تكليف الأستاذ كمال الدين محجوب برئاسة مجلس إدارة دار المعارف تكليفا وطنيًا وقوميًا بالدرجة الأولى، فهذه المؤسسة العريقة والتى مر عليها 125 عامًا تعرضت للنهب المنظم والعشوائية مثلما تعرضت مصر، وقد آن الأوان لوقف هذا النهب وإعادة توزيع مصادر الثروة على أبنائها من العاملين فى الدار والصحفيين فى مجلة أكتوبر الصادرة عن الدار منذ العام 1976م. والأستاذ كمال الدين محجوب شخصية تحترف العمل المنظم والمؤسساتى، كما أن تاريخه المشرف يجعلنا نضع على كتفيه آمال عظيمة بإعادة الحق لأصحابه، ولذلك كان اختياره موفقا لإعادة الحياة لهذا المؤسسة العريقة، وقد خبرت الأستاذ محجوب عن قرب، ولمست نجاحاته فى القطاع المالى والمصرفى على مدى ربع قرن، وأنا على يقين أنه سيحسن استغلال أصول المؤسسة، ويعيد استثمارها بالشكل المناسب بقرارات ثورية. لقد مرت المؤسسة بفترات ازدهار وخاصة فى عهد الأستاذ أنيس منصور، الذى أنشأ مجلة أكتوبر بتكليف من الرئيس السادات، لتكون منافسًا لمجلة الحوادث اللبنانية، وقد نجحت المؤسسة والمجلة نجاحًا كبيرًا، بفضل النخبة المنتقاة من الصحفيين والكتاب، وكانت الرواتب فيها أكبر بكثير من رواتب العاملين فى الأهرام، ثم مرت المؤسسة بعد ذلك بفترات اضمحلال وتدهور، حتى أن الأخ صلاح منتصر باع مبنى للمؤسسة فى لبنان بالأمر المباشر، وفى عهد ابن أخيه إسماعيل منتصر وصلت الديون إلى مليارى جنيه، وانحطت المجلة وقل توزيعها، وهرب صحفيوها إلى الخارج بعد أن ضاقت بهم السبل، وتم تعطيل العمل باللائحة المالية التى تساوى بين العاملين فى الدار والمجلة لصالح العالمين فى الدار مع أن الجميع فى مؤسسة واحدة . لقد كنت فى زيارة للمؤسسة العام الماضى ونما إلى علمى أن 50 مكتبا بالمبنى تطل على النيل، وجاءت محطات فضائية مختلفة تطلب التأجير بما مجموعه 12 مليون جنيه فى العام، ولكن لأن العقول متحجرة، ولا تنظر للمصلحة العامة رفضوا ذلك، كما أن أصول المؤسسة فى تقدر بمئات الملايين لو أحسن استغلالها، وخاصة فى الإسكندرية، كما أن المبنى الخلفى مرخص للتعلية إلى 48 طابقًا فى هذا المكان الحيوى . لقد ظلت المؤسسة نهبًا لكل من مر عليها، ولكننا ننتظر من الأستاذ محجوب الكثير ونحن جميعًا معه ندفعه ونشجعه، كما أن مجلة أكتوبر العريقة فى حاجة إلى إعادة تبويب وإعادة انطلاقة، والبعد عن الموضوعات المعلبة، وإنشاء بوابة للمجلة على الانترنت مثلها مثل باقى المطبوعات المحترمة. نتمنى من الأستاذ محجوب وهو قادر على ذلك إحداث نهضة فى مؤسسة دار المعارف، فهذه المؤسسة العريقة ساهمت فى نشر الثقافة والمعرفة بكل أرجاء الوطن العربى على مدى عقود طويلة وتضم عناصر بشرية ممتازة وخاصة من الشباب ممن أصحاب الأفكار الخلاقة، ومن المؤسف أن تصل إلى هذا الحد من التدهور، ويعجز العاملون فيها عن إعالة أنفسهم بعد أن كانوا يتقاضون أعلى الرواتب فى مصر . [email protected]