لو كنت مكان الكابتن نبيل معلول لطلبت نقل مباراة الإياب فى نهائى أبطال إفريقيا بين الترجى والأهلى إلى أى ملعب آخر فى تونس بدلاً من استاد رادس الذى شهد لدغة (بو تريكة) فى اللحظات الحاسمة أمام الصفاقسى فى نهائى 2006.. أما محمد أبو تريكة الذى حسم بأهدافه المؤثرة كثيرًا من المواقف المشابهة سواء لناديه الأهلى أو لمنتخب مصر، وكانت كلمة الحسم غالبًا ما تخرج من بين قدميه أو من رأسه، كما فعلها فى ركلة الجزاء الترجيحية فى نهائى أمم إفريقيا 2006 أمام كوت ديفوار بالقاهرة، أو فى نهائى أمم إفريقيا 2008 فى غانا أمام الكاميرون من تمريرة المشاغب محمد زيدان، أو أمام الكونغو فى الكونغو ليصعد بمصر للمرحلة الثانية لتصفيات مونديال 2010 أو كما فعلها مع الأهلى فى الحصول على ثالث العالم فى اليابان 2006.. أو للحاق بالمباراة الفاصلة أمام الإسماعيلى لتحديد بطل الدورى بهدفه فى طلائع الجيش – الهدف المعترض عليه – أو الثلاثية الخرافية التى تأهل بها الأهلى هذا العام لدورى المجموعات بعدما كان يحزم حقائبه لمغادرة البطولة لولا ثلاثية أبو تريكة – الاستبن – فى النصف ساعة الأخيرة لهذه المباراة !! ذكريات سعيدة رائعة عاشها شعب مصر وعاشتها الجماهير الأهلاوية مع هذا النجم الاستثنائى محمد أبو تريكة .. الذى كان يتردد اسمه فى أسواق مكةالمكرمة – حيث كنت أقيم لسنوات طويلة – وفى كثير من العواصم العربية مقرونا بالبضائع الفاخرة.. فالسمك البورى الفاخر كان يباع مطلوقاً عليه ماركة أبو تريكة.. وكذلك الأنواع الفاخرة من التمور والمكسرات والموديلات الحديثة من الملابس كانت كلها فى الأسواق العربية ماركة أبو تريكة .. ومع ذلك تظل لدغة أبو تريكة فى استاد رادس لنادى الصفاقسى الشقيق هى الأكثر ثباتاً فى ذاكرة جماهير الكرة العربية لأنها كانت عجيبة وغريبة فى كل شيء.. وهذا الأسبوع يتكرر الموقف على مسرح استاد رادس مع تغيير الصفاقسى بالترجى التونسى الشقيق .. فهل يفعلها أبو تريكة ثانية؟ المباراة صعبة بكل المقاييس، وفريق الترجى فريق على أعلى مستوى فى الأداء الخططى والتكتيكى وأشعر أن المدير الفنى القدير نبيل معلول يقود اللاعبين فى الملعب بالريموت كنترول.. والنتيجة التى خرج بها الفريق من برج العرب نتيجة جيدة.. وتقدم ست سنوات فى عمر أبو تريكة مع تغيير 14 لاعبًا فى قائمة الأهلى التى شهدت ذكريات رادس 2006 ، فلم يبق من هذه القائمة فى تشكيلة الأهلى سوى تريكة ومتعب ووائل جمعة وأحمد شديد قناوى وحسام عاشور وبركات الذى كان موقوفا فى تلك المباراة.. أما أحمد السيد فلا أعرف مصيره مع النادى الأهلى بعد الغياب الطويل !! بالطبع مع إدارة فنية جديدة بقيادة المحترم حسام البدري.. كلها عوامل تجعل المشهد مختلفاً .. فهل تتيح الظروف الفرصة لأبو تريكة ورفاقه الجدد أن يعمقوا عقدة استاد رادس لدى الجماهير التونسية؟ الأمر يحتاج إلى أكثر من كرة القدم فى الملعب.. الأمر يحتاج إلى توفيق استثنائى للبدرى فى وضع تشكيلة البداية وفى قراءة المباراة وفى التبديلات أثناء سير المباراة خاصة وهو يلعب مباراة أشبه بمباراة الشطرنج مع منافسه معلول.. ويحتاج كذلك إلى هدوء وتركيز شديد من لاعبى الأهلى بلا تسرع ولا سربعة ولا عصبية تهدر الطاقة بغير طائل.. ويحتاج إلى ثبات عصبى وانفعالى وعدم الاستجابة للاستفزاز خاصة من أحمد فتحى المكوك العصبى فى أداء الأهلى، وتحتاج إلى نفس طويل حتى اللحظة الأخيرة وأيا كانت النتيجة ففقدان اللاعبين تركيزهم نتيجة هدف مباغت فى مرماهم يقلب سير المباراة لصالح المنافس.. وتحتاج إلى ثقة عالية بالنفس وتركيز وإصرار على النجاح من شريف إكرامى لتصحيح علاقته بحراسة مرمى الأهلى، ولعل هذه المباراة وحدها تعيد لقب وحش إفريقيا لعائلة إكرامى وتحجزه لشريف خلفا لإكرامى الأب!! والمباراة الحرجة تحتاج كذلك إلى اعتراف صريح – أشك فى إمكانية حدوثه – من إدارة الأهلى بخطئها فى حق النجم الخلوق أمل الجماهير فى رادس بعد ست سنوات كاملة.. فالأهلى لا يقف على نجم أيا كان، ولا أحد مهما بلغت نجوميته فوق المبادئ والحساب.. والأهلى الذى يخوض هذه المباراة الفاصلة باسم مصر يمثله فيها عشرون لاعبًا كلهم لا يقل دورهم فى الملعب أو خارج الخطوط عن أبو تريكة .. لكن موقف أبو تريكة الذى عوقب بسببه واستبعد من الملاعب أكثر من شهر ونصف – أثرت بلا شك على مستواه وأثرت أكثر على معنوياته - كان أقرب لمبادئ الأهلى وتاريخه ووطنيته من مواقف الإدارة التى أخذت القرار العصبى المتشنج، كما أن اعتذار الإدارة لأبو تريكة هو إعلاء لقيمة اللاعبين جميعًا فاللاعب إنسان حى المشاعر حر التفكير وليس مجرد ترس فى آلة عملاقة، ولا يمكن أن يحول عقد احتراف الإنسان إلى ترس معجم لا يحس ولا يتألم ولا يعبر .. فاحترام العقود الاحترافية لا يلغى آدمية الإنسان !! والاعتذار لأبو تريكة هو اعتراف بآدمية اللاعبين جميعًا وحقوقهم المشروعة فى التعبير الحر المهذب عن أفكارهم ومشاعرهم.. وهل يعتذر الإعلام الكروى الذى هلل لذبح أبو تريكة كرويًا ووقف على أطراف أصابعه لاغتياله معنويًا.. هل يعتذر هذا الإعلام ويذكر الجماهير بأهداف أمير القلوب الحاسمة ويعيد له الإجماع الإعلامى والجماهيرى الذى كان يحظى به قبل أن يقف للمتشنجين فى (سبوبة) عيشهم.. وهل تفعلها الإدارة الأهلاوية لتعيد للنجم الخلوق اتزانه فى الملعب؟ ربما يكون هذا الاتزان المطلوب سببًا فى أن يلقى (بو تريكة) كلمة الحسم فى هذه المباراة – البطولة- أيضا!! أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]