الماضية لا يصلحوا لأن يكونوا في مواقعهم التي أوصلونا عن طريقها إلى الحال الأسوأ منذ قرون طويلة! أما عن الأسباب التي تقف أمام أن نعيد انتحاب الرئيس حسني مبارك من جديد لرئاسة الجمهورية فهي في الحقيقة لا تخرج عن مجموع الأسباب التي ذكرناها من قبل، وعن عدد تلك الأسباب فحدث ولا حرج! [email protected]