كمال حبيب ارتبط شهر رمضان الكريم في الوجدان الإسلامي دائماً برفع المظالم عن الناس ، فمن كانت لديه مظلمة عند أخيه فإنه يتحلل منها بالذهاب إلي صاحبها والاعتذار له ، وارتبط شهر الصيام بتحلل الحكام المسلمين من مظالم يكونون قد اقترفوها في حق شعوبهم فتجد تقاليد العفو عن المساجين بما في ذلك الخصوم السياسيين ، وتجد تقاليد التقارب بين الحاكم والمحكوم الذين يجمعهم جميعاً مسجد واحد وصلاة واحدة ودعاء واحد . وحكام مصر اليوم لا أعرف ماذا يعني عندهم شهر الصيام ، لم نر موائد للرحمن باسم مؤسسة الرئاسة أو باسم الرئيس إحساناً لشعبه ، وهذا أبسط شئ ، ولم نر الرئيس يظهر للناس في رمضان حتي الآن في مناسبة دينية أو في مسجد ، ولا أسرته تعاطفت مع الفقراء ولا تحركت إليهم ، هل هذا معقول أن تكون النظم الرئاسية أكثف حجابا من النظم الملكية ، وأن يكون الرئيس أشد في عزلته عن الناس وانفصاله عنهم هو وأسرته من الملوك الذين قال القرآن فيهم " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون " ولا أجدني أجد الآية أشد دلالة علي الرؤساء الذين يحكموننا فهم الملوك الرؤساء فقط تغير الاسم . والدعاء سلاح المستضعفين ورب العباد والحكام الملك الأعظم الذي يقول للشئ كن فيكون يكون أقرب مايكون لعباده في الشهر الكريم ، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ترفع إلي عنان السماء – مباشرة ، فما أصعب موقف الظلمة من الحكام ، كيف يتعاملون مع الشهر الكريم ، وكيف ينظرون إلي الحمل الثقيل الذي يحملونه علي ظهورهم وهم إلي ربهم راجعون . مبارك أنت تعلم وتعرف أن هناك في مصر اليوم طبقات كاملة تتعرض للظلم ، لكن أخطر ظلم وأشده هو ظلمك للمعتقلين وأسرهم في الشهر الكريم ، ماذا ستفعل أمام الله وقد وقفت وحدك ليس بينك وبين الله حجاب – كفاحاً مباشرة – ليقررك ويسألك عن استمرار حبس المعتقلين بلا جريرة ولا تهمة سنوات طويلة فرقت فيها بين المعتقل وأهله جميعا وحرمتهم من فرحة الشهر الكريم وبهجته ولذة الصيام والقيام ومسرته ، وكأني بكل أسر المعتقلين يرفعون أكف الدعاء إلي الله للاقتصاص منك حين يؤذن المغرب حيث يستجاب الدعاء . إن أسر المعتقلين جاءوا إليك ليقرعوا سمعك بهذا الظلم الآثم الفاجر المتوحش ولكنك أطلقت عليهم زبانيتك " عبيدك المأمورين " ، إن ذنب حرمان المعتقلين وأسرهم من حريتهم وبهجتهم بالشهر الكريم في رقبتك ولن تجد من ذلك محيصاً ولا مهرباً وأنت تتقدم بخطواتك الثابتة التي لا تتأخر نحو الموت كل يوم " الميل الأخضر لك " تمشي عليه كل يوم ودقيقة وساعة نحو القبر . أفطرت بالأمس في نادي الصحفيين مع ثلة كريمة من الأصدقاء لتكريم أحدث المفرج عنهم من السجن وكان علي رأسهم الصديق الدكتور " عصام العريان " الذي حمل القوي الوطنية والمجتمع المدني والسياسي مسئولية استمرار آلاف المسجونين في السجن ، ماحدث مع أهالي المعتقلين أمام وزارة الداخلية كان كل الحضور منزعجين منه ومتعاطفين مع أسر المعتقلين . والقوي الوطنية والسياسية عليها أن تقف بجوار المعتقلين وذويهم فلن تشعر مصر بالحرية أو التغيير وملف المعتقلين لم يتحرك . لا تستهن يامبارك بدعاء شعبك عليك فكم من دولة وأنظمة كانت راسخة كالجبال ولكن هوت وانهارت تحت سياط حرقة دعاء المظلومين ، إن الله يغار علي انتهاك حرمة هؤلاء المظلومين ، فا فرج عنهم في شهر الفرج وإلا ستكون عاقبة نظام وبال وخسران . ضاقت كل السبل أمام أسر المعتقلين ولم يبق لهم عون ولا ملجأ إلا الله سبحانه وتعالي ،ولا تغتر بإمهال الله لك فإنه يملي للظالم حتي إذا أخذه لم يفلته . ارفع الظلم عن شعبك وفي ملف المعتقلين لا عذر لك فبعضهم معتقل من أكثر من عشر سنين ، وكل الذين في وزارةالداخلية ينتظرون قرارك الذي لم يعد يحتمل التأخير ، وكأني بك غداً وقد انقطعت عن أهلك وحكمك وحراسك وعبيدك وبدت أمامك صور المظلومين والمستضعفين وقد أسررت الندامة في نفسك ولات حين ندم ، فأمامك فرصة ذهبية فلا تضيعها في الشهر الكريم . اللهم بلغت فاشهد . [email protected]