قبل أن نلوم على حكامنا لابد أن نلوم على أنفسنا فنحن المسئولين عما وصلوا إليه من استعلاء وبطش وديكتاتورية وحب سلطة، نحن من أوصلناهم إلى أن يعتقدوا بأنهم أنصاف آلهة، وأنهم ظل الله على الأرض مدحناهم لدرجة النفاق غذينا فيهم الأنا والأنانية والكبرياء، حتى ظنوا أنهم فوق طائفة البشر. عاش الملك مات الملك، هذا هو شعار المصريين عبر العصور، الحاكم هو الإله، هو حامى الكون، وهو رب الخير والنماء والعطاء، هو رمز الحياة يفيض بالخير، ويجرى العطايا ويقسم الأرزاق ويجرى الأنهار، كما قال فرعون موسى، أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى وللأسف توارثنا هذه العادة من أجدادنا الفراعنة صنعنا من حكامنا أساطير تمشى على الأرض فتصرفوا على أنهم فوق الدساتير والقوانين وفوق أى مساءلة قانونية لا تلوموا على مبارك فنحن كشعب ساهمنا فيما وصل إليه من صلف وعناد وغرور وديكتاتورية كان كتابنا وأدباؤنا ومثقفونا يختذلون الوطن فى شخص الرئيس فمبارك هو الدولة، وهو المسئول عن أى حراك سياسى أو أى تقدم مصطنع وهامشى بفضل توجيهاته وإرشاداته وكانت كتيبة المنافقين فى الإعلام الرسمى الحكومى المأجور والصحف القومية يصورونه لنا على أنه القائد المغوار والزعيم، الذى لا يشق له غبار يصيب كل أهدافه ولا يخطئ أبدًا بل قراراته هى عين الحكمة نفخوا فى الرجل حتى توهم بجهله أنه أعظم حكام مصر والعالم، وكانت الشاشات فى عيد ميلاده تعرض فيلم الناصر صلاح الدين، فظن الرجل أنه صلاح الدين أما فنانونا فحدث ولا حرج اخترناه اخترناه وبايعناه وإحنا معاه لمشاء الله، حتى نصر أكتوبر نسبوه للمخلوع دون السادات والفريق سعد الشاذلى والجمسى وغيرهم من قادة أكتوبر حتى لقب السادات برجل الحرب والسلام جردوه منه، ومنحوه لمبارك، غيبوا الرجل عن الواقع نصبوه فى برج عاجى بعيدًا عن الأنظار وللأسف مازال هؤلاء المنافقون الجدد بيننا بل ويسايرون الموجة وسرعان ما توجهوا ببوصلتهم للرئيس الجديد دون حياء أو حمرة خجل ليعيدوا الكرة من جديد ويصنعوا فرعونًا جديدًا. ثورة يناير قضت على عصر تأليه الحكام وزمن العبادة السياسية لشخص الحاكم نتمنى ألا تصل أصوات هؤلاء إلى الرئيس المنتخب، وأن يصم أذنه عنهم بل ويقطع ألسنتهم لأن هؤلاء هم من يصنعون من الحكام فراعنة وآلهة فيصابون بجنون العظمة ويقتلون شعوبهم بمرض الاستعلاء، وكما يقول المثل الأمريكى بداية الديكتاتور كلمة تصنعها السنة النفاق حفظ الله مصر من المنافقين الجدد. [email protected]