قررت نيابة أمن الدولة تمديد حبس الدكتور عصام العريان ، لمدة خمسة عشر يوما أخرى ، بتهمة الانضمام لجماعة محظورة والمشاركة في مظاهرات والتحريض عليها ، وبالتالي دخل الدكتور عصام الآن شهره الثالث تقريبا قيد الحبس لأسباب تحتاج إلى حاسب آلي وربما بعض ضاربي الودع لكي نفهم صلتها بالقانون أو بالعدالة ، أما كون الدكتور عصام ينتمي إلى جماعة محظورة وهي جماعة الإخوان المسلمين فإن هذا الوصف لا ينفرد بمعرفته الأجهزة الأمنية وإنما تعرفه كل القوى السياسية والإعلاميين ويدعى ويحاضر في كل مكان وكل منبر إعلامي تليفزيوني أو صحفي بهذه الصفة ، وهو الأمر نفسه الذي يمارسه علانية وكل يوم وليلة الأستاذ محمد مهدي عاكف والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمد السيد حبيب وغيرهم ، والصبي الصغير المشتغل بالعمل السياسي يتعامل مع هذا الواقع ، فلماذا يتم اتهام عصام وحده بالانضمام لجماعة محظورة ، إن رد فعل المواطن العادي سيكون تلقائيا : المسألة لا صلة لها بالقانون والعدالة ، وإنما هي قرار سياسي ، وتصفية حساب مع عصام العريان ، والأجهزة الأمنية المصرية تتعامل يوميا مع قيادة الجماعة " المحظورة " وهو ما أعلنه مرشد الجماعة صراحة ، يتفاوضون معنا نهارا ويعتقلوننا ليلا ، وعمل المكتب السياسي للجماعة لا ينقطع يوميا تحت سمع وبصر السلطة والأحزاب والتحالفات والحوارات لا تنقطع بين الأحزاب الكبرى وبين الجماعة ومجموعة الستة عشر عضوا بالبرلمان يعرف القاصي والداني أنها مجموعة الإخوان ، باختصار جماعة الإخوان المسلمين أشبه بحزب سياسي يعمل في النور ، وحكاية المحظورة مجرد " تلكيكة " لكي يتم التنكيل بمن يسبب إزعاجا سياسيا من أي نوع للسلطة ، وقرار حظر الجماعة هو في حد ذاته " إشكال قانوني " منظور أمام القضاء منذ أيام محمد علي باشا تقريبا !! وبدون أي أفق منظور للبت فيه ، وخرق هذا الحظر تم من أعلى سلطات الدولة حيث كان رئيس الجمهورية يدعو مرشد الجماعة إلى لقاءاته التي ينقلها التليفزيون الرسمي ، كما حدث بين السادات والشيخ عمر التلمساني ، وكانت الجماعة تصدر مجلتها الشهيرة " الدعوة " علانية وتوزع من خلال مؤسسة الأهرام مزينة بالسيفين الشهيرين وبقية شعار الجماعة ، فسواء كان الأمر من الناحية السياسية أو من الناحية القانونية لا يمكن لعاقل في مصر أن يتصور أن الإخوان المسلمين تنظيم سري محظور ، هذه واسعة ، وأما اتهام الدكتور عصام بأنه قاد مظاهرات وحرض عليها ، فهناك قائمة بعشرات المثقفين والصحفيين يمكن تقديمها للعدالة ، حتى تقوم نيابة أمن الدولة بواجبها على أكمل وجه لقطع دابر المتظاهرين وحماية القانون ، ولكن ، هل تراها ستفعل ؟! ، إن الأمر في أوله ومنتهاه تصفية حساب سياسي ، لا شأن له بالعدالة ، والحقيقة أن استسهال مثل هذه الأمور والقرارات هي مما يعزز المخاوف من انهيار هيبة مؤسسات الدولة في ضمير الناس ووعيهم ، إن هناك سلطة غاشمة غبية ، لا تريد أن تترك شيئا من مؤسسات الوطن إلا خربته ، لمجرد التشفي في خصومها السياسيين ، إن استمرار حبس عصام العريان هو فأل نكد على مستقبل البلد والحريات فيه ، عصام لم يفعل أكثر مما فعلناه جميعا معشر الصحفيين والمثقفين ونشطاء الواجب الوطني ، وعلى كل القوى الشريفة أن تتضامن معه في محنته ، بل محنة وطن بكامله . [email protected]