تشكلت خلال الأيام الماضية ما سمى ب"جماعة الإخوان المسيحيين"، وذلك على غرار جماعة الإخوان المسلمين التى تشكلت قبل 84 سنة، فهل جاءت هذه الجماعة لتلعب ذات الدور الذى قامت به جماعة الإخوان المسلمين؟ أم أنها تريد فقط مجرد تقديم الخدمات الأهلية للمجتمع المصرى كما قيل؟ جمال أسعد:تجر البلاد إلى مخطط التقسيم المعد سلفاً للمنطقة العربية فى البداية، يقول المفكر القبطى جمال أسعد إن الدعوة لتأسيس جماعة الإخوان المسيحين فى مصر هى دعوة أساسها الطائفية وأن من دعوا لتأسيسها أناس لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بالعمل السياسى، وإنما هى محاولة للظهور الإعلامى والمتاجرة بمشاكل الأقباط التى أصبح كل من هب ودب يتشدق بها وكل هؤلاء يقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون تحت مزاعم تلك المشاكل. وتساءل أسعد: ما هى علاقة مشاكل الأقباط بجماعة الإخوان المسيحيين التى تأسست لتكون فى مواجهة جماعة الإخوان المسلمين؟ وهل هذا الفعل حكيم فى هذا التوقيت الذى تعيشه مصر حيث الكثير من الأزمات المتلاحقة؟ وهل ستكون تلك الجماعة عاملا مساعدا على حل المشاكل التى يعانيها الأقباط. كما أشار أسعد إلى أن هؤلاء يعملون على الإضرار بأمن مصر القومى وجرها إلى الوقوع فى مخططات التقسيم من خلال أشخاص يعملون لصالح أجندات خارجية هدفها تقسيم الوطن العربى بأكمله. وأكد أسعد أن أقباط مصر ليس لهم أى علاقة بهذه الجماعة المزعومة، لأن من يريد العمل فى الميدان السياسى لا يشترط أن يقوم بالانضمام لمثل هذه الجماعة، فلديه الأحزاب السياسية المختلفة التوجهات والأيديولوجيات. وأشار أسعد إلى أن تأسيس هذه الجماعة يزيد من انعزال المسيحيين فى مصر، وأشار إلى أن من وافق على تأسيس تلك الجماعة من التيار الإسلامى إنما يوافق ليتخذ من ذلك مبررا لقيام دولة دينية فى مصر، بعيدا عن الدولة المدنية التى ننشدها بعد قيام ثورة يناير. د.نبيل لوقا: التقسيم الطائفى دمر لبنان والعراق وسوريا يقول الباحث القبطى الدكتور نبيل لوقا: أنا لست مع تقسيم البلاد تقسيما طائفيا وأن تكون مصر قائمة على أساس أن هذا مسلم وهذا مسيحى، ولكن ما ينبغى علينا فعله فى هذا الظرف الراهن أن نندمج جميعا ونعمل تحت راية واحدة، ألا وهى حب مصر كما شدد لوقا على رفضه التام لقيام بعض الأقباط فى مصر بتأسيس ما يعرف بجماعة الإخوان المسيحيين لتوازى أو تجابه جماعة الإخوان المسلمين، قائلا إن هذا التقسيم الطائفى هو الذى دمر لبنان والعراق وسوريا، مما أدخلهم فى صراع طائفى لم تستطع الخروج منه حتى الآن. وأضاف لوقا أنه ينبغى على الجميع فى مصر العمل على أساس المواطنة واحترام حقوق الآخرين واحترام الديمقراطية من خلال الأحزاب السياسية المعروفة أسوة بكل الدول الديمقراطية فى العالم. ويرى لوقا أن الساعين لتأسيس جماعة الإخوان المسيحيين سوف يضرون البلاد ضررا كبيرا، لافتا الأنظار إلى أن الدول الغربية إضافة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لا توجد بها أى أحزاب قائمة على أساس دينى، مشيرا إلى أن الحزب المسيحى بألمانيا قد سمى بهذا الاسم تسمية تاريخية وليست تسمية على أساس دينى، كما أنه يضم كل الطوائف المختلفة فى ألمانيا. كمال زاخر: مثلها مثل أى جمعية أهلية والمشكلة فى الاسم يؤكد المفكر القبطى كمال زاخر أن جماعة