«الغرز» واستعراضات الموتوسيكلات المسئول الأول عن كوارث الأفراح فى مصر شاب فقد أخته العروس بسبب قيادته المتهورة: أردت إسعادها فكنت سببًا فى وفاتها صاحب مدرسة قيادة سيارات: الإسراف فى شرب المخدرات والخمور وقلة الخبرة وسوء الطرق.. أبرز الأسباب لحوادث مواكب الزفاف للمصريين دعوة في الأفراح تعكس خوفهم من حصول ما قد يعكر صفوها، أو يفسد عليهم عرسهم: "يارب تممها على خير"، في ظل ما ينتابهم من قلق وخوف جراء التصرفات التي تتنسم بالرعونة والتهور من قبل البعض، وخاصة الشباب أثناء احتفالهم بطريقة مبالغ فيها. فلا يكاد يمر يوم إلا ويسمع المصريون عن حادث مؤلم خلال "زفة"، والأكثر ألمًا أن العريس أو العروس، أو كليهما قد يروح ضحية لهذا النوع من الحوادث، فتتحول فرحة العمر إلى نهاية مأساوية، بفعل القيادة المتهورة، وما يسمى ب "الغرز" خلال قيادة السيارات، والحركات الاستعراضية التي يقوم بها بعض الصبية أثناء قيادة "الموتوسيكلات"، لتتحو الأفراح إلى مآتم، والزغاريد تتحول إلى عويل ولطم على الخدود، ويتحول المهنئون فى لحظات إلى معزين. جرح غائر تتركه هذه الحوادث في نفوس الأهالي، حتى أنه لا يكاد يندمل طوال العمر، وهو ما يستدعي على وجه السرعة اتخاذ إجراءات رادعة تجاه لوقف نزيف الدماء في الأفراح، من خلال تشديد الإجراءات المرورية على الطرق، وخاصة في المناطق التي لا تقع في حيز المدن، حيث تقع الغالبية العظمى منها. "المصريون" تستعرض أخطر حوادث الأفراح، وتطرح خلال السطور التالية أسباب تزايد معدل ارتفاع الظاهرة والحلول الناجعة لها من خلال الخبراء والمتخصصين. الأرقام تنذر بخطر فى البداية، اتجهنا للحصول على الأرقام من مصدرها الأول فى مصر، وهو الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، حيث وجدنا أن 57% من حوادث الطرق فى مصر سببها الأول العنصر البشرى "السائق"، يليها الحالة الفنية للحافلة (الصيانة) بنسبة 17.1%، وبالقياس على الحوادث التى تقع أثناء "زفة الأفراح" يكون السائق هو السبب الأول، سواء كان العريس أم صديقه، أم أي شخص آخر يقوم بهذه المهمة، ويأتى فى المرتبة الثانية سوء الطرق خاصة فى المناطق الشعبية والأرياف. قرية منشأة البدوى التابعة لمركز طلخا بالدقهلية شهدت فى بداية الشهر الجارى، فاجعة أليمة أصابت عائلتين كانتا تحتفلان بحفل زفاف، لكن حدث ما لم يكن فى الحسبان، وتحول الفرح إلى مآتم، بعد أن لقى العروسان مصرعهما فى حادث سير مروع إثر انقلاب السيارة التى كانت تقلهما إلى قاعة الاحتفالات، وتوفى أيضًا شقيقة العروس وعم العريس الذى كان يقود السيارة. قوات الشرطة انتقلت إلى موقع الحادث، وبمعاينة السيارة تبين إنها انقلبت 5 مرات، وكانت محطمة تمامًا إثر سيرها بسرعة واصطدامها ب "بلدوزر" بالطريق مما أدى إلى انقلابها، وتم نقل الضحايا إلى مستشفى الطوارئ الجامعى وهم: العروس "سارة" وتبلغ من العمر 18 سنة وزوجها محمد 19 عامًا وشقيقتها زينب 15 سنة وعم