واضح للجميع أن الرئيس محمد مرسى يكسب كل يوم أرضًا جديدة، ويثبت مرة بعد أخرى أنه رئيس وطنى وقائد مميز وسياسى محنك.. المواقف كثيرة والإنجازات متعددة، يختلف حولها الناس ويتفقوا، ولكن المجمل أن أداء الرئيس يسير فى الاتجاه الصحيح، وأن البلاد باتت تضع أقدامها على طريق النهوض والحمد لله. القوى والشخصيات السياسية التى أدمنت العداء للتيار الإسلامى أصبحت فى موقف حرج للغاية، وصارت مهمتها فى إثبات أن الإسلام السياسى قاصر عن تحقيق آمال الدولة المدنية، وأن الإسلاميين – والإخوان بشكل خاص – غير قادرين على تحقيق أهداف الثورة، تزداد صعوبة.. فالإنجازات من قبل الرئيس الذى ينتمى للتيار الإسلامى تدحض مزاعمهم السابقة، بل وتثبت أن الإسلاميين يحملون مشروعًا إصلاحيًا يتجاوز حتى آمال بعض التيارات اليسارية والليبرالية، الأمر الذى أوقع هؤلاء فى تناقض بسبب انهيار نظرياتهم السابقة عن الإسلام السياسى أمام الواقع الذى ترسمه كل يوم إنجازات الرئيس. إزاء هذا الموقف الحَرِج، تباينت ردود الأفعال للشخصيات اليسارية والليبرالية.. فبعضهم صار ينكر كل نجاح للرئيس بشكل إجمالى، وذلك حتى يريحوا أنفسهم من عناء تبرير مواقفهم السابقة، ويعفوا ذواتهم من مشقة التراجع عن الاتهامات الجزافية والباطلة بحق التيار الإسلامى.. وآخرون سلكوا مسلكًا عجيبًا، فبدلاً من أن يتداركوا أن الإسلاميين لديهم من الكفاءات والمشروعات ما يتفوق عليهم وعلى مشاريعهم السياسية، وبدلاً من أن يعترفوا بأن آراءهم السابقة عن الإخوان كانت محض افتراء وكذب، بدلاً من ذلك صاروا يحاولون إثبات أن مرسى حالة مختلفة عن الإخوان المسلمين، وأنه بعد أن أصبح رئيسًا لكل المصريين فإن مواقفه وتصرفاته الإيجابية تنبع من كونه وطنيًا لا إسلاميًا، ثوريًا لا إخوانيًا.. إذ يستحيل عندهم أن تجتمع الوطنية الصادقة مع أفكار الإخوان، ويصعب عليهم الإقرار بأن مدرسة الإخوان يمكن أن تخرج شخصيات وطنية مخلصة، وقادة سياسيين بارعين. أحد الزملاء الذى يصف نفسه بالليبرالى، ويصطف فى المعسكر المناهض للإسلاميين، يجزم بأن الصدام قادم لا محالة بين مرسى والإخوان.. هو متشبع تمامًا بكره الإخوان، ولما أصبح مرسى ثوريًا فى مواقف متعددة، وظهر صدقه مع شعبه فى أكثر من مناسبة، صعب عليه الجمع بين النقيضين، الإخوان انتهازيون ورجعيون كما رسخ فى عقله ووجدانه، ومرسى يقدم نموذجًا عكس ذلك تمامًا.. الأمثلة على ذلك عديدة، الدكتور حسام عيسى المفكر الناصرى وأستاذ القانون الدستورى، يثنى على موقف الرئيس مرسى من أزمة الفيلم المسىء للرسول "صلى الله عليه وسلم" ويصفه بالمتوازن، وفى نفس الوقت يشن هجومًا حادًا على موقف جماعة الإخوان من الفيلم ويتهمهم بقلة الخبرة والتسبب فى نتائج كارثية.. ونسى الدكتور المثقف أن موقف الإخوان يصب فى خانة ردود الفعل الشعبية، بينما موقف الرئيس يمثل الموقف الرسمى للدولة، وكلاهما يكمل الآخر. الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، يقول فى تصريح أخير إن محمد مرسى هو الذى سيصلح جماعة الإخوان المسلمين، وسينقلها بشكل نوعى من إطار التنظيم المغلق إلى منظومة متعايشة مع المجتمع والواقع.. نسى الدكتور أيضًا أن الدكتور مرسى قبل أن يكون رئيسًا فهو أحد قيادات الإخوان، وكان عضوًا فاعلاً فيها، ولم يتبرم يومًا من أسلوب الجماعة ولا تمرد عليها بل على العكس كان يعتبر عند شباب الإخوان أحد القيادات المحافظة جدًا والمؤمنة بالتنظيم الدقيق المحكم.. فلماذا يعترض اليوم على جماعته وهو أحد القيادات التى ساهمت فى تشكيل واقع الجماعة الحالى على هذا النحو؟. صحيفة الفجر وصحف أخرى معارضة للمشروع الإسلامى تنشر هذه الأيام أخبارًا وتقارير عن خلافات عميقة بين الإخوان ومرسى، وذلك فى محاولة بائسة لتكوين رأى عام يوحى للجماهير بأنه إذا كان ثمة نجاحات للرئيس فإن هذا مرده إلى شخصيته المتفردة الوطنية ولا علاقة للإخوان بذلك، بل على العكس لو كان مرسى – فى رأيهم – يتبع نهج الإخوان فى السياسة والحكم لتحولت البلاد إلى ظلام وجحيم.. المهم عندهم أن يبقى الإخوان فى مرمى الاتهام فى كل الأحوال.. ولكننا نقول لهم إن الدكتور مرسى من أبناء مدرسة الإخوان، وأن الصفات التى يتمتع بها اكتسبها وتعلمها من الإسلام ومن أكبر الحركات الإسلامية، وأن جماعة الإخوان المسلمين بحمد الله قادرة فى كل وقت على تخريج قادة أكفاء مخلصين، ولو كره الكارهون. [email protected]