وزير الداخلية ليس فى حاجة لأن يبرر إخلاء ميدان التحرير من البلطجية. ما فعلته قوات الأمن هو القرار الصحيح، فقد كان مثيرا للاشمئزاز أن نرى ميدان الثورة ساحة مستمرة للصراع وخيام الفوضوية وعربات الباعة الجائلين. قلت فى مقالى قبل ثلاثة أيام إن 50 جنديا قادرون على اعتقال البلطجية الذين يستغلون الفيلم المسيء لإحداث الفوضى وإلقاء الحجارة وتخريب المنشآت، فلا يجب أن تقابل قوات الشرطة الحجارة بحجارة وتتبادل الكر والفر مع مجموعة الصبية الذين أكد رئيس الوزراء فيما بعد أنهم قبضوا أموالا من جهات ما. الجمهورية الجديدة تتحسس طريقها الديمقراطى ولكى تسلكه بنجاح، لا يجوز التساهل مع المشاهد التى رأيناها فى أيام المظاهرات الأخيرة كاقتحام السفارة الأمريكية وحرق سيارات شرطة تابعة لوزارة الداخلية ومهاجمة الجنود والضباط ووضعهم فى حالة حرب أعصاب ثلاثة أيام وليال. لم يستغرق الأمر ساعة واحدة لتحرير الميدان وطرد البلطجية. السؤال: لماذا تأخر ذلك، وما سبب الحنية والطبطبة التى واجهت بها الشرطة البلطجية فى البداية؟! إحساس الشعب بحاجته إلى الاستقرار والعودة للعمل والإنتاج تمثل فى عدم الاستجابة لمليونية الجمعة الماضية، وفى دعوات كثيرة تطالب بطى صفحة المليونيات ومواجهتها بحسم وحزم، والانتقال من الشارع إلى الشرعية المؤسساتية. على سبيل المثال، لو استجبنا لكل إضراب يطالب منفذوه بزيادة رواتبهم ومزايا أخرى، فلن نخلص. سيأتينا كل يوم مضربون جدد، ومن يدرى فقد يفاجأ الرجال بإضراب زوجاتهم، والآباء بامتناع أبنائهم عن المدارس والجامعات! "على قد لحافك مد رجليك".. هذه الجملة يجب قولها بكل صراحة للمضربين والمعتصمين من أول المعلمين إلى موظفى النقل العام وحتى الزوجة فى البيت. فمن أين تأتى الحكومة بزيادة الرواتب والحال واقف، والروافد الاقتصادية مشلولة شللا رباعيا، ما عدا طلبات بالاقتراض ووعود خيالية بأمطار من القروض ستهبط على أرض الكنانة. فهل ننام ونصحو على الديون لنزيد رواتب الموظفين المضربين عن العمل؟!.. لو كنت مسئولا لقلت لهم "الباب يفوت جمل"، ثم أوقفت رواتبهم وأنذرتهم بالفصل والمساءلة القانونية، فإذا واصلوا إضرابهم وانقطاعهم عن العمل، سعيت لتعيين الآلاف من طوابير البطالة بدلا منهم وبنصف أو ربع رواتبهم! المصارحة واجبة. قد تكون الرواتب قليلة حقا لا تكفى لضرورات الحياة. ولكن ماذا تفعل حكومة تواجه عجزا مهولا فى الميزانية؟! [email protected]