كشف عالم الاجتماع المصري الأمريكي الدكتور سعد الدين إبراهيم عن وجود تغير جوهري لدى المسئولين الأمريكيين والأوربيين تجاه التعاطي مع الإسلاميين في مصر ، مشيرا إلى أنه لمس وجود دعم رسمي وغير رسمي في واشنطن لإمكانية إجراء حوار بين الإدارة الأمريكية وبعض الجماعات الإسلامية المعتدلة مثل الإخوان المسلمين ، لكن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو الإرشاد بجماعة الإخوان أكد أن الجماعة ليست طرفا فيما يثار حاليا حول هذا الحوار مشيرا إلى أن ما يقوله الدكتور سعد يخصه وحده بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف حول آرائه وأفكاره وعلاقاته . وقال سعد الدين إبراهيم في تصريحات خاصة ل " المصريون " إنه أجرى في الفترة الأخيرة العديد من جولات الحوار مع جهات رسمية وغير رسمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا ونقل لهذه الجهات ضرورة إجراء حوار مفتوح بينهم وبين الإسلاميين عموما ، وفي مصر بشكل خاص . وأوضح سعد الدين أن الكثير من المسئولين الأمريكيين ، وكثيرا من المفكرين غير الرسميين ، أيدوا وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر إذا كان ذلك عن طريق انتخابات حرة ونزيهة ذات مصداقية ، كاشفا النقاب عن أنه رشح للأمريكيين أكثر من شخصية إسلامية معروفة قادرة على حكم مصر منهم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب والقطب الإخواني عصام العريان والدكتور محمد على بشر الأمين العام المساعد لنقابة المهندسين. وأشار إبراهيم ، الذي يرتبط بصلات وثيقة مع دوائر صنع القرار الأمريكية كما أنه يحظى بتقدير العديد من الدوائر البحثية والفكرية في واشنطن ، إلى أنه لمس تغيرا جوهريا من جانب الأمريكان والأوروبيين تجاه الإسلاميين وظهر هذا جليا في التعاطي السلبي للإدارة الأمريكية مع محاولات نظام الرئيس مبارك تخويفهم من فزاعة الإسلاميين . وأوضح إبراهيم أنه كتب مقالا منذ فترة في صحيفة "نيويورك تايمز " الأمريكية حول خطأ السياسة الأمريكية التي تنظر إلى الإسلاميين بنظرة شمولية غير دقيقة ، وطالب فيها بضرورة الاشتباك معهم فكريا بشكل أعمق ومعرفة وجهة نظرهم في القضايا الشائكة ، داعيا واشنطن إلى وضع التحفظات التي لديها تجاه الإسلاميين على مائدة حوار . وأكد إبراهيم أنه لاحظ وجود دعم رسمي وغير رسمي لإمكانية وجود حوار بين واشنطن وبعض الجماعات الإسلامية المعتدلة مثل الإخوان المسلمين. وأعرب إبراهيم عن اعتقاده بأن وجهة نظره الداعية إلى اعتبار الإسلاميين فصيلا سياسيا أصيلا قادرا على لعب دور سياسي متنام ، قد انتصرت على وجهات نظر أخرى متحفظة على لعبهم أي دور سياسي والتي تمثلت في الأثنى عشر تحفظا التي نقلها عمر سليمان مدير المخابرات المصرية والكاتب طارق حجي للمسئولين الأمريكيين تجاه لعب الإسلاميين أي دور في الحياة السياسية. وكشف إبراهيم ، الذي يرأس أيضا مركز إبن خلدون للدراسات الإنمائية ، أن المسئولين الأمريكيين طلبوا الرد على هذه التحفظات ، وهو ما ظهر على صفحات جريدة "الدستور" المصرية المستقلة ، في مقال للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان ، وهو موقف كانت له آثار إيجابية وحاسمة في موافقة جهات رسمية في واشنطن على بدء حوار مع جماعة الإخوان