نفت المصادر دبلوماسية رفيعة المستوي أن تكون القاهرة قد أبلغت دمشق أنها لن تحظي بدعم مصر أو أنها ستقف وحدها في المواجهة المتوقعة بينها وبين واشنطن وباريس بعد اتهام شخصيات أمنية سورية بالتورط في مقتل الحريري مؤكدة أن مصر قد أطلعت علي مسودة تقرير ميليس قبل أيام من طرحه على الرأي العام وأنها تواصل جهودها لتقليل المخاطر المترتبة علي التقرير ، والحيلولة دون فرض عقوبات اقتصادية علي سوريا بما يكرس عزلتها دوليا. وأوضحت المصادر أن الزيارة التي قام بها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط إلي موسكو بتكليف من القيادة السياسية كان هدفها التشاور مع قادة الكرملين حول أساليب إنقاذ سوريا والمنطقة من مواجهات قد تؤدي إلي إشعال الأوضاع في المنطقة. وأشارت المصادر إلى أن مصر أبلغت واشنطن وباريس أن التصعيد مع دمشق لن يكون في صالح الأوضاع في المنطقة وأن أسلوب العقوبات الاقتصادية لن يفلح في تعديل مسار النظام السوري كما تريد واشنطن وباريس وسيكون تكرار الضغوط التي تشهدها الأراضي العربية حاليا. ورجحت المصادر أن تكون مصر مارست ضغوطا علي سوريا من خلال المبعوثين رفيعي المستوي الذين يزورون دمشق بين الحين والأخر للقبول بعدد من المطالب التي قدمتها له واشنطن كي يتم تجنيب سوريا الوقوف في مرمي النيران الأمريكية أو تعرضها لعقوبات وعزلة دولية علي الأقل. وتعتقد المصادر الدبلوماسية أن تعاون دمشق مع لجنة التحقيق الدولية والتعهد بتقديم أي مسئول سوري يثبت تورطه في مقتل الحريري إلي محاكمة دولية وضبط الحدود مع العراق ومنع الدعم والتدريب التي تتهم واشنطن سوريا بتقديمه إلي المقاومة العراقية وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة بين دمشق وبيروت وإنشاء سفارة سورية هناك ووقف الدعم السوري لفصائل المقاومة الفلسطينية ، ستكون كفيلة بإنقاذ رقبة النظام السوري من المقصلة الدولية وهو ما تحاول مصر إقناع النظام السوري بقبوله . من جانبه ، أشار الدبلوماسي والمحلل السياسي إبراهيم يسري إلي أن الضغوط الأمريكية ستستمر علي دمشق حتى تخضع سوريا وتنضم إلي النادي الأمريكي كما سبق وحدث مع القذافي وأن عملية إبرام صفقة بين واشنطنودمشق أصبح متاحا ، خصوصاً بعد أن أكد تقرير ميليس تورط النظام السوري في اغتيال الحريري . ونفي يسري أن تستطيع مصر التخلي عن النظام السوري حتى لو ثبت تورطه في عملية اغتيال الحريري فسوريا ليست العراق ولم تقم بأي أعمال مستفزة كما أنها دولة جوار مباشر لمصر والتي لن يسرها أبدا أن تري السيناريو العراقي يتكرر في دولة عربية شقيقة لها علاقات استراتيجية معها كما أن مصر تضع في اعتبارها الدور الصهيوني في استعداء الولاياتالمتحدة علي دمشق. من جانبها ، أكدت مصادر دبلوماسية أن الولاياتالمتحدة تعد لقرار في مجلس الأمن الدولي يدعو سوريا لتسليم المتهمين بالمشاركة في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وفي مقدمتهم شقيق الرئيس بشار الأسد وقائد الحرس الرئاسي ماهر الأسد ورئيس جهاز المخابرات صهره آصف شوكت وفي حالة رفضها ستعمل على إصدار قرار باستخدام القوة ضدها في وقت عبر مسئولون في المخابرات الأمريكية والبريطانية عن مخاوف من استغلال المسلحين لضعف النظام في دمشق وتوسيع عملياتهم المسلحة في العراق عبر الحدود المشتركة. وأشارت صحيفة تايمز اللندنية أمس إلى أن واشنطن تضغط من اجل إجراءات رادعة من مجلس الأمن ضد سوريا وحصلت على موافقة لندن وباريس عليها وهي تضغط على بكينوموسكو لتأييدها في المجلس . وقالت الصحيفة إن الولاياتالمتحدة عبرت عن رغبتها في مشاركة وزراء الخارجية في مناقشات المجلس وعبرت للحكومات الخليجية عن هذه الرغبة أيضا في حضور وزرائها للجلسات المخصصة لمناقشة قضية اغتيال الحريري ، مشيرة إلى إمكانية تأجيل جلسة الثلاثاء إلى موعد آخر لضمان مشاركة اكبر عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة الدولية.