وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الأنبا بولا يلتقي مطران إيبارشية ناشفيل    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    تراجع سعر الطماطم والخيار والخضار في الأسواق اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    ارتفاع أسعار النفط عقب ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت    بمقدم 50 ألف جنيه.. بدء التقديم على 137 وحدة سكنية في مدينة 6 أكتوبر غدا    بناء القصور وبيع الأصول    الجيش الإسرائيلي يشن غارة جديدة على الضاحية الجنوبية ل بيروت    إعلام عبري: صفارات الإنذار تدوي في صفد ومحيطها    الجيش الإسرائيلي: عملية استهداف نصر الله ستغير شكل الشرق الأوسط    جيش الاحتلال: سنهاجم الضاحية الجنوبية في بيروت بعد قليل    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    رويترز: الاتصال مع القيادة العليا لحزب الله فقد كليًا    الزمالك يعلن عن طبيعة إصابة دونجا وعمر جابر    سهرانين للصبح، استمرار احتفالات الزملكاوية بكأس السوبر الإفريقي (فيديو وصور)    نيرة الأحمر: الله لم يرضَ بالظلم.. وتحملنا ما لم يتحمله أحد    تركي آل الشيخ يداعب شيكابالا وشيكا يحتفل بالفوز(صور)    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    محمد عواد: حققنا فوزًا مستحقًا في السوبر الأفريقي.. ويكشف كواليس أزمته الأخير مع الزمالك    أجواء حارة والعظمى في القاهرة 34.. حالة الطقس اليوم    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي بعد صراع مع المرض    ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.. رمز الاستقلال الوطني والكرامة العربية    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    هشام جمال ينصح المشاركين في «كاستنج»: حاول مرة أخرى إذا فشلت    وفاة زوجة الفنان إسماعيل فرغلي    أنغام تبدع خلال حفلها بدبي ورد فعل مفاجئ منها للجمهور (فيديو وصور)    أبرزها منتجات الألبان.. 5 أطعمة ممنوعة لمرضى تكيس المبايض    يفرز هرمونات ضد السعادة.. نصائح للتخلص من «الكرش»    الأطعمة التي يجب تناولها وتجنبها أثناء فترة الحمل    تفاصيل إصابة شاب إثر الاعتداء عليه بسبب خلافات في كرداسة    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    نشرة التوك شو| تحسن في الأحوال الجوية والشعور ببرودة الطقس أوائل أكتوبر    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زي النهارده».. وفاة رئيس الفلبين فرديناند ماركوس 28 سبتمبر 1989    مجلس بلدية صيدا بلبنان: آلاف النازحين يفترشون الطرقات ولا يجدون مأوى    عباس شراقي يُحذر: سد النهضة قد ينفجر في أي لحظة    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الوزارة فى الميدان    "الصحة" تطلق تطبيقًا لعرض أماكن بيع الأدوية وبدائلها    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    سياسية المصرى الديمقراطى: نحن أمام حرب إبادة فى غزة والضفة    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المستشارة تهاني الجبالي.. نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا:
نحن الآن ندفع ثمن »نعم« في استفتاء مارس 2011
نشر في الأخبار يوم 06 - 05 - 2012

كم من الثمن ستدفع مصر وشعبها حتي تنتصر الثورة..؟! كان هذا السؤال الذي شغلنا ونحن في طريقنا إليها.. المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا.. قابلتنا بتفاؤل رغم الابتسامة الممزوجة بالقلق.. واشتمل الحوار العديد من القضايا التي يعج بها المشهد السياسي في مصر.. قواعد العدالة الانتقالية.. المحاسبة السياسية.. إعادة البناء والتطهير.. الدستور.. الديموقراطية.. الحريات السياسية.. السلامة الوطنية.. المليونيات.. الانقسامات والاختلافات بين القوي السياسية.. الانتخابات الرئاسية.. الانتهاكات التي تعرضت لها أهداف الثورة المصرية.. الأحزاب والقوي الدينية.. المسار الخاطئ الذي سلكه المجلس الأعلي للقوات المسلحة في الفترة الانتقالية.. غياب المعلومات وأسباب الشرخ الذي حدث ولأول مرة في تاريخ مصر بين الجيش والوجدان الشعبي وأدي إلي الشعار الفاسد وفكرة اسقاط العسكر مهما كانت التبريرات.. و.. و.. حتي وصلنا بالحوار إلي الخطوات والحلول التي يجب أن نسلكها للخروج بمصر إلي بر الأمان وفي مقدمتها أن تعمل جميع القوي الوطنية وأطياف الشعب المصري علي إعلاء المصلحة الوطنية علي المصالح الخاصة للانتقال السلمي الدقيق لمرحلة أخري من مراحل هذه الثورة.
