تفكير حكومتنا الحالية في إصدار قرار بغلق المحال التجارية والمقاهي بدايةً من العاشرة مساءً بهدف توفير الوقود والكهرباء، يعد في رأيي تفكيرًا في ظاهرة الرحمة وفي باطنه العذاب خاصة وأن قطاعات عريضة من الشعب المصري ليلهم نهار ونهارهم ليل، وذلك لتفشي البطالة في مجتمعنا بشكل يصعب وصفه وبالتالي يجد العاطلون في الجلوس على المقاهي والسهر أمام التلفاز فرصة جيدة لتضييع الوقت والتنفيس والترويح عما بداخلهم من شعور بالإحباط واليأس والفراغ القاتل.. قد يكون هذا القرار ناجحًا جدًا في بعض الدول المتقدمة التى تقدس العمل وتحترم آدمية شعوبها وحقهم المشروع في الحصول على فرص عمل تنهض بهم وبمجتمعاتهم إلا أن تطبيقه في مصر في هذه الآونة خصوصًا مع استمرار حالة السلب والنهب ليلًا ونهارًا في مناطق عدة في الجمهورية يعتبر أمرًا سابقًا لأوانه، فلتكُن البداية بالقضاء تمامًا على صور البلطجة وملاحقة البلطجية أينما كانوا ثم حل مشكلة البطالة وأسبابها وخلق فرص عمل كثيرة تضمن لشبابنا حياة كريمة لينفعوا أنفسهم وبلدهم، يكِدّوا ويتعبوا نهارًا فينامون ليلًا ليرتاحوا من عناء النهار!.. الغريب أننا ومنذ تولي الرئيس د. محمد مرسي زمام أمور البلد لم نسمع صوت أي مسؤول يتحدث عن مصير الملاهي الليلية والبارات الموجودة ببعض الفنادق إلى جانب صالات الديسكو المرخص معظمها وهي أحق بالغلق بل والهدم أيضًا، تلك الأماكن الملعونة التى تبدأ عملها مساءً وتستمر إلى الساعات الأولى من الصباح، والتي رغم خطورة وأهمية ما شهدته وما زالت تشهده مصر من أحداث مؤثرة هزت معظم دول العالم، إلا أن روادها يصرون على أن يهتزوا على طريقتهم غير عابئين بالأرواح التى أُزهِقت والأجساد التى أصيبت والممتلكات التى نهبت أثناء وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التى قام بها غالبية شعب مصر أملاً فى التغيير إلى الأفضل والتخلص من كل صور الفساد الأخلاقى والسياسى والإدارى والإعلامى... الخ!.. للأسف الشديد.. ما زالت هذه الأماكن الملعونة تعمل بكامل طاقتها لنشر الفواحش والموبقات ومبارزة الله بالمعاصى، حيث تقديم الخمور والغناء الفاجر والرقص الداعر كما كانت تعمل فى العهد البائد تطبيقًا لسياسة الخراب والإفساد التى كان ينتهجها النظام السابق لتدمير شباب مصر وتجريف عقولهم وإلهائهم بالمحرمات بعد تزيينها لهم كى ينشغلوا بها عما كان مبارك وزبانيته يمارسونه من فساد قضى على الأخضر واليابس وأفقر وأمرض وأجهل غالبية المصريين كى لا يستطيعوا مقاومتهم ومقاومة الطامعين فى خيرات البلد من أعداء الداخل والخارج!!.. لقد طالعتنا بعض الصحف في العام الماضي بخبر مفاده أن جماعة الإخوان المسلمين تنتوى وتفكر جديًا فى شراء العديد من صالات الديسكو والكازينوهات خاصة الكائنة بشارع الهرم لتحويلها إلى مراكز تجارية نافعة، إلا أننا لم نر حتى الآن أي تحرك فعلي وإيجابى بخصوص هذا الأمر الذى يبدو أنه ما زال حبيس النوايا والأذهان، ولم يخرج بعد عن كونه مجرد رغبة أو هدف، ربما تم تأجيل تنفيذه لاحقًا وربما هناك بعض العوائق والعقبات التى تحول دون تحقيقه!!.. لا يجوز من وجهة نظري ونحن في بداية عهد جديد أن تستمر مواطن ومنابع الانحطاط الأخلاقي والفجور المقنن والمرخص في عملها لنشر الفواحش والفتن والمجاهرة بارتكاب المعاصي بهذا الشكل المخزى والفاضح بدعوى الحرية والديمقراطية، يجب وفي أسرع وقت ممكن التخلص من هذه الأماكن المشبوهة وهدمها وتغيير أنشطتها وتحويلها إلى أماكن مفيدة ونظيفة حتى لا ينزل بسببها البلاء والنِقَم وتنتشر الأمراض والكوارث!.. كفانا فساداً وسفالة ومجاهرة بالفجور والعصيان، شباب مصر ذكورًا وإناثًا أمانة بين أيديكم يا أولى الأمر، اتقوا الله فيهم وحافظوا عليهم ليتمكنوا فيما بعد من المحافظة والدفاع عن مصر!.. أعي تمامًا أن كلامي هذا سيعتبره البعض رجعية وتخلفًا، ولكن في النهاية لا يصح إلا الصحيح، ولا صوت يعلو فوق صوت الفطرة والضمير والحق. [email protected]