دعت قوى المعارضة والحركات المطالبة بالتغيير إلى تشكيل جبهة وطنية لقيادة العمل السياسي في الفترة القادمة من أجل انتزاع المطالب الديمقراطية من الحزب الحاكم وفى مقدمتها برلمان منتخب ومعبر عن الإرادة الشعبية ، مقللة من أهمية الانتخابات الرئاسية ، باعتبار أنها تكريس للفكر الشمولي للحزب الحاكم في ثوب جديد وهو الأمر الذي لا يتوقع بسببه الشارع السياسي أي تغيير نحو الديمقراطية في فترة ما بعد الانتخابات. وقال ممثلون عن أحزاب المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين في ندوة " ما بعد انتخابات الرئاسة" والتي عقدها صالون إحسان عبد القدوس أمس الأول في افتتاح موسمه الثقافي إنه لا إصلاح سياسي حقيقي إلا بوجود برلمان يتم انتخابه بإرادة شعبية حرة وليس على غرار اختيار الرئيس. فيما شنت جماعة الإخوان المسلمين هجوما حادا على الحزب الحاكم وحملته مسئولية التسبب في كوارث وطنية تستوجب – حسب الإخوان – تقديم المسئولين عنها للمحاكمة ، إلا أنها عادت ودعت إلى فتح صفحة جديدة مع الحزب الحاكم تقوم على أساس نسيان الماضي والنظر إلى المستقبل. من جهته ، دافع ممثل الحزب الوطني الحاكم عن سياسية الحزب ودعا كافة التيارات السياسية والقوى الوطنية إلى ضرورة وجود قنوات اتصال فيما بينها وبين الحزب حتى يتم تحقيق الإصلاح المنشود بدلا من أن تضيع المعارضة وقتها في الحديث عن أشياء مضت وانتهى أمرها ، على حد تعبيره. وأشار المفكر السياسي وممثل حزب التجمع عبد الغفار شكر إلى أن الانتخابات الرئاسية تعد خطوة على طريق التطور الديمقراطى وأنها تأتى تتويجا لمطالب المعارضة التي توحدت صفوف كل قواها منذ عام وأبدت اتفاقا حول أولوية النضال من اجل التحول الديمقراطى. ولفت إلى أن الحزب الحاكم عمل على تهميش المعارضة خلال العقود الماضية وتجاهل مطالبها حتى تلك المتعلقة بتعديل المادة 76 من الدستور والتي تم تعديلها بطريقة أدت إلى النتيجة التي ظهرت بها الانتخابات وهى فوز مرشح الحزب الحاكم. وانتقد شكر القوى الجديدة في الحزب الحاكم واتهمها بلعب دور المزور في الانتخابات الرئاسية وذلك حينما لجأت لاستخدام آلية جديدة للتزوير وهى لجنة الوافدين وذلك استمرارا لتكريس الفكر الشمولي الذي سار عليه الحزب الحاكم طوال ربع قرن من الزمان. ودعا شكر قوى المعارضة والحركات المطالبة بالتغيير الديمقراطى إلي ضرورة إعادة النظر في سياساتها وتوحيد صفوفها وإيجاد آلية فيما بينها لخوض انتخابات برلمانية قوية حتى يكون لها تمثيل قوى داخله لإحداث التطور الديمقراطى عن طريق مزيد من المشاركة الشعبية في حل المشاكل التي تراكمت لسنوات طويلة. من جانبه ، دعا عضو مجلس الشعب ووكيل مؤسسي حزب الكرامة حمدين صباحي فقد دعا إلى تشكيل جبهة وطنية تتسع لكل الأحزاب واستثنى منها الحزب الوطني الذي حمله مسئولية تدنى الأوضاع الداخلية وأيضا تدنى موقع مصر على الخريطة الإقليمية والدولية. ورأى صباحي أن الانتخابات الرئاسية تمثل خطوة للإمام إلا انه عاد ليؤكد أنها لن تكتمل إلا بتشكيل جبهة للمعارضة حتى تحافظ على المكاسب التي حققتها في الفترة الأخيرة وتواصل معركتها من اجل استغلال القضاء الذي يعد الضمانة الحقيقية لتطور ديمقراطي سلمى وكفء وكذلك لانتزاع لائحة ديمقراطية للطلاب. من جهته ، اعتبر رئيس لجنة التعليم بمجلس الشعب واحد كوادر الفكر الجديد في الحزب الوطني الحاكم الدكتور حسام بدراوي أن الانتخابات الرئاسية أعطت دلائل هامة وانه يمكن الوقوف أمامها من حيث إيجابياتها وسلبياتها لمدة 6 سنوات قادمة إلا أن هذا الأسلوب لإيجاد في الفترة القادمة التي