في تطور مباغت لخارطة المواقف المرتسمة على واجهة المشهد السياسي في اليمن، أعلن تحالف أحزاب المعارضة اليمنية "تكتل اللقاء المشترك" قراره المؤجل بخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في سبتمبر القادم بمرشح سيمثل التكتل المعارض، في مواجهة حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم ومرشحة الوحيد والمفترض الرئيس الحالي علي عبد الله صالح. إعلان "المشترك المعارض" جاء على لسان ناطقة الرسمي محمد قحطان، الذي أكد أن أحزاب التحالف المعارض ستخوض الانتخابات الرئاسية القادمة بمرشح واحد في مواجهة مرشح الحزب الحاكم، الذي يتوقع على نطاق واسع أن يكون الرئيس علي عبد الله صالح، رغم تمسك الأخير حتى الآن بموقفه المعلن من عدم الترشح في انتخابات سبتمبر، التي ستشهد بحسب المراقبين، وفي ظل التطور الأخير في موقف أحزاب المعارضة الرئيسية في البلاد، معتركا تنافسيا حامي الوطيس، قد يسفر في نظر البعض عن مفاجآت غير متوقعة من شأنها إعادة ترتيب أوراق المعادلة السياسية في البلاد، التي اتجهت وعلى مدى أربعة عشر عاما منذ إجراء أول انتخابات تنافسية نيابية في العام 1993م، إلى ترجيح كفة حزب المؤتمر الحاكم. التطور "الدراماتيكي" المفاجئ في موقف أحزاب المعارضة من جدلية المنافسة في الانتخابات الرئاسية القادمة، مثل في نظر الكثير من المراقبين المحليين، خلاصة متوقعة لانهيار مشهود في علاقات التكتل المعارض مع الحزب الحاكم، وتعبيرا عن حالة مماثلة من التوتر، وانقطاع سبل الحوار المشترك، ارتسمت إرهاصاته بقوة على واجهة المشهد السياسي إثر رفض "المشترك" مؤخرا، أي صيغة توافقية مقترحة من قبل حزب المؤتمر لتسوية الخلافات الناشبة حول تقييم أداء اللجنة العليا للانتخابات، وتمسكه بمطالبة إقالة أعضاء الأخيرة لاعتبارات تتعلق بعدم الحياد في أدارة العمليات الانتخابية. إضافة إلى التصريحات النارية التي أطلقها عدد من قيادات الصف الأول في التحالف المعارض، والتي كان آخرها وأكثرها حدة، الدعوة التي أطلقها الشيخ حميد الأحمر القيادي البارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح وعضو كتلة الحزب الإسلامي في البرلمان والنجل الأوسط لرئيس مجلس النواب ورئيس الهيئة العليا "لحزب الإصلاح"، لإشعال الثورة الشعبية على النظام القائم، وما صاحبها من دعوة مماثلة للدول والمنظمات المانحة بقطع المساعدات الاقتصادية المقدمة إلى اليمن، وهي التصريحات التي اعتبرها قياديون في حزب الإصلاح الإسلامي، معبرة عن وجهة نظر وموقف الأخير وليس الحزب، الأمر الذي عزز من الشكوك المتصاعدة حول تصدع يشوب علاقة التحالف الإستراتيجي الشهير بين آل الأحمر من جهة والرئيس علي عبد الله صالح، وهي الشكوك التي أثارتها بقوة تكرار غياب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر عن المشهد السياسي في اليمن لأشهر قضاها خارج البلاد، قبل أن تبرز وسائل الإعلام الرسمية مؤخرا نبأ عودته من رحلته العلاجية الطويلة في السعودية، في محاولة لنفي الشكوك المتعلقة بتصدع علاقة الشيخ بالرئيس. تصريحات الأحمر الابن، سبقتها بأيام قليلة فقط ،انهيار آخر محاولة لتسوية الخلافات الناشبة بين طرفي المعادلة السياسية، وتمثلت بجلسة حوار رعاها الرئيس صالح شخصيا، وجمعت قيادات في حزب المؤتمر الحاكم وأحزاب "المشترك"، قبل أن تتسبب واقعة تلاسن حاد نشب بين الأمين العام المساعد للحزب الحاكم سلطان البركاني ونظيره في حزب الإصلاح عبد الوهاب الآنسي، في إجهاض محاولة الرئيس التوفيق بين الجانبين. لتندلع عقبها حملات إعلامية وسياسية متبادلة بين الطرفين، مهدت لتوقعات بتغيير تحالف المعارضة لموقفه المتذبذب من قضية خوض الانتخابات الرئاسية القادمة بمرشح قادر على منافسة الرئيس علي عبد الله صالح، في حال تراجع عن قراره بعدم الترشح للرئاسة. ويبقي التضارب في المعلومات والتباين في التكهنات حول تحديد هوية المرشح الرئاسي "للمشترك" في ثاني انتخابات رئاسية تشهدها اليمن منذ العام 1999م سيد الموقف في الساحة السياسية اليمنية حاليا، وسط تسريبات تناقلتها عدد من الصحف المحلية مؤخرا عن اتصالات يجريها حزب التجمع اليمني للإصلاح في أوساط شركائه في التحالف المعارض، لتزكية مقترح بترشيح أمينه العام محمد اليدومي كمرشح للتحالف في الانتخابات الرئاسية القادمة، وهي التسريبات التي امتنعت مصادر قيادية في الحزب الإسلامي عن نفيها أو تأكيدها ل"العصر"، مكتفية بالقول: إن تحديد هوية مرشح "المشترك" للرئاسة، لا يزال محل تداول بين قيادات الأخير، وأن ثمة خيارات في هذا الصدد سيتم حسمها في القريب العاجل. المصدر : العصر