منذ بداية الثورة وفور تنحى مبارك وكل التيارات أخطأت قد تكون النوايا كانت صادقة، وقد تكون الفرحة الحلم الذى عجزنا أن نفكر حتى أن نحلم به لكن الفرقة، التى حدثت دبر لها فى ليل شديد السواد.. الثوار أخطأوا والكل معهم حينما تركوا الميدان وتركوا الأمر للمجلس الأعلى للقوات المسلحة ورهنوا الثورة عنده وديعة ليحافظ لهم عليها لأنهم بطبيعة الحال لم يكونوا طلاب سلطة ومازالوا والحقيقة كان أداء أعضاء المجلس فى البداية رائعا وإن بدوا مندهشين وغير مستوعبين بكل ما حدث. الثوار أخطأوا حينما اختلفوا وتشرذموا إلى أكثر من 150 ائتلافا، وتركوا أحزاب سياسية تتحدث نيابة عنهم وتعقد الصفقات وتتجسس على الثوار وكان ضررهم أشد بكثير على الثورة والثوار.. أخطأ الثوار حينما تركوا ثورتهم وميدانهم ولم يتفقوا على من يتحدث باسمهم جميعًا وتركوا المجلس الأعلى لوحده ولم يعينوه على أخذ حطوات كلها صحيحة، وبالتالى المجلس العسكرى خشى من حدوث تصدع فى مؤسسات الدولة مرة واحدة وألقى بثقله للأسف فى أحضان مستشارى السوء من النظام السابق ظنًا منه أنهم خبرات وكفاءات، ولم يكونوا يومًا كذلك، ومن ثم ورطوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى أكثر من موقف حتى بدا الصام اللفظى وتلاه التراشق بالحجارة وسحل المواطنين وحبسهم واعترف بعضهم بأنهم ليست لديهم الخبرات السياسية الكافية فى إدارة الشأن المدنى. المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخطأ فى حق الكل وكان خطؤه الأكبر لأننا وثقنا فيه ثقة عمياء على أنه حامى الثورة والدولة، واتضح أن الأمر كان غير ذلك واستعان المجلس العسكرى بأسوأ المستشارين سواء القانونيين أو الدستوريين بل استعان بغالبية من هم محسوبون على النظام السابق. لم يخرج من المجلس الأعلى للقوات المسلحة قانون أو تشريع إلا وبه عوار ضد الثورة والثوار وفى النهاية ضد الوطن والشعب المطحون طوال 60 سنة وليست 30 سنة، كما يردد البعض.. المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخطأ ومعه من أيدوه فى الإعلان الدستورى المعيب، والذى وضع مواد محصنة أكثر تحصينا من القرآن نفسه، وإن كنت أحد الذين وافقوا على الإعلان الدستورى.. المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخطأ حينما عين لجنة من المحكمة الدستورية العليا كلجنة إدارية تدير انتخابات الرئاسة، وكان من الممكن أن يترك الأمر لمجلس القضاء الأعلى يدير هذا الشأن. المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخطأ عندما أصدر إعلانًا دستوريا مكملا وأخطأ حينما أصدر قانون الضبطية القضائية وأخطأ فى تأجيل تسليم السلطة فى الموعد الذى حدده هو وأخطأ فى حل مجلس الشعب وانتزاع سلطة التشريع من الشعب واستردها إليه. المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخطأ فى تشكيل مجلس الدفاع الوطنى وأخطأ خطأ جسيمًا حتى على زملائهم، حينما قصروا تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأعضائه الحاليين، وهذا يغلق الباب أمام اللواءات والجنرالات الآخرين أمام دخول أحدهم إلى المجلس ألا بموت أحد أعضائه.. المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخطأ أيضًا حينما جعل لجنة الانتخابات الرئاسية لجنة إلهية فوق النقد وفوق الطعن طبقا للمادة 28 من الإعلان الدستورى. أما التيارات الأخرى المكونة لجميع فصائل المجتمع فكان لهم أخطاؤهم أيضا ومن بينهم الإخوان بصفتهم أكبر فصيل سياسى على الساحة السياسية والسلفيون والتيارات الإسلامية الأخرى.. الإخوان أخطأوا حينما تركوا الثوار لوحدهم فى الميادين فى كثير من الحالات التى نعرفها جميعًا ابتداء من ماسبيرو وانتهاء بمذبحة بورسعيد، وبالتالى تم التنكيل بالكثير منهم حتى تفرقوا وكفروا بالجميع وكان مبرر الإخوان وقتها نظرًا لطبيعتهم غير الصدامية وحرصهم على بناء مؤسسات الدولة بالقانون والانتخابات النزيهة وبالتالى حاولو الابتعاد عن الصدام بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة إلا عندما ظهرت وثيقة السلمى. السلفيون والتيارات الإسلامية الأخرى أخطأوا حينما تبعوا الإخوان المسلمين ولم يحاولوا تنبيههم والإخوان أخطأوا حينما اختاروا فقط الطريق الديمقراطى وتركوا شرعية الثورة فى الميدان، وأسسوا مجلس شعب منتخب لأول مرة وللكثير ممن لا يعلمون أن أحد أسباب حل هذا المجلس، لأنه أراد أن يضع سقف للأجور وحد أدنى له وأعلى وعندما أراد أن يغير قانون المحكمة العسكرية حتى تكون مستقلة وغير خاضعة لرئيس الجمهورية. الأحزاب الليبرالية والعلمانية أخطأت عندما وقفت تترنح يمينا ويسارًا تارة مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتارة مع الثورة والثوار، وهم يطعنونها من الخلف بقصد أو عن غير قصد. أما خطأ المحكمة الدستورية العليا فهو تسرعها فى حكمها السابق ببطلان بعض مواد قانون مجلس الشعب الحالى وتعجلت الحكم رغم أن لديها طعون وأحكام مؤجلة منذ أكثر من 15 سنة، كما ذكر البعض ولم تلقى بالا كم عانى الشعب المصرى وواجه من مشاق فى التصويت لاختيار أول مجلس شعب حر فى تاريخ الحياة النيابية فى مصر دون ضغوط أو تدخل من أحد.. اللجنة العليا للانتخابات أخطأت فى إدارة العملية الانتخابية لأن أعضاءها الذين هم أعضاء المحكمة الدستورية لم يستطيعوا أن يتعاملوا مع اللجنة الانتخابية على أنها لجنة إدارية وليست المحكمة. وبالرغم من كل الأخطاء التى ارتكبها الجميع فى حق الوطن وأنفسهم وبعضهم البعض جرت الانتخابات الرئاسية على مرحلتين ونتجت عن فوز الأستاذ الدكتور/ محمد مرسى بمقعد الرئاسة ولا يسعنا إلا أن نقول له من القلب مبروك ليس لك، ولكن للشعب الذى انتزع حريته مرة أخرى، أعانك الله على الأمانة، التى حملت بها وفقك الله وأعانك على شياطين الإنس والجن معًا كل التقدير لك رئيسا وحاكما بالحق والعدل بين الناس الذين ما زالوا ينتظرون الخير على أيديكم وفق الله مصر، التى هى فى قلوبنا جميعا وحمى أهلها وجيشها أمين. [email protected]