الإخوان المسيحيين جماعة مثلها مثل أى جماعة أهلية ولكن المشكلة الخاصة بها تكمن فى الاسم الذى اختاره المؤسسون، حيث إنه مأخوذ من اسم جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف زاخر قائلا إنه إلى الآن لم تعلن هذه الجماعة عن أهدافها وبرنامجها الذى تعمل وتمارس نشاطها من خلاله، ومن ثم لا ينبغى أن نعطيها أكبر من حجمها الطبيعى، فالأمر لا يعدو عن أن مجموعة من المسيحيين قد قاموا بتأسيس جمعية أهلية ولم تحدد آليات عملها، إذن علينا أن ننتظر قليلا حتى نتعرف على دوافعها وأهدافها بعيدا عن اعتبارها مناهضة أو منافسة لجماعة الإخوان المسلمين. نجيب جبرائيل:تأسيسها جاء كرد فعل لما تقوم به الإخوان المسلمون من جانبه، أكد المحامى نجيب جبرائيل أن السعى لتأسيس جماعة الإخوان المسحيين جاء من باب رد الفعل على ما تفعله جماعة الإخوان المسلمين من ممارسات سياسية منكرة ومن أهم هذه الممارسات هى حب السيطرة والهيمنة على كل سلطات الدولة. وأشار جبرائيل إلى أن الخطأ أولا هو خطأ الدولة التى سمحت بتأسيس الأحزاب السياسية على أساس دينى وذات مرجعية دينية ومن ثم خرجت حركة أو جماعة الإخوان المسيحيين لتكون انعكاسا لما يفعله التيار الإسلامى فى مصر. وختم جبرائيل قائلا أن كلا من جماعة الإخوان المسلمين والمسيحيين مذمومتان لسعيهما إلى توطيد مبدأ الطائفية والعنصرية فى مصر. مارجريت عازر: ستجعل مصر دولة عنصرية بينما تقول مارجريت عازر النائبة عن حزب الوفد: أنا ضد هذه الفكرة السيئة تماما التى تأخذ البلد إلى طريق التمييز الطائفى، مما يجعل مصر ذات ملامح طائفية، حيث توجد جماعة الإخوان المسلمين ثم بعد ذلك تأتى جماعة الإخوان المسيحيين وهذا يجعل مصر دولة عنصرية، فبدلا من أن نكون شعبا واحدا مكونا من مسلمين ومسيحيين سيكون بمصر شعبان، شعب مسلم وشعب آخر مسيحى. كما أضافت عازر قائلة: إذا كنا ضد تأسيس الحزب السياسى على أساس دينى، فمن باب أولى أن نرفض جماعة كهذه على أساس دينى. وعن أهداف من قاموا بتأسيس جماعة الإخوان المسيحيين، تقول عازر: أنا ضد تخوين من دعا إلى تأسيس هذه الجماعة، ولكن أصف الداعين إليها بضيق الأفق، حيث إن هناك بعض الأشخاص يقومون بتصرفات غير مسئولة تؤصل للطائفية بين أفراد المجتمع الواحد وهم يظنون أنهم بذلك يخدمون بلدهم، وأقول لهم إن مصر لن تقوم بمثل هذه الجماعات، ولابد علينا أن نعلم أن الدين بالقلب ولكن العمل السياسى له أصوله وقواعده ولابد أن نلتفت لقضايا ومشاكل الشعب كى نوجه كل جهودنا إليها حتى يشعر الشعب بالتغيير الإيجابى المأمول فيه بعد ثورة يناير. رفيق جرجس: الديانة المسيحية لا تعرف مثل هذه الجماعات ويرى رفيق جرجس المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الكاثوليكية أن الديانة المسيحية لا تقر قيام مثل هذا النوع من الجماعات وأنه لا يجوز للمسيحى أن يلصق ما هو مدنس بما هو مقدس، مؤكدا أن من يريد العمل بميدان السياسة عليه الاندماج فى حزب سياسى وألا يزج بالدين فى قلب العمل السياسى. وأضاف أن هناك مسيحيين كثيرين قد قاموا بتأسيس رابطات مسيحية تجتمع لتبحث فيما بينها جميع الأمور المتعلقة بقضايا النصارى واقتراح الحلول اللازمة لها. وأشار إلى أن تأسيس مثل تلك الجماعة سوف يضر بأمن مصر القومى ومن ثم فنحن لا نقبل بوجود جماعة تسمى نفسها بالإخوان المسيحيين مقابلة لجماعة الإخوان المسلمين. د.