حظيت قضية الخسائر المتتالية لمرفق السكة الحديد فى مصر , بإهتمام خاص من جانب عدد من اللجان البرلمانية فى مجلس النواب خلال الايام الماضية . حيث عقدت لجنة الخطة والموازنة برئاسة الدكتور حسام عيسى , إجتماعاً لمناقشة الخسائر التى تعانيها الهيئة العامة للسكك الحديدية بشكل دائم , كما قامت لجنة النقل بالتعاون مع مكتب اللجنة التشريعية بدراسة مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 152 لسنة 1980 بإنشاء الهيئة القومية لسكك حديد مصر . بهدف اتاحة شراكة القطاع الخاص فى تطوير مرفق السكك الحديدية، وذلك لأن القانون بنصه الحالى لا يسمح بوجود شركات أجنبية لإدارة أو تطوير المرفق، وبالتالى هذا التشريع من شأنه منح حق الامتياز لشركات أجنبية لها خبرة فى إدارة المرافق دون بيع أو خصخصة، وإنما من أجل تطوير الخدمات وتحمل ما لا تستطيع أن تتحمله الدولة تعويضا للخسائر. من جانبه اكد اللواء سعيد طعيمة رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب أنه من المتوقع أن يصدر القانون بتعديلاته الجديدة خلال الأسابيع القليلة القادمة . وكشف طعيمة أن مرفق السكك الحديدية بلغت خسائره 43 مليار جنيه.. ولا توجد هيئة أو مرفق حكومى يحقق أرباحا أو مكاسب، وتراكمات الفشل عبر سنوات سبب فى أزمة، وخسائر هذه المرفق التى يشهدها الآن كبيرة.. وهذا القطاع غير منتج ولا يقدم خدمة جيدة ولابد من شراكة القطاع الخاص لانتشاله من الخسائر والسكك الحديدية فى حاجة ماسة إلى هذه الشراكة". وينص التعديل الذى يناقشه البرلمان حاليا على إمكانية إشراك الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر فى إدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكك الحديدية، وتطويرها وتدعيمها، وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم هذه الخدمة، وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض، وتطوير خدماتها فى جميع أنحاء البلاد. ويتضمن التعديل تنظيم إجراءات منح الالتزام فى إدارة وتشغيل وصيانة مرافق السكك الحديدية، واختيار الملتزم فى إطار من المنافسة والعلانية والشفافية، مع تحديد وسائل الإشراف والمتابعة الفنية والمالية، التى تكفل حسن سير المرفق بانتظام بمعرفة الهيئة، وكذلك التأكيد على أهمية محافظة الملتزم على المرفق، ليكون صالحا للاستخدام طوال فترة الالتزام، على أن يؤول المشروع إلى الدولة فى نهاية مدة الالتزام، دون مقابل، وبحالة جيدة. من ناحية آخرى كشف تقرير أصدرته وزارة المالية عن موازنة الهيئات الاقتصادية للعام المالى المنتهى 2016/2017 أن جملة موازنة هيئة السكك الحديدية بلغت 19 مليارا و544 مليونا و89 ألف جنيه، وقدرت التكاليف والمصروفات بواقع 8 مليارات و531 مليونا وألفى جنيه، أى أن المصروفات وحدها استحوذت على ثلث الموازنة، فيما سجلت الإيرادات 4.5 مليار جنيه، أى أن الإيرادات لم تغط المصروفات ووصلت نسبة العجز إلى 50% . كما أن الخسائر بلغت 4 مليارات و481 مليون جنيه خلال السنة الأخيرة، مع توقعات بارتفاعها خلال العام المقبل إلى 5 مليارات جنيه. وبعد أن استعرضنا هذه الحقائق نسأل : هل تم وضع الضمانات الكافية قيل الإقدام على هذه الخطوة ؟ وهل سيتم تطبيقها على كل القطارات المميزة والفاخرة والعادية ؟. وهل تم وضع حد أقصى لأسعار التذاكر عقب تنفيذ هذه التجربة أم سيتم تركها لرجال الاعمال والمستثمرين الأجانب ؟ وما رأى كافة الوزارات والهيئات المعنية فى مصر فيما قاله عدد من خبراء وأساتذة الإقتصاد والنقل : " إن إشراك القطاع الخاص فى إدارة مرفق السكك الحديدية تجربة محكوم عليها بالفشل فى مصر والسبب فى ذلك أن البنية التحتية للمرفق متهالكة من حيث القضبان والجرارات والقطارات وحتى نظام الإشارات، وبالتالى فإن نظام ال service provider أو مقدم الخدمة الذى أعلنت الحكومة انتهاجه بصدد إشراك القطاع الخاص لا يمكن أن ينجح بدون بنية تحتية قوية " . كما كشف الخبراء أن هيئة السكك الحديدية يعمل بها نحو 54 ألف موظف برواتب تصل إلى 2.2 مليار جنيه سنويا وتحقق معدل خسائر سنوى لا يقل عن 3 مليارات جنيه وزادت لتصبح العام الحالى 7 مليارات جنيه مقارنة بالعام الماضى ومدينة للدولة ب55 مليار جنيه، وهو ما يعنى أن هذه الأوضاع لابد من معالجتها قبل اللجوء إلى إشراك القطاع الخاص. وأخيراً نسأل : هل صحيح أنه بإشراك القطاع الخاص ستفقد الدولة السيطرة على تحديد أسعار التذاكر والخدمات، لأن لمستثمر همه الأول تحقيق أرباح والمصدر الرئيسى من هذا الربح هو أسعار الخدمات وبالتالى إن زادت أسعار الخدمات بالسكك الحديدية فسيلجأ المواطن للاعتماد على النقل البرى خاصة أن عدد المتعاملين مع المرفق 500 مليون مواطن سنويا 70% منهم من سكان الأقاليم والصعيد وبالتالى سيحدث خلل فى منظمة النقل بأكملها ؟!.