العريس، وتوفوا جميعًا داخل غرفة العناية المركزة . وفى منطقة إمبابة بالجيزة، لقى ثلاثة شباب مصرعهم، أثناء الاستعراض بالموتوسيكلات "الدراجات البخارية"، أثناء زفة شقيقة أحدهم، حيث كان يستقل شقيق العروسة "موتوسيكل" ويقود سربًا من الدراجات البخارية، وأثناء الاستعراض اصطدمت 3 درجات بخارية ببعضها نتيجة السرعة الزائدة، ما أدى إلى إصابة شقيق العروسة بنزيف حاد فى المخ، وتوفى صديقاه داخل أحد المستشفيات الخاصة القريبة من مكان الحادث، وفى لحظة تحول الفرح إلى مآتم، وبقى السرادق كما هو لكن لاستقبال العزاء، وتحولت الزغاريد الى عويل. وفى أسوان، لفظ شاب من أبناء مدينة أبو سمبل، أنفاسه الأخيرة، نتيجة اصطدام سيارته بأحد أعمدة الإنارة بالطريق الزراعي (أسوانالقاهرة)، أثناء حضوره حفل زفاف أحد أصدقائه. وأظهرت التحقيقات، أن الضحية كان يقود سيارة خلال "الزفة" وكان يتسابق على الطريق، ما تسبب في اختلال عجلة القيادة في يده، ومن ثم اصطدامه بعمود إنارة، ولقي مصرعه في الحال، وسط صدمة شديدة خيمت على أهل العروسين، والمعازيم. فقد أخته بسبب رعونته فى القيادة وشهدت إحدى قرى مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، وفاة عروس ربها يوم زفافها، عندما كانت في طريقها إلى "الكوافير" من أجل الاستعداد لعرسها، إلا أن القدر لم يشأ أن تزف إلى عريسها إنما إلى آخرتها. وفى التفاصيل، لقيت "ف.ع"، حتفها ظهر يوم زفافها بينما كانت فى طريقها إلى "الكوافير" حيث اصطدمت السيارة الملاكى التى أستأجرها شقيقها من أجل حفل زفافها، بشجرة على شاطئ الترعة فى مدخل القرية، ما أدى إلى وفاتها، فضلاً عن كسر زراع شقيقها الذى كان يقود السيارة، كما أصيبت صديقتها بكسر فى العمود الفقرى، وتهشمت مقدمة السيارة تمامًا، وتحول العرس إلى جنازة، وسيطرة حالة كبيرة من الحزن الكبير بين أهالى القرية. وقال شقيق العروس الفقيدة، والذى كان يقود السيارة ل"المصريون": كان ولا يزال كابوسًا لم ولن أنساه ما دمت حيًا، حيث فقدت أختى الكبرى وأمى وصديقتى، فقد كانت نعم المعين لى بعد وفاة أمنا، وكانت نيتى أن أسعدها وأثبت لها أننى أصبحت رجلًا يعتمد عليه، وطلبت من شقيق صديقى الأكبر أن يستأجر لى سيارة، لأننى لم استخرج الرخصة بعد، لأزف بها أختى وتكون تحت أمرتها وفى جميع مشاويرها يوم حنتها ويوم الفرح". وأضاف: "بعد صلاة الظهر يوم الفرح، طلبت منى شقيقتى رحمها الله، أن اصطحبها بالسيارة إلى الكوافير بمدينة طنطا، وكان رفقتنا صديقتها، وأثناء خروجنا من القرية، وبالتحديد عند الترعة الشرقية كنت أقود بسرعة كبيرة نظرًا لنشوة الفرحة التى تطغى علىّ، وكان الطريق غير مرصوف، لأنه داخلى وهناك حفر كثيرة به وتخطيتها جميعًا فى سلام مرات عديدة بالميكروباص الذى أعمل عليه، ولم أكن أعلم أن قيادة سيارات الأجرة مختلفة عن قيادة السيارات الملاكى الصغيرة، فعند تجاوز أحد الحفر لم استطع التحكم فى السيارة ووجدت نفسى مصطدمًا بشجرة توت