يواجه الرئيس د.مرسى ملفات داخلية شائكة تتمثل فى التخلص من هيمنة العسكر على السلطة وتطهير أدواتهم الفعالة فى القضاء والإعلام وهى معركة قد تطول أو تقصر طبقاً لمعطيات الواقع السياسى والثورى، وبحسب حدة ردود الفعل من الجانبين، إلا أن التحديات الخارجية التى تواجه الرئيس لا تقل عن الداخلية ثقلاً ولا خطورة، وفى إطار زيارته الخارجية الأولى للسعودية كان تصريحه الهام (إذا كانت السعودية راعية مشروع "الإسلام الوسطى السنى", فإن مصر هى حامية هذا المشروع) مما أثار خوفًا أبداه الكثير من المثقفين من جر مصر للانخراط فى حرب مذهبية مع الشيعة أو حلف ضد إيران، والحقيقة أن تصريح الرئيس يعبر عن توجه واضح فى السياسة الخارجية لمصر الجديدة يحررها من التبعية ويؤسس لمشروع حضارى إسلامى وسطى لطالما كانت مصر رائدة له على مر العصور. إن المنطقة العربية أضحت الآن حلبة للصراع بين مشروعين متنافسين أحدهما المشروع الأمريكى الغربى للهيمنة على الشرق الأوسط، والآخر هو المشروع الشيعى العلوى للهيمنة على الخليج والعراق والشام واختراق الدول السنية الأخرى. أ- المشروع الأمريكى بدأ بعد الحرب العالمية الثانية بأهدافه الجلية فى أمن ورخاء إسرائيل وتأمين مصادر النفط وتبعية الأنظمة الحاكمة له وتعاونها فيما يسمى الحرب على الإرهاب واستمرار عملية السلام الوهمى و..غيرها، وهو مشروع هيمن بالفعل على مجمل المنطقة وكانت مصر ركنًا أساسيًا فيه منذ وقع السادات (كامب ديفد) وتطورت التبعية إلى تعاون أمنى واستخباراتى كامل، وسياسة خارجية تعادى نهج المقاومة، وكان لمصر مع نظيراتها دور داعم فى غزو العراق 2003، وفى حرب تموز2006، وحصار غزه ثم العدوان عليها2009، ما حدا بالصهاينة أن يصفوا مبارك بأنه كنزهم الإستراتيجى.(1) ب- المشروع الشيعى العلوى بدأ منذ ثورة الخومينى 1979، وظهر جلياً فى تحالف نظام البعث(العلمانى) السورى مع إيران ضد نظام بعث صدام حسين فى حرب الخليج الأولى، ثم تطور بزرع حزب الله كجناح عسكرى فى جنوب لبنان يرفع شعارات المقاومة، وبلجوء حركة حماس للدعم السورى الإيرانى بعد الحصار الخانق بدأ المحور الشيعى (إيران –سوريا-حزب الله) يجذب أنظار العرب إليه لتخاذل الأنظمة العربية عن دعم المقاومة فى فلسطين. إن الموقف المبدئى للفكر السنى الوسطى لم يناهض الدولة الإيرانية أو حزب الله، إلا أن خطورة المشروع الشيعى قد تجلت للجميع حين انفضحت أهدافه الطائفية فى وقائع خطيرة :1- تواطؤ إيران مع الغرب فى غزو أفغانستان 2001. 2-التعاون الإيرانى الأمريكى لغزو العراق2003، واقتسام الكعكة العراقية فكان الغزو الأمريكى توطئة لحكم شيعى طائفى يهيمن على مفاصل الدولة العراقية ويضطهد أهل السنة بل يشكل ميليشيات طائفية تقتل أبناءهم، وحتى ممثل السنة الوحيد نائب الرئيس(طارق الهاشمى) مطلوب اعتقاله الآن. 3-أضحى هناك هلالاً شيعياً(إيران – العراق المحتل – سوريا البعث – حزب الله) له مشروع طائفى واضح يسيطر على سياساته ومواقفه المحلية والخارجية. 4-ظهر لعلماء أهل السنة الوسطيين وعلى رأسهم العلامة د.يوسف القرضاوى اضطهاد أهل السنة فى "الأهواز" ومخططات تثوير العرب الشيعة فى البحرين والإمارات وغيرها واختراق الدول السنية الكبرى كمصر وسوريا؛ تبشيرًا بمذهبهم من خلال الإغراء المادى للفقراء والمعوزين. 5-أخيرًا انكشف الوجه البغيض وظهرت فظاعة ووحشية هذا الحلف الطائفى فى دعمهم للمجازر اليومية التى يرتكبها نظام الأسد وفتكه بالشعب السورى، بينما تدعمه إيران عسكريًا ولوجيستيًا، بل صرح أحد مراجعهم بأنه "على الشيعة العرب الدخول إلى سوريا والجهاد إلى جوار النظام السورى حتى لا تقع سوريا بيد أعداء آل البيت" (2) 6- إن مساندة مصر للمقاومة الفلسطينية ودعمها لثورة الشعب السورى بكل السبل ضد النظام الدموى يعد واجب الوقت، وهما من أولويات الأمن القومى المصرى بمفهومه الشامل والدقيق. إن مصر الجديدة مطالبة برفع راية مشروعها الحضارى الإسلامى الوسطى إحياءً لدورها الريادى فى المنطقة، كى تتحرر من تبعية وهيمنة المشروع الغربى الصهيونى، وتتحصن من اختراق واستبداد المشروع الطائفى الشيعى. [email protected]