المسلمين. وعبر إبراهيم عن ثقته في حصول الإخوان المسلمين على نسبة تقترب من 30% من مقاعد أي برلمان مصري إذا أجريت انتخابات حرة نزيهة. في سياق آخر ، أكد عالم الاجتماع سعد الدين إبراهيم أن خيار التوريث لازال قائما وأن النظام السياسي المصري يبذل جهودا حثيثة لتنفيذه وهو ما يفرض تحديا على القوي السياسية كي تجعل هذا الخيار لاغيا ، نافيا أن موقفه هذا ضد طموحات جمال مبارك ، معتبرا أن من حقه شغل أي منصب حتى رئاسة الجمهورية إذا جاء ذلك في انتخابات حرة ومباشرة وتحت رقابة دولية وبإشراف قضائي كامل ، فنحن نقاتل لكي يحصل الإسلاميون على حقوقهم السياسية فهل نحجر على حق مماثل لغيرهم. ونبه الدكتور إبراهيم إلى أن قضية التوكيلات المزورة المتهم فيها الدكتور أيمن نور رئيس حزب الغد ما هي إلا تلفيق واضح من جانب النظام ضد نور وحزبه ، محذرا من أن الاستمرار في هذا التلفيق يعد تشويها لسمعة مصر التي لا يعبأ النظام بها كثيرا فهو نظام لا يهمه إلا الإنفراد بالسلطة ولا يتعلم من أخطائه التي ارتكبها معي في السابق على حد قوله متوقعا أن يحاول النظام تكرار سيناريو حزب العمل مع حزب الغد . من جانبه ، نفى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد علم الجماعة ما يقوله الدكتور سعد الدين إبراهيم لأن ذلك بحسب قوله يدور في الكواليس والظلام والجماعة تعمل في النور وليس لها علاقة بالكواليس ، وأن الجماعة ليسوا طرفا بما يثار حاليا حول هذا الحوار . واعتبر أن ما يقوله الدكتور سعد يخصه وحده بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف حول آرائه وأفكاره وعلاقاته ولكن ذلك لا يعني أن أتصل به وأرفض آرائه رغم خلافي معه. وجدد أبو الفتوح رفض الجماعة التعامل مع الإدارة الأمريكية الحالية بوصفها إدارة إرهابية ضد العرب والمسلمين وتدعم الكيان الصهيوني ، مؤكدا أن الإخوان ضد هذه السياسات التي تسعى أيضا لدعم النظام في مصر. وقال عضو مكتب الإرشاد أن الجماعة لا ترفض الحوار مع أي طرف آخر بشرط أن يتم هذا الحوار في النور وبصفة علانية وأمام وسائل الإعلام وأن يكون الهدف من هذا الحوار هو تحقيق المصلحة العليا لمصر وليست مصلحة حزب أو جماعة أو شخص معين ، فنحن لا نرفض التحاور مع أي طرف ونواجهه بالحقائق والبراهين. وعن المقال الذي كتبه في جريدة الدستور ردا على تحفظات طارق حجي ، أكد أبو الفتوح أن هذا المقال كان ردا طبيعيا على الإساءة التي وجهها حجي في مقاله عن الإخوان وكذلك عن الاتهامات التي يوجهها النظام ضد الإخوان في الخارج. وتعليقا على ما سبق ، استبعد الدكتور ضياء رشوان الباحث بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ما يتحدث عنه الدكتور سعد الدين إبراهيم مشيرا إلى أنه لابد من تحديد الجهات التي قبلت الحوار مع الإسلاميين في مصر ، وهل هي جهات رسمية أو غير رسمية . ولفت رشوان إلى أن آخر موقف رسمي للإدارة الأمريكية كان من خلال تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس ، والذي أكدت فيه على أن جماعة الإخوان المسلمين حركة غير شرعية والولاياتالمتحدة ترفض التعامل مع الحركات غير الشرعية مؤكدا أن الكلام عن هذا الحوار المزعوم بدون تحديد هوية الجهة التي وافقت عليه هو مجرد فرقعة إعلامية لا فائدة من مناقشتها في الوقت الحالي.