الذين شحنوا الشباب في العباسية ليسوا بمجهولين..
ولا يوجد أحد فينا أغلي من مصر
كل المسارات هزمت عمداً حتي لا نصل إلي توافق..
وعلينا تفادي انهيار دولة القانون
نحن جميعاً مطالبون بالالتزام بقواعد العدالة الانتقالية..
والاعتذار الجماعي لشباب الثورة
شرخ.. لأول مرة في التاريخ بين الجيش والشعب..
وهدية لم يكن يحلم بها أعداء الوطن
كم من الثمن سندفع حتي تنتصر الثورة..؟! بادرناها بالسؤال بعد أن استقبلتنا المستشارة تهاني الجبالي بمكتبها المطل علي نيل مصر بالطابق الثاني بالمحكمة الدستورية العليا.. اتجهت عيناها نحو النيل الممتد يميناً ويساراً وقالت.. هذا هو النيل شريان الحياة.. ومصر هبة النيل.. وقد حفظها الله سبحانه وتعالي علي مر التاريخ منذ أكثر من سبعة آلاف عام حفلت خلالها بالعديد من الكوارث والحروب.. وخرجت وشعبها سالمين.... وحين أعدنا السؤال مرة أخري صمتت.. وتلاقت أعيننا مترقرقة بالدموع.. احتسينا القهوة وبدأنا الحوار وقالت..
لا يوجد فينا أحد أغلي من مصر.. وأمن مصر القومي ليس خلافاً سياسياً.. وليس من المقبول أبداً من أي مصري أن يقوم بالإعتداء علي وزارة الدفاع أو أي منشأة عسكرية وهوما أدي إلي سقوط مجموعة من الشباب.. هؤلاء الشباب لم يقرأوا المشهد جيداً وحاربوا في معركة غيرهم بإهانة المؤسسة العسكرية واطلاق الشعارات الرديئة، والذين شحنوا الشباب في العباسية ليسوا بمجهولين، فما حدث أمام وزارة الدفاع أري أنه استعراض لبعض القوي السياسية لعضلاتها في الشارع المصري والتي بدأت أحداثها منذ حملة أحد مرشحي الرئاسة عندما رفض من اللجنة العليا للانتخابات طبقاً لقانون الرئاسة.. إن ماحدث في العباسية لاهدف منه سوي اشعال النيران واراقة الدماء البريئة وإرهاق الوطن وعلي القوي التي تستعرض عضلاتها وقوتها لتثبت لنا أنها تستطيع اختطاف الشرعية من الدولة المصرية أن ترجع لرشدها وتلتزم بالقانون ودولة القانون، أنا لا أري معني للدعوة لهذه التظاهرات خاصة وأننا اقتربنا بالفعل من موعد الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة.
