شهدت الفترة الأخيرة، هجومًا حادًا على الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر, بعد خطابه الأخير في احتفالية المولد النبوي, الذي حضره الرئيس عبدالفتاح السيسي، والذي استنكر فيه حملة الهجوم على السنة النبوية، والمطالبة باستبعاد السنة جملة وتفصيلاً من دائرة التشريع والأحكام، والاعتماد على القرآن الكريم فحسب. الهجوم الذي يأتي في سياق حملات ضد شيخ الأزهر تتكرر من وقت لآخر، جاء ردًا على كلمة الطيب في احتفالية ذكرى المولد النبوي يوم الإثنين الماضي، والذي تحدث فيه عن أهمية السُّنة النبوية وقيمتها، كما تحدث عن ثبوتها ودعوات التشكيك في صحتها والطعن في رواتها من الصحابة والتابعين. وتطرق الطيب إلى الدعوات المطالبة باستبعاد السنة النبوية جملةً وتفصيلًا من دائرة التشريع والأحكام، والاعتماد على القرآن الكريم وحده، وأوضح أن تلك الدعوات باطلة لا أساس لها، مؤكدًا أن السُّنة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم في الإسلام. وشن إعلاميون هجومًا على شيخ الأزهر، ومن بنيهم الإعلامي نشأت الديهي, الذي أكد عبر برنامجه المتلفز, أن "الطيب تحدث عن السنة النبوية ولم يتحدث عن ضرورة تجديد الخطاب الديني". وأوضح الديهي، أن "معركة تجديد الخطاب الديني يجب أن يحمل لواءها الأزهر الشريف بما لديهم من قوى ناعمة"، قائلًا: "أليس يا شيخ الأزهر من يبيح القتل والدم باسم الدين أخطر ممن ينكر السنة أو يلحد؟". في المقابل، دافع علاء مبارك، نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك، نشرها عبر حسابه على "تويتر"، قائلاً: "السنة النبوية الشريفة تبين كل أمر لم يرد في القرآن الكريم وهذا لا خلاف عليه، استمعت إلى كلمة فضيلة شيخ الأزهر ردًا على الذين يريدون سلخ القرآن عن السنة؛ فجاءت كلماته قوية تؤكد بما أجمع عليه المسلمون من ضرورة بقاء السنة إلى جوار القرآن جنبًا إلى جنب، وإلا ضاع ثلاثة أرباع الدين". من جانبه، قال الدكتور محمود مزروعة, أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، إنه لا يهاجم شيخ الأزهر "إلا عدو لله وعدو لرسوله والمسلمين جميعًا, لأن العالم أجمع يحترمه ويجله". وأضاف ل"المصريون"، أن "المصريين يعتبرون شيخ الأزهر موظفًا في الدولة يجب أن يلبي طلباتها مهما كانت, في حين إنه يحظى باحترام وتقدير العالم". وأوضح أن "العالم ينظر إلى شيخ الأزهر نظرة مختلفة عما هي عليه في مصر، وعندما يسافر إلى دول عربية أو أوروبية أو آسيوية نجد الجميع يقف له ويطلب منه أن يمد زيارته, فعلى سبيل المثال نجد مكانة شيخ الأزهر لدى الشعب الكازاخستاني والإندونيسي يستقبلونه والمصاحف في أيديهم، وهذا ما يبّين مكانة الأزهر وشيخه لديهم". وتابع مزروعة: "شيخ الأزهر قبل ثورة 52 لم يكن من الضروري أن من يشغله مصرً، بل ترشح له عالم جزائري بجانب ثلاثة علماء مصريين، وكان المنصب من نصيب العالم الجزائري". وأوضح أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، أن من "يهاجمون شيخ الأزهر يفعلون ذلك، لكونه ليس على هواهم, وهناك من طلب من الأزهر بأن يكون ميراث المرأة مثل الرجل، وهذا مخالف لدين الله وشرعه, وهو ما رفضه الأزهر بجانب أشياء أخرى طلبت منه ورفضها؛ لذلك نجد من يقوم بالهجوم على الأزهر ويقوم باتهام الأزهر بأنه فكر متطرف". وربط بين دوافع الهجوم على الأزهر وشيخه؛ وبين "تمسكه بالإسلام وشرائع دين الله، عز وجل, ومن يقول إن خطاب شيخ الأزهر ليس في محله, فهو جاهل لم يستوعب الكلمات التي جاءت في خطابه، فهو خطاب تناول العديد من القضايا المهمة, فكلامه صحيح لا يفهمه جاهل وناقص الدين". وشدد على أن الأزهر يرفض العنف وارتكاب عمليات قتل وإلصاقها بالمسلمين, مشيرًا إلى أن "الأزهر يرفض العنف ضد الآخرين, فكم شاهدنا تقديم شيخ الأزهر للأقباط التهنئة في أعيادهم وذهابه إلى الفاتيكان". في السياق، قال الدكتور عوض إسماعيل عبد الله، وكيل كلية الدراسات الإسلامية, إن "الهجوم على الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب أمر مرفوض". وأضاف ل"المصريون"، أن "هذا ليس في صالح المهاجمين والأمة, فالأزهر هو الملاذ الذي يلجأ له الجميع وملاذ الأمة والناس جميعًا, وهو مز الوسطية والحجر الصلب الذي تتكسر عليه آمال المفرطين, والأفكار الهدامة، ومن يريدون أن يأخذوا الناس إلى طريق الظلام". وتابع: "من يهاجم الأزهر وينتقد شيخه لم يعرف الأزهر ورجاله فهم الخاسرون", متسائلاً: "ما الذي سيسعدهم إذا ضاع الأزهر؟"، معتبرًا أن "الأزهر يمثل شوكة في حلق المشككين, الذين لا يرضون للأزهر وجودًا حتى يحلو لهم عملهم دون أن يعارضهم أحد". وأوضح إسماعيل تعليقًا على خطاب شيخ الأزهر خلال الاحتفال بالمولد النبوي، أن السنة "أصبحت تهاجم من وقت لآخر من أبناء جلدتنا، ومن أناس يتكلمون بلغتنا، كما أشار شيخ الأزهر, فالهجوم على السنة كما هو معلوم حتمًا قد يؤدي إلى الهجوم على القرآن الكريم".. وأوضح أن "المعنى من الخطاب هو مطالبة المسلمين بالتمسك بالسنة, وهذا دور الأزهر في الحفاظ على القرآن والسنة واللغة العربية والمصدرين الكريمين".