لا يوجد فى أى دولة فى قارات الأرض من يقوم بحل مجالس منتخبة بإرادة أكثر من 30 مليون نسمة، سوى فى مصر، وأظن أننا الدولة الأولى عالميًا التى تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية فى إنجاز حل المؤسسات المنتخبة، لا لشيء سوى لأنها جاءت بأغلبية إسلامية. لم يسمع العالم قط عن حكم قضائي بحل الكونجرس الأمريكى، أو مجلس الشيوخ فى الولاياتالمتحدة، أو مجلس النواب الفرنسى، أو بوندستاغ ألمانيا، إلا أننا فى مصر بلد الريادة تقوم مديرة الشئون القانونية بجامعة طنطا والتى عينتها زوجة المخلوع قاضية بالمحكمة، بحل مجلس منتخب هو الأنزه فى تاريخ مصر، وأقسم بالله لو كانت الأغلبية للقوى الليبرالية فى مجلسى الشعب والشورى والتأسيسية ما طالبوا بحلها. أنصاف الحلول لن تنقذ الثورة التى يتكالب عليها الخاسرون فى صندوق الاقتراع، والتباطؤ فى حسم ملفات حساسة سيكلف مصر الكثير، وإنهاء سيناريو التجربة التركية الذى يحاول البعض استنساخه بات ضرورة حتمية. السيناريو التركى الذى تلاعب بإرادة الشعب التركى على مدار عقود عبر مؤسستى العسكر والقضاء، يعاد استنساخه، إلا أن الرئيس محمد مرسى نجح فى إقصاء العسكر بضربة قاضية، ويجب أن يعجل بالضربة الثانية لمؤسسة القضاء التى باتت مسيسة ومتحالفة مع الفلول، وكشفت عن تبعيتها للنظام السابق فى تنفيذ مخطط حل المؤسسات المنتخبة. المحكمة الدستورية العليا يجب أن تحل شعبيًا قبل أن تحل بقرار رئاسى، ولا بد أن تنطلق المليونيات لمحاصرة هذا الصرح الذى يضم قضاة مبارك وسوزان وعلى رأسهم تهانى الجبالى، ويكفى ما أكدته صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها مؤخراً عن تداعيات وقائع مؤتمر المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة، مشيرة إلى أن القضاة الذين يدينون بالولاء لنظام الرئيس السابق الديكتاتور حسني مبارك يحاولون إعاقة خطوات الرئيس الجديد. وأشارت الصحيفة إلى أن القضاة الذين تم اختيارهم وتوظيفهم من قبل الرئيس المخلوع "حسني مبارك" انضموا إلى القيادات الليبرالية والعلمانية ليشكلوا جبهة معارضة ضد هذا المرسوم الذي يرون أنه يقلص سلطاتهم التي لطالما تمتعوا بها في ظل النظام القديم. المليونيات لا تحتشد أمام جامعة القاهرة أو الاتحادية، وإنما أمام المحكمة الدستورية، لأن الشعب اتخذ قرارًا بحل هذه المؤسسة المسيسة التى ضربت بعرض الحائط إرادة 30 مليون مصرى، وسط تعتيم إعلامي على فضيحة تورط المحكمة فى تمرير قانون انتخابات مجلس الشعب فى عهد المجلس العسكرى رغم ما به من ثغرات، تحسبًا لحدوث طارئ يمكن المحكمة من استدعاء هذه الثغرات لحل المجلس إذا تجاوز دوره، أو اقترب من عش الدبابير، وهو ما تم بالفعل. هذه هى الحقيقة التى تعامى عنها الإعلام الليبرالى الفلولى المضلل.. إعلام ساويرس ولميس وبكرى والجلاد وخفاجة ومحمود سعد وخالد صلاح وأديب وخيرى رمضان والإبراشى.. هذه هى حقيقة المحكمة الدستورية العليا التى يتقاضى 19 قاضيًا بها 62 مليون جنيه، من أموال هذا الشعب، ثم تقوم بحل مؤسساته المنتخبة، وتستعد لحل الشورى والتأسيسية وعزل الرئيس المنتخب، وتعيين رئيسها المستشار ماهر البحيرى رئيسًا مؤقتًا للبلاد لحين إجراء انتخابات جديدة تأتى بشقيق أو حمدين أو عمرو موسى. حل المحكمة الدستورية العليا بقرار من الشعب، وتكليف مجلس القضاء الأعلى بانتخاب محكمة جديدة، هو السبيل الوحيد لإنقاذ الثورة، وإنهاء عملية الولادة المتعثرة - بفعل فاعل- للمؤسسات التشريعية وإنجاز الدستور، حتى ننعم بدولة تحترم إرادة شعبها.