أيهما سنختار..؟
بمناسبة قرب موعد الانتخابات الرئاسية.. ما هي رؤيتك في جرأة بعض فلول النظام السابق للترشح.. والإصرار علي الطعن في استبعادهم..؟
المشهد السياسي يقول ان الثورة أطلقت سراح الجميع من كان محظوراً أو مقيداً أو سجيناً يقضي عقوبة وأصبح لديهم حق الترشح لأي منصب وبالتالي أي شخصية في إطار الشعور بالمسؤلية تتقدم لهذا المنصب أمر مشروع وله تبريره وبصرف النظر عن من تم استبعاده في اطار القواعد العامة.. والسياق العام لمناخ الحرية والديمقراطية أن لا أحد يقصي أحدا فهذه قاعدة عامة وإذا كان هناك مجال للمحاسبة السياسية والبحث عن من أفسد وتحمل مسؤوليته.. ولا أتصور أن مصر بقدرها القانوني ومكانتها في العالم يمكن أن تمارس أية أساليب همجية كما حدث في بعض الدول ويؤسفني أنني سمعت بعض التعبيرات التي ما كنت أتمني أن أسمعها من رجل قانون ومن داخل البرلمان حينما ضرب مثلاً بما فعله الليبيون بالقذافي وقال إننا كان لابد أن نقتلهم..! لقد أفزعني ذلك فعلاً لأن هذه الشعوب التي مارست الهمجية مدانة علي مستوي العالم باعتبارها جريمة حرب.. ومصر أكبر من ذلك.. ففي ثورة يوليو عندما حاسبت كان ذلك بقانون الغدر ومن خلال محاكمات فيها عنصر قضائي وعنصر عسكري وهي محاكمات مسجلة للتاريخ لمن يريد ان يقرأ ومن يعود إلي أضابير المحاكم يعرف كيف واجهت ثورة يوليو بشكل قانوني فكرة أن هناك فسادا سياسيا وأن هناك جريمة اسمها الغدر الاقتصادي وجريمة اسمها استغلال نفوذ وذلك عبر وقائع وأدلة وشهود إلي أن أصبح الأمر محل إدانة والإدانة شملت فيما شملت بعض الوقائع التي تحال إلي المحاكمات الجنائية والبعض الآخر كان فيه شكل من أشكال العقوبات السياسية ومنها قضية العزل، إذن الإطار القانوني لدولة القانون وسيادة القانون هي العاصم من الوقوع في الفخ الذي وقع فيه البعض ولا نتمني لمصر أن تعيشه لانه إما دولة القانون وإما دولة الفوضي والهمجية فأيهما سنختار..؟
العداله الانتقالية
وماذا عن قانون مباشرة الحياة السياسية الذي أقره مجلس الشعب مؤخراً..؟
أنا لن أعلق علي القانون ولكني سأتحدث في الإطار العام الذي يوجد فيه تقنين للمحاسبة السياسية من خلال قواعد دولية وضعتها الأمم المتحدة في برنامج العدالة الانتقالية والتي يتم الحكم بها في مراحل الانتقالات الكبري في حياة الشعوب وهذه العدالة الانتقالية تم تطبيقها في جنوب افريقيا ضد التمييز العنصري وفي شيلي وفي أوروبا الشرقية عبر الثورات التي حدثت هناك.. إذن يوجد تراث إنساني تم تقنينه في قواعد قانونية ولا أتمني لمصر في يوم من الأيام أن يأخذ عليها أحد أنها لم تكن دولة القانون وهي أول من اخترع القانون وأول من حكم الدنيا بقواعد المعبد من أكثر من 7000 سنة.. الفكرة أن كل ثورة لها الحق في المحاسبات السياسية ولكن دولة القانون هي التي تملي ارادتها.
هناك من يري أن مثل هذه القوانين يتم تفصيلها علي أشخاص بعينهم..؟
أنا لا أريد أن أدخل في جوهر هذا االقانون لأن من واجبي ان أحتفظ برأي وحجيتي كما يفرض عليَ موقعي الوظيفي ولا أريد التحدث عن قوانين بعينها ولكن عن مسلك قانوني يجب أن يسود هذه المرحلة الحرجة التي تحياها مصر لأنه دائما ما يكون الرجوع إلي القواعد القانونية الأساسية الأصلية هو أساس دولة القانون.
نحن نحترم الحيدة.. ولكن نريد أن نفهم..!
ما أستطيع قوله ان مصر في مرحلة انتقال كبري يجب أن نحترم فيها قواعد العدالة الانتقالية كما قررتها الأمم المتحدة ومصر ضمن الدول التي أقامت هذه القواعد فحين تجري المحاسبة السياسية أو إعادة البناء أو التطهير عليها أن تلتزم بهذه القواعد لأن قدر مصر في العالم لا يحتمل أن تحسب من الدول التي لا تحترم قواعد القانون الدولي.
والقانون المصري الذي تطبقه مصر.. والقوانين التي تم تفصيلها في عهد النظام السابق.. ماذا عنها..؟
القانون جزء لا يتجزأ من ضمير مصر القانوني وأنا لا أتحدث عن الفترة السابقة والذي أتحدث عنه الآن اننا في فترة اجراء التشريع وهذا مسار نحتاج فيه إلي مراجعة كل المنظومة القانونية في مصر في اطار تحقيق أهداف ثورة 25 يناير وفي مقدمتها العدالة الاجتماعية تلك القضية المنسية والموضوعة بالأدراج والتي لم تناقش حتي الان من كل الأطراف السياسية ويتم تأجيلها لأن البعض يتصور أن هذه الثورة عنوانها الحريات السياسية وأن كل واحد يطلع يقول ما يريده ويقوم بتكوين أحزاب سياسية كما يريد..!