محمود غزلان: مجرد فرقعة إعلامية ومن جانبه، أكد الدكتور محمود غزلان المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين أن الدعوة لتأسيس جماعة تحمل اسم الإخوان المسيحيين مجرد فرقعة إعلامية، مبديا دهشته من توقيت الإعلان عن تأسيس تلك الجماعة. وعن اسم جماعة الإخوان المسيحيين يقول الدكتور غزلان معلقا، لماذا تم اختيار هذا الاسم تحديدا؟ ويرى أن اختيار الاسم جاء للفت الأنظار إليه ليس إلا. وتساءل المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان المسلمين، هل مصر فى حاجة الآن لوجود مثل هذه الجماعات التى تثير الجدل؟ أم أنها تحتاج إلى أن يتكاتف الجميع لبناء الدولة التى أحرقها النظام البائد. وأنهى غزلان كلامه: نحن لا نسأل عن رأينا فى تلك الجماعة بل ينبغى توجيه السؤال لمن قاموا بتأسيسها، وما هى الدوافع والأسباب التى قد دفعتهم لذلك. عصام دربالة:لا مانع طالما أنها تعمل فى الإطار القانونى بعيداً عن الطائفية فى حين يرى القيادى بالجماعة الإسلامية الدكتور عصام دربالة أنه لا مانع مطلقا من تأسيس جماعة الإخوان المسيحيين طالما أنها جاءت وفقا للقانون، وطالما أنها تتحرك فى الإطار الصحيح بعيدا عن إثارة الفتن الطائفية أو إثارة المشاكل التى تؤدى إلى الأحقاد وتسميم الأفكار لدى أبناء الوطن الواحد. كما أكد دربالة أنه من حق كل مواطن مصرى أن يقوم بتكوين جماعة وفقا للضوابط القانونية. وردا على من يقول إن الكثير من الرموز الإسلامية قد رحبت بتأسيس جماعة الإخوان المسيحيين كى تبرر لنفسها إقامة الدولة الدينية، قال دربالة: هذه هواجس لا أساس لها من الصحة لأنه لا توجد نية لدى التيار الإسلامى باختلاف مسمياته لأن يسعى لإقامة دولة دينية على أرض مصر وإنما المعلوم للجميع أننا نريد دولة مدنية يحكمها القانون من خلال المرجعية الإسلامية ولا ينبغى لغير المسلم أن يرفض ذلك مطلقا. وأضاف: الديانة المسيحية لا توجد بها شريعة حتى يتحاكم المسيحيون أمامها وإن قيام الدولة المصرية بمرجعية إسلامية سوف يحفظ لغير المسلمين حقوقهم ثم إن هناك من المسيحيين وبعض المسلمين من خارج التيار الإسلامى من يريد أن يفرض علينا الدولة المسيحية من خلال الدولة العلمانية والتى أقامها فى الأساس هم المسيحيون فى أوروبا والتى تقضى بفصل الدين عن الدولة وقد يكون من حقهم ذلك حينما يكون المجتمع جميعه مسيحى، أما ونحن فى دولة مسلمة فنقول إن الشريعة الإسلامية أوسع وأرحب من كل الديانات الموجودة على ظهر الأرض، كما أنه يحق لغير المسلمين التحاكم إلى أحكامهم فى الأمور الخاصة، وليس معنى هذا أن تنشأ لهم محاكم خاصة، ولكن ذلك سيكون عبر المحاكم الوطنية من خلال مجالس تشريعية خاصة. وأخيرا أكد دربالة أنه لا يعارض تأسيس جماعة الإخوان المسيحيين طالما أنها ستعمل فى إطار القانون ضاربا المثل بجمعية الشبان المسلمين وجمعية الشبان المسيحيين، حيث إنهما يعملان منذ زمن ولا توجد أى مشكلة منهما يوما من الأيام. اللواء سامح سيف اليزل: من حق أى أحد أن يؤسس جمعية أهلية إذا استوفى الشروط ويقول اللواء سامح سيف اليزل الخبير الإستراتيجى إن هناك قوانين تحكم وتنظم إنشاء الجمعيات الأهلية، كما أن هذه الجمعيات لها تصاريح معينة وأساليب خاصة وقت إنشائها، وبالتالى فإن المؤسسين لجماعة الإخوان المسيحيين إذا ما قاموا باستيفاء الشروط اللازمة لإنشاء هذه الجمعية فلا مانع مطلقا من تأسيسها هذا بعد أن تقوم الجهات المعنية بالموافقة على ذلك. وأضاف اليزل أنه لا يستطيع فرد أو جهة من الجهات أن تمنع شخصا أو مجموعة أشخاص من إنشاء الجمعيات الأهلية طالما أن أهدافها معلنة ومرتبطة بتقديم الخدمات المختلفة للجميع من خلال تقديم المساعدات الأهلية للفقراء والمحتاجين والعمل على خلق فرص عمل تسهم فى رفع العبء عن الدولة. د.