يبدو أننا خسرنا كثيرًا، ولم نزل نخسر، وللأسف قد تستمر الخسارة لسنوات.. بسبب أن ثورتنا لم يكن لها قائد؛ فافتقدنا أهم ما تمنحه الثورات للقادة وهو الشرعية الثورية، وبذلك أصبح لدينا رئيس اتضح جليًّا أن لديه الإرادة الثورية، ولكن للأسف لا يمتلك الشرعية الثورية التي تخوِّل له تحويل تلك الإرادة لقرارات فاعلة، وأصبحنا نرى بأعيننا قارب الثورة المباركة وهو يسير بطيئًا بمجدافٍ واحد، بينما باقي المجاديف ساكنة ينتظر كل منها أن ينفرد بالقارب ليبدأ التجديف منفردًا.. ويزداد المشهد مأساوية عندما نجد بعض تلك المجاديف الوطنية لا تكتفي بالسكون والانتظار، وإنما تجدف عكس الاتجاه لتعيق مسيرة القارب المسكين..! لقد اتضحت هذه الإشكالية جلية فيما أثير حول إقالة النائب العام، فمن المفارقات الغريبة أن جميع القوى تقريبًا كانت متفقة على صحة القرار بل وضرورته، وإنما الاختلاف بينها كان على آلياته وشرعيته، ومن غير الطبيعي أن يكون الأمر صحيحًا وضروريًّا ولكنَّه ليس شرعيًّا.. وهذا بالطبع نتيجة منطقية لغياب الشرعية الثورية. إنني على يقين من أن الثورة ستكتمل بإذن الله تعالى، ولكن هذا الوضع الذي لا يجعل الجميع يجدف في اتجاه واحد وبحماس مشترك، سيجعل اكتمال الثورة يتأخر كثيرًا، وما يمكن أن يتحقق في عامٍ سيمتد لأعوام، فهل من سبيل لتصحيح ذلك المسار وإدراك ما يمكن إدراكه؛ فتتمتع الإرادة بالشرعية الثورية..؟ قد لا يكون ذلك ممكنًا بسهولة، ولكنه ليس مستحيلاً مطلقًا. فكيف إذن..؟ أقترح للخروج من هذا المأزق أن يصدر الرئيس محمد مرسي قرارًا بتشكيل (مجلس قيادة للثورة) يكون عمله دراسة وإصدار القرارات الثورية، ويضم كلاًّ من: الدكتور أيمن نور باعتباره أول من تصدى لنظام مبارك مرشحًا نفسه بجدية في الانتخابات الرئاسية ضِدَّه وهو في كامل سطوته وجبروته. والدكتور محمد البرادعي؛ ففي الوقت الذي كان نظام مبارك يروج لمبدأ التوريث اتكاءً على فكرة عدم وجود البديل الكفء، تقدم الدكتور البرادعي بشجاعة ليبطل تلك النظرية وليقول للجميع (البديل موجود) وكان نشاطه دون شك من إرهاصات الثورة. وتضم كذلك الأستاذ عبد الحليم قنديل، فلا أحد ينكر أن لحركة (كفاية) دورًا فاعلاً قبيل الثورة في كسر حاجز الخوف لدى المصريين، وأن أصوات أصحابها كانت الأولى التي ارتفعت لرفض استمرار مبارك أو توريث ابنه. ثم يأتي المهندس ممدوح حمزة؛ فقد دعم الثورة علانية من الدقيقة الأولى للدقيقة الأخيرة، ولو فشلت الثورة لكان أول الهالكين على يد نظام مبارك.. هؤلاء أربعة، وعلى شباب الثورة أن ينتخبوا اثنين منهم، وينضم لهذا المجلس د. محمد مرسي باعتباره منتخبًا من الشعب الثائر، ليكون العدد سبعة هم مجلس قيادة الثورة، ويستمر عمل هذا المجلس للفترة الرئاسية الحالية على أن تكون قراراته ثورية لا تخضع لقانون ولا دستور. وإن كانت التسمية قد تثير غضب البعض لأسباب نفسية، فليكن اسمه (مجلس أمناء الثورة) أو (مجلس رعاية الثورة) المهم أن يستمد شرعية قراراته من الثورة المسكينة التي تحتضر أمام أعيننا ونحن صاغرون عاجزون عن نجدتها. إنني أعلم الاعتبارات الأيدلوجية التي تعيق تنفيذ هذه الفكرة، وحرص كل فريق بما في ذلك الإخوان المسلمون على الانفراد الكامل بالمشهد السياسي ولو من خلف ستار، وتنفيذ ذلك يحتاج لإنكار للذات ربما لا تستطيع كثير من النفوس الارتقاء إليه، ولكنني لا أخاطب إلا ضمير المجتمع ومؤسسة الرئاسة، لانتشلها من موقف العاجز الذي يريد ولا يستطيع. كما قد يكون للبعض رأي في الأسماء التي طرحتها، وأنا أتفهم ذلك جيدًا، ولكن تبقى الفكرة ضرورية وإن اختلفت الأسماء، ولا تربطني بالأسماء المطروحة أية علاقة مباشرة، وقد أكون مختلفًا مع بعضها فكريًّا، ولكن الموضوعية والمصلحة الوطنية، والتجرُّد الكامل من أجل أن ينطلق قارب الثورة مدفوعًا بكل المجاديف في اتجاه واحد يجعلني لا أتردد في إطلاق هذه المبادرة.. ولعلها فرصة الثورة الأخيرة. [email protected]