أكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أن دستور الكويت جاء استشرافا لمكانة من كرمهم الله سبحانه في كتابه العزيز بقوله "وأمرهم شورى بينهم"، وتكريسا لما كان عليه أهل الكويت على مر الأجيال المتعاقبة أخوة متكاتفين تجمع بينهم وحدة الرؤية ووشائج المصير المشترك، في إطار من الإيمان الصادق بإسلامنا الحنيف وثوابتنا الراسخة متمسكين بقيمهم الأصيلة مجسدين روح الأسرة التي تربط بينهم. وقال الشيخ صباح - فى كلمة وجهها بمناسبة الاحتفال بمرور 50 عاما على التصديق على الدستور - "إن أحكام هذا الدستور جاءت ترسيخا لما جبل عليه أهل الكويت من مبادئ وقيم، هي الدعامة الرئيسية لأمن الوطن، كما أنها الضمانة الحقيقية لاستقرار نظام الكويت السياسي.. وفي ظلها تمارس الحرية والديمقراطية كأداة بناء وإنجاز لدعم المجتمع وزيادة قوته وتوحيد صفوفه". وأشار إلى أن الكويت عاشت زهاء خمسة عقود من العمل البرلماني بما حملته من نتائج وممارسات بحلوها ومرها، مضيفا "لكي نقطف ثمار مسيرتنا البرلمانية علينا أن نصون تجربتنا بالتقييم الموضوعي والنقد الذاتي البناء، فليس عيبا أن تشوبها بعض المثالب، ولكن العيب في تجاهل تلك المثالب والتهاون في إصلاحها والتخلص منها". وتابع الشيخ صباح "أننا نتفهم الاختلاف حول سبل إصلاح أمورنا، ونتقبل النقد والنصح للارتقاء بمؤسساتنا، كما نرحب وندعو للمساءلة والمحاسبة لأي مسئول عن أي خلل أو قصور أو اعتداء على المال العام أو انتهاك وتجاوز القانون، ونتعاون جميعا لخير ومصلحة بلدنا.. فهذا همنا وهدفنا الوطني المشترك وبصوت العقل نعالج مشاكلنا". وأوضح أن الدول التي تنعم بظلال الحرية والدستور والقوانين والمؤسسات والمجالس المنتخبة، وتتمتع بإعلام حر وتمتلك جميع الأدوات الدستورية للرقابة والمحاسبة تكون ممارستها محكومة بالروح الوطنية والتمعن بمعاني القسم البرلماني العظيم ومتطلباته، وإعادة النظر في الكثير من المفاهيم المغلوطة والأعراف المشوهة التي عمل البعض على ترسيخها عن طريق الأمر الواقع، وتستوجب إيصال نبض الشارع وهمومه إلى المؤسسات لا أن تجر المؤسسات إلى الشارع. وقال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح "نؤكد الثقة بحسن نوايا الجميع وحقهم في التعبير عن رأيهم.. غير أننا لسنا وحدنا في الميدان، وهناك مصالح وأهداف وغايات لأعداء هذا الوطن نربأ بأن يكون أبناؤنا أدوات ووقودا لها دون أن يعلموا، لافتا إلى أنه من الوعي والحكمة والعقل أن نتباصر حول المستفيد الأكبر من تعريض البلاد للفوضى والقلاقل، ونتساءل أين تصب نتائج هذه الفوضى في المحصلة النهائية؟". وأشار إلى أن الاحتفال بالذكرى ال50 للدستور تتزامن مع بدء فعاليات الانتخابات النيابية للفصل التشريعي ال14، مشددا على أن المشاركة في ممارسة الحق الانتخابي هي واجب وطني مستحق، وعلى المواطنين تقع مسئولية حسن اختيار ممثليهم القادرين على حمل الأمانة وتحقيق آمالهم وتطلعاتهم ورفعة وطنهم. وأضاف الشيخ صباح "نحن أمام مرحلة مهمة حافلة بالتحديات، ولا تحتمل التهاون والتراخي وغياب الإرادة الفاعلة.. والقرارات الحاسمة تستوجب حسن الاستفادة من ثمين الوقت ووفرة الامكانات والانصراف عن كل ما يبدد الجهود ويبعثر الطاقات إيذانا بولادة عهد ايجابي جديد ينشده الجميع ويعيد الثقة بمؤسساتنا الدستورية، ويجسد العمل الجماعي المشترك، ويحترم الرأي الأخر، ويحقق العدالة والمساواة مراعيا للتوازن بين أهداف التشريع وجدواه وامكانيات التنفيذ. ونوه إلى أن من أهم الانجازات التي تفخر الكويت بها هى نيل المرأة الكويتية حقها السياسي في الانتخاب والترشيح، والذي يأتي مكملا لدورها الحيوي المشهود عبر الأجيال في تحمل مسئولية بناء وصناعة المجتمع الكويتي وتدعيم أركانه. وأكد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الاعتزاز بالقضاء الشامخ المشهود له بالنزاهة والأمانة، واصفا إياه بأنه "الحصن الأمين والسياج المنيع" الذي يحفظ لكل حقه بما يحتم على الجميع أن يلتزم بأحكامه، وأن يحترم استقلاله وألا يحاول التدخل فيه أو التاثير عليه بأي شكل من الأشكال. وأشار إلى الاهتمام بالشباب مادة الحاضر وأمل المستقبل، قائلا "علينا أن نزرع فيهم روح الولاء للوطن ومفاهيم التضحية والإيثار، وتعزيز قيم التسامح والألفة والتلاحم، ونبذ الانفلات والفوضى، وتأكيد مبادىء الإلتزام بالقانون وممارسة الحرية المسئولة، وبث روح العمل الخلاق والإبداع". واختتم الشيخ صباح كلمته بالإشارة إلى جسامة المسئولية وثقل العبء، والتأكيد على القدرة على تحمل المسئولية بثقة وإيمان وعزم وإصرار، داعيا إلى الاسترشاد بتعاليم الدين والتمسك بالقيم والثوابت وإعلاء صوت القانون والحق والعدالة، والبعد عن التحزب والتناحر والمصالح، والعمل قلبا واحدا لخير البلاد، وأن تكون مصلحة الكويت هي أعلى المصالح وأغلاها.