سعيد اللاوندى: من حقهم ذلك ولا داعى من الخوف منها أما الخبير بمركز الأهرام الإستراتيجى الدكتور سعيد اللاوندى فيرى أنه مادام هناك جماعة الإخوان المسلمين فلا بد أن تكون هناك جماعة الإخوان المسيحيين، ولابد ألا ننسى أن مصر بها 10 ملايين من المسيحيين، وأيضا مصر كانت مسيحية فى الأصل ثم تحولت إلى الإسلام بعد مجىء عمرو بن العاص رضى الله عنه فاتحا لها، ومن ثم فلا ينبغى أن يحملنا هذا إلى الخوف من تأسيس هذه الجماعة. وأشار اللاوندى إلى وجود جمعية تسمى بجمعية الشبان المسيحيين وهذه الجمعية كانت تقوم بالعمل الخيرى بل لقد كانت منتدى للعباقرة مثل سلامة موسى والعقاد وطه حسين وغيرهم، ولم تكن تؤثر بشىء سلبى فى مناخ العمل السياسى بالدولة وقتئذ. كما أكد اللاوندى أنه ينبغى على جماعة الإخوان المسلمين وجماعة الإخوان المسيحيين وضع أهداف مشتركة تعمل على بناء مصر وعدم المساس بأمنها واستقرارها وألا تسعيا إلى إثارة الفتن الطائفية فى المجتمع، فإن كل من يعيشون على أرض مصر لهم حق العيش أمنا، ولقد أشار الرئيس محمد مرسى إلى أنه رئيس لكل المصريين وأنه يقف على مسافة واحدة من الجميع بغض النظر عن الديانة والتوجه. وردا على من يقول إن تأسيس الجماعة سعى للفرقة وتأجيج نار الفتنة الطائفية، يقول اللاوندى: لا أعتقد أن تأسيس الإخوان المسيحيين جاء من أجل إشعال الفتن فى مصر، لأنه لم يعد تجريم لأى شىء فالكل يتحدث بما شاء وكيف شاء من خلال الفيس بوك والفضائيات والجرائد، وأرى أن هذا تأكيد أن الجميع يسعى لمصلحة البلاد بالدرجة الأولى. كما أشار اللاوندى إلى مقولة البابا شنودة التى قال فيها: مصر وطن يعيش فينا وليست وطنا نعيش فيه. وختم قائلاً: المصريون مسلمون أو مسيحيون يركبون مركبا واحدا وأما من يقول إن فلانا أسس جماعة تهدف إلى تقسيم البلاد تنفيذا للمخططات الغربية فهذا اجتهاد منه ولكن العبرة بما تؤول إليه الأمور. الدكتور جمال حشمت: أمر لا يصب فى مصلحة الوطن وأخيرا يقول الدكتور جمال حشمت عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة إن تأسيس جماعة الإخوان المسيحيين أمر يرجع لمن قد دعا إليه وإن كنا نقول إن هذا لا يصب فى مصلحة الوطن أو مصلحة المسيحيين، لأن المواطن العادى سوف ينظر إليها على أنها جماعة تدعو إلى الطائفية والحزبية. كما أكد حشمت أن جماعة الإخوان المسلمين متواجدة فى المجتمع المصرى منذ 80 عاما كما أنها تقوم بدورها تجاه الوطن والمواطن منذ ذلك التاريخ على أكمل وجه، وأن الجميع يشهد لأدائها، ومن ثم فإن الدعوة لتأسيس جماعة مضادة أمر مكروه لأنه بمثابة دعوة لتقسيم الوطن على أساس الدين وهذا ما لن يفيد المسيحيين بشىء. وختم حشمت قائلا: نحن نطالب المسيحيين بالخروج من إطار العمل داخل الكنيسة والانخراط فى العمل داخل الوطن الذى هو من حق الجميع مسلما كان أو مسيحيا.
