فى نفس هذا المكان كتبت منذ أربعة أشهر وتحديدًا في 13 يونيو الماضي مقالاً بعنوان (بالقانون .. البراءة للقتلة والمجرمين) .. وفى هذا المقال قلت - بالحرف الواحد- إن الغالبية العظمى من المتهمين فى قضايا : قتل المتظاهرين أثناء الثورة وموقعة الجمل ومذبحة إستاد بورسعيد سيحصلون على البراءة . . وقلت في المقال السابق أيضًا إن هذا الرأي ليس نتيجة اجتهاد شخصي أو (فذلكة) صحفية - كما قد يتخيل البعض - ولكن هناك عدة شواهد وثغرات قانونية سوف يتم الاعتماد عليها يمكن أن نوجزها فى عدة نقاط : الأولى: حصول عدد من القيادات الأمنية وضباط وجنود الشرطة على أحكام بالبراءة فى قضايا قتل المتظاهرين استنادًا إلى مبدأ الدفاع الشرعي عن النفس والأقسام والسجون .. وهو ما سيستغله المتهمون في تلك القضايا لتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل. الثانية: نقص الأدلة المقدمة من الجهات الرسمية في الدولة والتي تتضمن مستندات وفيديوهات الإدانة فى هذه القضايا .. ولعل فى الحكم ببراءة قيادات الداخلية السابقين في قضية قتل المتظاهرين أكبر دليل على أن نقص أدلة الإدانة سيكون العامل الذى سيحسم تلك القضايا . الثالثة: قيام المتهمين ومحاميهم باستغلال مبدأ قانوني هو « شيوع الجريمة»، وذلك عبر التأكيد على عدم معرفة من قتل من؟ ومن ثم لا يمكن فرض عقوبة فى هذه الحالة لأنه في حالة الحكم بإدانة هؤلاء المتهمين, فإنه ووفقًا للقانون يجب أن يثبت وبالدليل القاطع الذى لا يقبل الشك أو التأويل أن المتهم الفلاني حرّض المتهم الفلاني لقتل شخص بعينه وليس عشرات أو مئات الأشخاص .. وفي حالة عدم توافر هذه الشروط سيتم الحكم ببراءة معظم إن لم كل المتهمين في تلك القضايا.. الرابعة: سوف تطالب فرق الدفاع عن المتهمين بالاستناد إلى قاعدة المسؤولية الشخصية في الجريمة، وهو مبدأ مقرَّر في الشرع الإسلامي، وهي مسؤولية محددة بشروط وضوابط تجد أساسها في قول الله تعالى: (وَلا تَزِِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)[الإسراء: 15].. وبالتالي سيكون على هيئة المحكمة قبل الحكم بإدانة أي متهم أن تثبت وبالدليل القاطع دوره في مثل هذه القضايا على وجه التحديد والدقة التامة. هذا ما قلته يا سادة .. منذ أربعة أشهر ولم يلتفت أحد إلى هذا الكلام الذى ثبتت صحته بنسبة مائة فى المائة .. ولذلك لم يكن الحكم بالبراءة صادمًا أو مفاجئًا لي – وقد قلت ذلك رغم تأكدي من براءة بعض وليس كل المتهمين الذين حصلوا على البراءة. والسؤال الآن هو: متى نتخلص من هذه الثغرات الموجودة في القانون حتى الآن, والتي أستطيع من الآن التأكيد على أنه سوف يتم استغلالها أمام محكمة النقض خلال الأسابيع القادمة لحصول المخلوع حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي على أحكام مماثلة بالبراءة في قضية قتل الثوار؟ ومن بين التساؤلات المهمة أيضًا: إذا كانت هناك اتهامات للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود بأنه لم يقدم أدلة إدانة المتهمين الذين تمت تبرئتهم .. فلماذا لا تقدم بعض الشخصيات مثل محمد البلتاجي وصفوت حجازي قائمة بمن تم استشهادهم – كما قالوا - يوم موقعة الجمل والتقارير الطبية الرسمية المؤكدة لذلك حتى تكون دليلاً دامغًا أمام المحكمة عند إعادة فتح ملف القضية من جديد؟ .. فهل نتحرك من الآن ..أم ننتظر أحكامًا جديدة بالبراءة لمبارك والعادلي وقتلة شهداء مجزرة إستاد بورسعيد!!