ما أجمل الكرة عندما تشهد منافسات حامية طمعا في القمة كما هو حادث الآن بعد مضي ثلاثة أسابيع من عمر الدوري العام في مصر. لقد أصبح أهل القمة أربعة لأول مرة منذ سنوات طويلة، فالأهلي يمضي بنجاح في الموسم الجديد بدون هزيمة أو تعادل، ويجلس معه غريمه الثاني الاسماعيلي رافضا التفريط في أي نقطة مهما كان المنافس ومحتفظا بشبكة عذراء مما يدل على قوة دفاعه وحارس مرماه بعد ما كانوا في الموسم الماضي مطمعا لكل الأندية. أما الغريم الأول للأهلي وأقصد به الزمالك فقد استعاد بريقه وخطورته مع الماكر الداهية فاروق جعفر، وأنا على ثقة بأن الطاووس جوزيه ومساعده حسام البدري يهابان هذا الماكر الزملكاوي، ويفكران من الآن في طريقة مواجهته عندما يتقابل الفريقان..! جوزيه نجح حتى الآن في استعادة زمام الأمور بمخزونه الاستراتيجي المتمثل في ابو تريكة بعد أن كادت مباراة اسمنت اسيوط تفلت منه، وبعد أن خطف غزل المحلة التعادل وكانت المباراة على وشك الانتهاء بهذه النتيجة لولا رأسية عماد النحاس قبل انتهاء المباراة بدقائق قليلة، لكن يبدو لي أن الطاووس لم يعد عنده جديد ليقدمه، وأن الموسم الماضي خدمه بوجود فرق افتقدت الطموح أو دمرتها المشاكل كما حصل في الزمالك! ولمن لا يصدقني فليقرأ معي بحياد كامل كيف كان شكل لاعبي الأهلي عندما تجرأ غزل المحلة وهاجمهم طوال الشوط الأول ومعظم الشوط الثاني. رأينا فريقا عاديا ليس عنده حلول في التغطية السليمة، يرتبك سريعا أمام الغزوات الفردية المحلاوية، ولكن لأن "الحظ" دائما أهلاوي فقد اصطدمت كرة ضالة برأس فلافيو "التعبان" ودخلت المرمى! واستمر الضغط المحلاوي رغم الهدف، وعجز الطاووس البرتغالي عن مجاراة المحلي الخشاب، حتى بدا كأنه برتغالي من صنع الصين أو تايوان.. والمفروض في هذه الحالة أن يكون بجانبه مدرب فاهم، لكن صاحب بالين كداب، وحسام البدري مشغول بادارة الكرة، والتدريب وبالتالي فليس عنده الوقت ليذاكر أو يقدم جديدا يسعف جوزيه! مشكلة الأهلي أنه لم يتعود على اللعب تحت ضغط الخصم، وكل الأندية المحلية التي تلاعبه تضع خططها على اللعب في نصف ملعبها، كأن لاعبي الأهلي قادمون من كوكب آخر، مع أنهم والله جاءوا من أندية عديدة كانت تلعب بحثا عن النقطة، ولم يكن معظمهم يجيد أكثر من "حيطة" الجوهري الشهيرة! فلما ضغط لاعبو الغزل ولعبوا بفكر هجومي صريح، رأينا لاعبي الأهلي يتراجعون في نصف ملعبهم وتكثر أخطاؤهم، وتتوالى التصويبات في اتجاه حارس عرينهم عصام الحضري، مما جعل جوزيه يقوم من مقعده غاضبا وهو لا يصدق ما يجري!.. فقد اصبح فريقه في غمضة عين من الفرق الانزراعية، وهو وصف استاذ النقد الرياضي الراحل العم نجيب المستكاوي، للطريقة العتيدة التي تلعب بها الفرق المصرية من زمان، حيث ينتظرون أن تأتيهم الكرة ولا يجرون وراءها، ومن ثم كان دفاع الأهلي بقيادة النحاس يتفرجون على لاعب المحلة المندفع نحو مرماهم منتهكا عفة الشبكة العذراء بعد ثلاث مباريات فقط من الدوري العام، على عكس الدوري الماضي، وهو ما يشي بأن البقية ستأتي حتما إن لم يستيقظ الأهلي ويعالج الثغرات الكثيرة في فريقه. فاذا كان المحلاوية قد كشفوا بهجومهم معدن لاعبي الاهلي، الذين عادوا للاستئساد عندما لجأ المحلاوية