كبيرة على جسر الترعة، وغبت عن الوعى لحظات لأجد أختى تنزف بغزارة، وهرع أهل القرية لإنقاذنا، وغبت مرة أخرى عن الوعي، حتى أفقت على صراخ فى المستشفى الجامعى، والجميع يعزينى ولا أعرف ماذا حدث، حتى علمت ان شقيقتى انتقلت إلا جوار ربها". واختتم كلامه والدموع تملأ عينيه، قائلاً: "أنصح كل شخص أنه ميخاطرش بحياته وحياة أغلى الناس ليه فى نشوة الفرح، وميسوقش عربية ميعرفهاش أو يسوق بجنون، مش علشان تفرح أخوك أو أختك ساعة، تفضل عايش فى حزن طول عمرك". أبرز الأسباب لحوادث الأفراح ويقول صابر أحمد صاحب مدرسة لتعليم قيادة السيارات: "الحوادث فى الأفراح أصبحت ظاهرة هذه الأيام، فبعض الشباب الصغير يأتون للمدرسة هنا لتعلم القيادة من أجل استئجار سيارة ليزف فيها أحد أقاربه، وبمجرد معرفته أصول القيادة الأولية يتركنا ويذهب يقود السيارة بنفسه". وأضاف ل"المصريون": "الحوادث معظمها تكون بسبب الإسراف فى شرب المخدرات فى الأفراح أو الخمور، أو قلة خبرة السائق أو نتيجة سوء بعض الطرق، وفى الأخير الأعطال الفنية، والحل من وجهة نظرى استقدام سائق محترف مخصوص للزفة، حتى يستطيع تفادى "غرز" الاحتفال أثناء سير موكب العروسين فى الزفة، أو فى الاحتفالات، كما أن هناك حلاً آخر هو تشديد العقوبات على الشباب الطائش الذى يتسابق بالسيارات أثناء الزفة، والتضييق على الآخرين والقيام بحركات مجنونة، وأيضًا تشديد الشروط من قبل مكاتب تأجير السيارات على مستأجرى السيارات للزفة والأفراح". ويقول محمد السيد صاحب معرض إيجار سيارات، ل "المصريون": "تعودنا على هذه الحوادث نتيجة المنظرة والشو، الذى يصاحب الزفة، أو لضعف مستوى السائق، والذى يكون فى معظم الأحيان شقيق العريس أو العروسة، ويريد أن يجاملهم فيستأجر سيارة ولا يعرف إمكانياتها أو مميزاتها أو عيوبها، ومع نشوة الفرحة تخدعه السيارة أو تخدعه أعصابه وبالتالى يقع المحظور". وأضاف: "من أجل تجنب مثل هذه الحالات، وضعنا عددًا من الشروط؛ أهمها أن يكون المستأجر يحمل رخصة قيادة، أو أن يستعين بسائق من المعرض الذي يؤجر له، مع وأخذ جميع الاحتياطات القانونية والمادية الازمة، وعمل اختبار للمستأجر على السيارة لاتى يستأجرها وسؤاله عن إمكانياتها ومميزاتها وعيوبها، ونرفض رفضًا قاطعًا إيجار أى سيارة حديثة في الأفراح المقامة فى الأرياف أو المناطق الشعبية أو الطرق الغير صالحه أو الصعبة التى تضر بالسيارة". بينما رفضت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، التضخيم من حوادث الأفراح، قائلة ل"المصريون": "لا نستطيع أن نطلق على هذه الحوادث المتكررة مؤخرًا ظاهرة مجتمعية إنما هى قضاء الله وقدره، وتحدث نتيجة أخطأ بشرية أو فنية، أهما نشوة الفرح، أو تناول المخدرات بكثرة خلال الأفراح، أو إجهاد الفرح بسبب الرقص والاحتفال، وتحضيرات ما قبل الزفاف بالنسبة للعريس فى حالة كان هو السائق، أو نتيجة خلل فنى فى السيارة، ولا علاقة لعلم الاجتماع بهذا الأمر".