كشفت وثائق سرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية "سي آي أيه"، عن أن العملاء الأمريكيين لم يعتقدوا أن السوفييت قادرون على إنتاج قنبلة نووية قبل عام 1953، إلا أن الأكثر إثارة في هذا الأمر هو أن عالِما أمريكيا يدعى ثيودور هول، كان هو الشخص الذي غذّى الطموحات النووية لدى موسكو بمعلومات سرية عن هذه الصناعة. وليس ثيودور هول الأمريكي الوحيد الذي سرب أسرارًا نووية إلى العدو، إلا أن ما يميز قصته، هو إفلاته من العقاب. وكانت الولاياتالمتحدة تعمل بشكل سري للغاية على "مشروع منهاتن"، الاسم الرمزي لبرنامج الأسلحة النووية بقيادة واشنطن بالتعاون مع بريطانيا وكندا. وكان أحد هؤلاء الرجال كان ثيودور هول، المولود في 20 أكتوبر 1925، لأب كان يعمل في قطاع الأعمال وأم كانت ربة منزل، ونشأ "هول" في زمن الكساد الكبير، المليء بالصعاب على المواطن الأمريكي العادي. وكان ثيودور عضوا في تنظيم طلابي ماركسي بجامعة هارفارد، وكان رفيقه في السكن الجامعي يدعى سافيل ساكس، الذي كان أبواه مهاجرين روسيين، وهو شيوعي متعصب، وهو الذي جند ثيودور هول للعمل لصالح السوفييت كجاسوس لنقل المعلومات النووية. وعلى الرغم من وجود برقيات موسكو كدليل إدانة ضد "هول"، إلا أن السلطات الأمريكية امتنعت عن استخدامها في المحكمة، لما سيترتب على ذلك من إعلان أنها لديها القدرة على فك شفرات رسائل السوفييت. وفي النهاية، أفلت ثيودور هول بفعلته، على خلاف آخرين ممن قضوا سنوات في السجون، أو حتى أعدموا بتُهم التجسس. ومع ذلك، ظل هاجس الأمان يطارد ثيودور وزوجته، حتى دفعه إلى التخلي عن منصبه الأكاديمي في شيكاغو وقبول وظيفة متواضعة في مستشفى في نيويورك، حتى جاء عام 1962 وتلقى ثيودور عرضا من جامعة كمبريدج وانتقل مع زوجته إلى المملكة المتحدة. وأُحيل ثيودور هول إلى التقاعد عام 1984 وتهيأ لحياة هادئة، لكن ماضيه لم ينسه وأطل برأسه في حاضره عام 1996 حينما رُفعت السرية عن برقيات اتصاله مع الروس وباتت متاحة للعامة. وحينئذ كانت كل الأدلة المعلومة عن أنشطة هول قد ماتت، ومن بينها رفيق حجرته الجامعية سافيل ساكس. وفي النهاية، صرح هول لصحفيين من نيويورك تايمز قائلا: "لقد زعموا، فيما زعموا، أنني غيرتُ مجرى التاريخ. ولربما لو لم يتغير هذا المجرى لشهد العالم حربا نووية في الخمسين عاما الماضية - ولربما أُسقطت القنبلة على الصين على سبيل المثال عام 1949 أو في أوائل الخمسينيات". ولم تقع هجمات نووية منذ هيروشيما ونجازاكي قبل 74 عاما، وقد ذهب ثيودور هول إلى القبر وفي اعتقاده أنه أسدى صنيعا إلى العالم.