لدفاع لا داع له، فإن الآخرين مثل الزمالك والاسماعيلي وانبي لديهم الحلول الكثيرة لاقتحام عرين الحضري، ويتمتعون بالقوة الهجومية الضاغطة.. فهل يحتاج الأهلي إلى فكر جديد ليتخلص من اسلوبه الحالي الذي حفظته كل الأندية، أم أن جوزيه قادر على تجديد فكره ومباغتة الأندية المنافسة بأسلوب آخر في اللعب وجمل تكتيكية مبتكرة؟! أما حكاية المخزون الاستراتيجي الذي يتم الدفع به في الأوقات الصعبة، فهذا لا يجدي مثلا مع فكر جعفر، فهو خبيث كروي ولديه ما يفسد به ذلك المخزون، ولا يفيد أيضا مع قوة انبي ومهارة الدراويش! الفارس الثاني الدروايش، لا يزال يلعب من أجل المتعة فقط، كل لاعب فيهم يلعب ليمتع نفسه ويمتع الذين يشاهدونه، ولذلك أحيانا يتمتعوا ويمتعوا ثم تطير منهم نقطتان أو ثلاث نقاط، وهو أسلوب برازيلي تخلى عنه أصحابه الأصليون، الذين كانوا يفقدون المباريات ويخسرون البطولات رغم أنهم متخمون بالنجوم المتلألئة التي تقدم أجمل العروض الكروية. وعندما تغير أسلوبهم الى اللعب من أجل الفوز ثم المتعة ثانيا تغير الوضع واستعادوا البطولات بدءا من أعظمها وهو كأس العالم! لذلك عتبي على الدراويش الذين أجادوا وامتعوا خلال الشوط الأول من مباراتهم مع الاتحاد، لكنهم استمروا في تضييع الفرص، وبعد أن أحرزوا هدفين ظنوا أن المباراة قد انتهت فتركوا الشوط الثاني لأبناء الثغر، وهم على – قد حالهم – ولولا ذلك لأمكنهم التعادل.. فهل يعالج عماد سليمان هذه الظاهرة التي ستهدد مسيرة الفريق في المباريات القادمة، خاصة وأن عيوبها ظهرت جليا في مباراتهم الأفريقية مع المقاولون عندما احرزوا هدفين مباغتين ثم ذهبوا في تعسيلة من الغرور والبحث عن امتاع الناس وانتزاع الأهات، فخطف المقاولون التعادل وكادوا يفوزون أو ينهون المباراة بالتعادل على أسوأ تقدير! الفارس الثالث وهوالزمالك يتقدم ويزداد مستواه، والأهم أنه يملك بدائل قوية من اللاعبين لا يقلون عن مستوى الاساسيين، ثم أن لديه الثعلب الصغير حازم امام، وهو ماركة مسجلة في الزمالك فقط ليس لها مثيل آخر في مصر، وكسب لاعبا جديدا سيكون له شأن وهو أحمد حسام. مشكلته التي ستكلفه الكثير هو خط دفاعة بقيادة وائل القباني الذي يخطئ اخطاء ساذجة كلفته هدف المقاولون الوحيد.. مثل هذا الهدف قد ينهي مباراة في حالة مواجهة الزمالك للفرق القوية مثل الاهلي وانبي والاسماعيلي، فكيف سيعالج جعفر ذلك، وهل ينجح في انتزاع الثقة الزائدة عن الحد لدى القباني وهي عيبه الوحيد الذي يجعله لاعبا غير مرغوب فيه في منتخب مصر، لأنها قد تكلف فريقه هزائم غير متوقعة! الفارس الرابع انبي صار أكبر من لقب "الحصان الأسود" الذي فاجأنا به في الموسم الماضي، والغريب أن طه بصري الذي صعد به من دوري المظاليم لا يزال هو مديره الفني، ولا يزال قادرا على تجديد نفسه والظهور بنيولوك جديد في كل دوري. هذه المرة لن يرضى انبي بمركز الوصيف وسيسعى للحصول على الدوري خاصة بعد أن نجح في الحصول على أول بطولة في حياته وهي بطولة الكأس في الموسم الماضي. هذا هو الدوري الذي نريده.. ذلك وحده يرفع مستوى الكرة المصرية ويصنع منتخبا قويا قادرا على المنافسة، خاصة وأننا مقبلون على كأس الأمم الأفريقية في يناير القادم. [email protected]