ما بين الحزن واستغلال الحزن, كما بين الحق والباطل, فالحزانى أنا وأنت، وقبلنا أبو الولد والبنت ومشترى الكراسة التى دهسها القطار, أما الآخرون فمتاجرون بالحزن, فلا تكاد تجد كاتبًا من إياهم أو مذيعًا من اسم الله عليهم, إلا وقعد لحادث منفلوط, يشترى ويبيع بدماء الأطفال وحزن الأمهات طعنًا فى مرسى وسبًا فيه. وأنا قلت لمعاليك البقاء لله, وأتبعتها بأن حكومة قنديل حكومة لا تملأ كراسيها, ولكن تلك تركة عشرات السنين من الفساد والإهمال واللامبالاة. تركة ثقيلة تتساقط منها البلهارسيا, ويصفر لونها بتعب الأكباد, وتتضخم بانتشار الورم, وتشدخها البطالة ويستفزها الفقر. لكن مرسى فوق كتفيه ما لا حاكم شال, ولا زعيم حمل.. ولهذا فهو بحاجة لحكومة أفضل, ومستشارين أكثر مهنية وحرفية, لا مجرد أكثر ولاء. وإلا فالغضب القادم سيكسر كل أبواب الأمان والاستقرار وسيعصف بالجميع. أعود لأولئك الذين حملوا الرئيس وحده المسئولية, ونسوا أن الصعيد ملأ صفحات الحوادث, وسود عناوين الصحف بكوارث أبيض لها شعر رأسنا, فالصعيد هو بطل مأساة العبارة سالم إكسبريس والعبارة "السلام 98"، بركابهما الصعايدة, وبطل محرقة مسرح بنى سويف, والصعيد هو منتج مئات الجثث المتفحمة فى القطار الكئيب, وهو بلاد سيول أسوان وحوادث طرق المنيا ومعديات النيل, والصعيد هو الراعى الرسمى لفيروس سى بمصر.. وفى كل ذلك لم يجرؤ أحد من هؤلاء الغمازين اللمازين المشائين بتجارة الحزن أن يتهم مبارك, اللهم إلا الشاعر الصعيدى جمال بخيت فى قصيدة "مش باقى منى غير شوية لحم فى كتافي". لكن كل ما سبق لا ينفى مسئولية مرسي. كيف؟ الرئيس مسئول ومُسائل عن أداء حكومته, ومشاغبات مستشاريه, وهو مسئول ومُسائل عن مشاهدته للخلافات المتكررة المتعمدة أو الحقيقية داخل لجنة الدستور, وهى لجنة مهددة قانونيًا بالحل, وأكثر من صوت – خاصة من المرشحين السابقين- نصحه بحل اللجنة وإعادة تشكيلها بطريقة توافقية. أما وأن نظل واقفين محلك سر, فالمسئولية عن الجميع سواء الذين يتربصون لإفشال اللجنة, أو أولئك الذين يرون أن أغلبيتهم تمنحهم الحق فى رفض الاعتراضات. السفينة فى خطر. والرئيس أيضا.. صدقوني. [email protected]