عندما تريد سن السكاكين والمقصات بمختلف أحجامها وتسأل أى مواطن بورسعيدى إن كنت غريبا عن المكان سيجيبك "أبو طبل"، لسن السكاكين؛ فهم من أقدم وأشهر العائلات العريقة، منذ نحو 100 عام وهم محتكرو المهنة ببورسعيد، توارثها الأبناء من الآباء والأجداد. ففى شارع ضيق داخل أزقة وحوارى حى العرب العتيق بمحافظة بورسعيد وتحديدا بتقاطع شارعى "الزقازيق والشرقية"، تقع عيناك على محل قديم بداخله رجل يناهز ال 80 عامًا من عمره، يرتدى نظارة لحام كبيرة وفى يده سكين تسمع أزيزها وهى تعانق قرصين من الحجر العتيق، يصدر منهما شرر لتراها تلمع من نصلها الحاد، الآن فهى جاهزة وحادة كى يتسلمها الزبون. "المصريون" التقت الحاج محمد أبو طبل، وجهه المبتسم رغم مهنته الشاقة، وأنه يعمل سنانا للسكاكين أبا عن جد، بالإضافة إلى السواطير والخناجر والمقصات وجميع أنواع الأسلحة البيضاء، وأن أغلب زبائنى أصحاب محلات الجزارة والمطاعم والقليل من ربات البيوت كبار السن ممن تبقوا من الجيل القديم الذى اعتاد على سن أدوات المطبخ من سكاكين مقصات وخراطة الملوخية. وأضاف أن الجيل الجديد قليل من يعرفنا ويأتى إلينا مع التطور الحديث فى سن السكاكين فهناك أجهزة كهربائية خفيفة الوزن لسن السكاكين والمقصات، فداخل المنزل كل شيء يتطور بسرعة "هنعمل إيه الحمد لله على كل حال". وأوضح أبو طبل، أننى تعلمت المهنة من والدى وأصابعى منذ نعومتها تعودت على جلخ السكاكين، حيث كان عمرى وقتها 8 سنوات، ولم يكن لدينا هذا المحل؛ جدى ووالدى كانا يتجولان ويحملان على كتفيهما حجرا مائيا وينادى "أسن السكاكين أسن المقص". كان أغلب زبائننا وقت أن كنت صغيرا من الجاليات الأجنبية التى تركزت فى الحى الإفرنجى ببورسعيد "حى الشرق" حاليا من مختلف الجنسيات "الطليان واليونانيين والأرمن والإنجليز وغيرهم" وتوفى جدى وعمره يناهز ال 104 أعوام، وكان والدى يتقن العمل ويتعامل بخلق حسن مع زبائنه. وأشار إلى أن جده كان يمتلك سمعة طيبة بين الجاليات الأجنبية التى كانت تعيش فى بورسعيد، وأذكر أنه كان دائما يتردد علينا حاخام المعبد اليهودى ببورسعيد لسن السكاكين المستخدمة فى طقوس الذبح، فكان جدى يسأل الحاخام اليهودى لماذا تريد سن السكاكين وهى حادة الشفرة؟ فيجيب حتى أكون رحيما على الطيور ولا تتألم. واختتم حديثه قائلا إن جدى ظل يكد ويتعب حتى تمكن من امتلاك المحل الذى نحن فيه الآن؛ فمعاملتنا الطيبة والحسنة مع الزبون جعلت لنا الزبائن تأتينا من المراكز التابعة لمحافظة الدقهلية؛ منها: "المنصورة والمنزلة والمطرية".