تتطلب – حسب البدراوى – من كافة القوى السياسية الوطنية استغلالها لإحداث مزيد من التطور معتبرا أن الانتخابات خرجت بمدلولين على جانب كبير من الأهمية أولهما انه لم يحدث تدخل من الشرطة ولم تظهر وزارة الداخلية فيها وثانيهما انه لم تظهر أي شكاوى متعلقة بتسويد البطاقات وهى الشكوى التي كانت تتصدر قائمة مشاكل الانتخابات في الماضي. ولم ينف البدراوى أن الانتخابات شابها بعض نواحي القصور والتجاوزات مثل قوائم الانتخابات وعدم استخدام التكنولوجيا في إرشاد الناخبين إلى لجان التصويت وغير ذلك إلا انه اعتبرها أخطاء يمكن تجاوزها ولم تؤثر على النتيجة النهائية للانتخابات أو مصداقيتها. واعتبر البدراوى أن الأهم من الانتخابات هو النظر في فترة ما بعد إجرائها خاصة وان هناك فرصة لابد من استغلالها عن طريق كافة القوى السياسية في ظل التغيرات التي تشهدها الأحزاب بما فيها الحزب الوطني. أما فيما يتعلق بموقف جماعة الإخوان المسلمين ، فقد نفى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد أن يكون هناك قبول بفكرة الإصلاح عن طريق مزيد من التعديلات الدستورية واعتبر أن كل ما يحدث في ظل الظروف الحالية لا يعطى أي نتائج ايجابية وقال انه لا تعديلات دستورية حقيقية إلا من خلال برلمان منتخب يقرر ما هو المطلوب في الفترة القادمة. وشن أبو الفتوح هجوما على الحزب الحاكم واتهمه بإفساد الحياة السياسية والتسبب في كوارث وطنية واعتبر أن المتسببين في تلك الكوارث يجب أن يقدموا للمحاسبة خاصة في ظل علاقة الندية التي ظهرت بها العلاقة بين الحزب الحاكم والإخوان الذين لم يطالبوا إلا بأبسط حقوق الشعب في انتخابات حرة ونزيهة واستقلال القضاء وإلغاء قانون الأحزاب ومع ذلك اعتبر الحزب الحاكم تلك المطالب كثيرة على الشعب وعلى الإخوان. ودعا أبو الفتوح لفتح صفحة جديدة بين الإخوان والحزب الحاكم تأخذ في الاعتبار نسيان ما فات في حين أن ما فات يستوجب تقديم المسئولين عنه للمحاكمة وذلك على حد وصف ممثل الإخوان المسلمين. وأشار عضو مجلس الشورى ورئيس تحرير السياسية الدولية الدكتور أسامة الغزالي حرب إلى أن التعديلات الدستورية المتعلقة بالانتخابات الرئاسية رغم الاعتراضات عليها وعلى أسلوب صياغتها إلا أنها حققت عددا من المكاسب منها القضاء على نظام جمهوري كان يقوم على أساس الشمولية والتسلطية وهو النظام الذي نشأ في أعقاب ثورة يوليو إلى نظام جمهوري جديد يقوم على أساس اختيار الرئيس هذا بجانب مساهمة تلك التعديلات في انهيار البناء القديم نافيا أن يكون البناء الجديد وفقا للإرادة الشعبية. وقال إن تعديلات المادة 76 رغم ما شابها من عيوب واعتراضات إلا أنها ساهمت في الحراك السياسي في المجتمع واستنفار كافة القوى التي عملت على شغل الفراغ السياسي على نحو يختلف كثيرا عما ساد الحياة السياسية من ركود خلال الفترة الماضية فضلا عن أن تجربة الانتخابات تمثل تشجيعا للأحزاب على تطوير نفسها وإعادة بناءها الداخلي. واعتبر حرب أن المشكلة في فترة ما بعد الانتخابات تكمن في عزوف الغالبية من الشعب عن المشاركة في الحياة السياسية وهو أمر يلقى على النخبة مسئولية بذل مجهود لحلها لأنه بدون ذلك لا يمكن إحداث التغيرات المطلوبة. وأكد على أهمية مشاركة كافة التيارات السياسية في المرحلة القادمة خاصة الإسلاميين وفى مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين التي يجب أن تشارك في العملية السياسية وان يكون هناك توافق على عدم استبعادها عن باقي القوى السياسية الأخرى حتى يتم الإصلاح الدستوري لان الدستور هو الوثيقة التي تحكم المجتمع.