شهدت مصر خلال الفترة الماضية، لغطاً ونقاشا وجدلاً حول القضاء والقضاة، وخاصة بعدما أصدرت المحكمة الدستورية حكمها بحل "مجلس الشعب"، حينها خرج من يعارض، ومن يدافع، ومن يتساءل، لم يكن عندى أى فتور فى التأخر عن أن أقف مع صفوف وطوابير المتسائلين المعارضين لتلك الحكم، وكان سؤالى من الذى يهدم ما ُيبنى فى مصر؟ من المستفيد، ولما نرتد إلى الخلف!! إذا كان السؤال قاسيا وصعبا، فإن الإجابة أغلظ قسوة ومرارة، حينما نعلم أن المشكلة ليست فى من يمثل القضاء، أو سواء كانت الأدلة موجودة أو منعدمة؛ ولكن المشكلة هى فى حزمة القوانين التى صنعها المخربون لكى يجدوا لأنفسهم، مناخ يصنعون به بؤر الفساد فى كل منظمة، لكى ينطبق على الجميع مقولة ("إذا كان رب البيت للدف ضاربٌ.. فشيمة أهل البيت كلهم الرقص")، والحقيقة أننا جميعاً رقصنا بصمت، فلقد علموا المرء من حداثة عهده على كيفية صناعة الفساد والظلم والاستبداد، حتى نتج عن تلك القوانين ما نعيشه الآن من الهرج والمرج والتخبط التى لا نعرف إلى أى طريق ستصل بنا. هذه مجرد إلماحة وتذكرة ابتسرت بها الحديث عما أريده، أننا الآن فى أمس الحاجة إلى"التوافق الوطنى"، وهذا ما يفرض علينا التمسك بمسيرة التحول الديمقراطى، والحفاظ على "السلطة التشريعية والرقابية"، الممثله فى البرلمان، فمن غير المعقول لبلد ثائر من أجل الحرية وبناء المؤسسات، أن تكون نتيجة ثورته حل مجلس الشعب بغير سند دستورى، أضف إلى ذلك ضرورة إجراء استفتاء شعبى قبل الحل، وذلك طبقاً للسوابق الدستورية، كما حدث فى عام 1987 - 1990، وإذا كان ذلك حدث فى العصر السابق، حينما صدر الحكم ببطلان الانتخابات بعد 3 سنوات من القضية، وانتهت باستفتاء شعبى، فنحن بعد تلك الثورة العظيمة من باب أولى لنا تطبيق ذلك. حل مجلس الشعب ليس بالأمر الذى يستهان به، لابد من المراجعة وإعادة النظر فى عدة أمور قبل أن يتم تنفيذ الحكم؛ منها أن تكلفة الانتخابات وصلت إلى مليار و600 مليون جنيه، ولا ننسى أن هذا على حساب المواطن ذا الحق المهدور حتى فى اختياره، بالإضافة إلى أن الانتخابات كانت نزيهة وشفافة بشهادة القاصى والدانى؛ وجاءت وفق الإعلان الدستورى الذى كان تحت إشراف قضاة من المحكمة الدستورية!! وفى إيمان لا يساوره رسيس من الريب أؤكد أن حكم المحكمة الدستورية العليا بحل مجلس الشعب؛ تم على أسس سياسية وليست قانونية؛ ولذلك فهو فى نظر الشعب عمل سياسى بالتناغم مع المجلس العسكرى رافضاً إرادة الناخبين الذين وصل عددهم 30 مليونًا، وإذا كان احترام أحكام القضاء واجباً؛ فإن هذا الحكم يستلزم أن يثور القضاة للدفاع عن المحكمة الدستورية ومكانتها، وألا يسمحوا لها بأن تدخل فى ألاعيب السياسة المكشوفة فهى أعلى مكانة من ذلك؛ وأتمنى أن يفهم القائمين على الأمر، أن الشعب لن يسمح بأن تكون هناك جهة تفرض وصايتها عليه أو تكون فوق إرادته، فرفقاً بمصر وشعبها وإرادته؛ "متى يبلغ البنيان يوماً تمامه.. إذا كنت تبنيه وغيرك ُيهدم" نعم وبقوة.. لعودة مجلس الشعب المنتخب.. [email protected]