المشروع النهضوي
وماذا عن الانتخابات.. بمعني هل نزاهة الانتخابات تعد معياراً ومؤشراً لتحقيق الديموقراطية..؟
الانتخابات ليست هي الديمقراطية فتجربة مصر الذاتية تقول ان الحريات السياسية وحدها ليست هي عنوان السلامة الوطنية بدليل أن ثورة 1919 والحريات الليبرالية لم تمنح الشعب المصري السلامة الوطنية فقامت ثورة يوليو 1952وكان عنوانها الرئيسي "اعادة توزيع الثروة والسلطة والعدالة الاجتماعية" وحين كان هناك شكل من أشكال التضييق علي الحريات السياسية كانت الثغرة التي دخلت منها كل القوي المعادية لثورة يوليو من أجل وأدها ووقفها عن استكمال مشروعها.. الآن الشعب المصري يستكمل ثورته التاريخية التي عنوانها الحرية السياسية والحقوق الاجتماعية ولا أحد يساومني علي هذا وذاك، هذا هو الدرس التاريخي الذي يجب أن تعيشه مصر لهذا أي إرجاء للحديث عن كيفية اعادة ترتيب الثروة والسلطة في البلاد بما يحقق السلامة الوطنية والعدالة الاجتماعية هو إفشال لثورة 25 يناير حتي لو كان لدينا أحزاب ولدينا انتخابات حرة نزيهة ولدينا تداول سلطة للاعبين السياسيين هذا هو ما أراه.. نحن نحتاج أن نكون أكثر مصداقية مع هذه الثورة التي تعرضت لانتهاك حرمة الأهداف من خلال عدم الإيمان بأنها ثورة اجتماعية في المقام الأول وأن عنوانها هو العدالة الاجتماعية.. وكرامة الإنسان التي تبدأ بعدالته الاجتماعية والتي تحميه من الدوران حول نفسه من أجل توفير قوت ابنائه أو تعليمهم أو علاجهم أو البحث لهم عن سكن يأويهم ففي هذه الثورة كان هناك شكل من أشكال الحصار لأهدافها الحقيقية بدليل أننا نري من يشعل النيران حولنا من أجل مشروعه الذاتي رغم أن هذه الثورة أطلقت سراحهم بعد أن كانوا خارج الشرعية وهم الآن يقدمون مشروعهم الخاص علي حساب المشروع النهضوي لمصر ولذلك نري كل تلك الصراعات السياسية الخطرة علي المجتمع المصري
الفكر المتشدد
وما هو هذا المشروع الخاص كما تريه..؟
المشروع الخاص يحتوي عندهم علي دولة بديلة للدولة الوطنية وانحراف عن المسار العام لمصر كي لا يصبح الأمر تراكما تاريخيا، نحن بنينا الدولة المصرية عبر تراكم تاريخي مهم جدا فمثلا حين يأتي أحد ينحرف بدور الأزهر ويحاول أن يسكنه الفكر الديني المتشدد بديلاً عن الوسطية التاريخية لمصر فهذا انحراف بالدولة المصرية وحينما يأتي من يحاول أن يلغي دور المحكمة الدستورية العليا بعد 40 عاماً من عملها ونشأتها أو يحاول الإقلال من دور مجلس الدولة الذي يعمل منذ 70 عاماً بما أثمر عنه إطار تحصين الدولة الوطنية القانونية بهذا الجهد العميق لأجيال متتالية في بناء المشروعية وبناء الرقابة الدستورية فهذا انتهاك لحرمة الدولة الوطنية المصرية وحين يأتي من يزرع الأسافين بين الشعب المصري والجيش المصري لأول مرة في تاريخ الدولة المصرية ليصبح هناك من يهتف ضد الجيش المصري في شوارع وميادين مصر حتي لو كان مختلفا مع المجلس العسكري للقوات المسلحة في إدارة المرحلة الانتقالية وأنا أول المختلفين لكن الوصول لمرحلة القطيعة فهذا مساس بالعلاقة التاريخية بين الشعب والجيش المصري اعتمادا علي الاختلاف حول المرحلة الانتقالية، نعم نحن شركاء في الوطن ولكن لا يجوز أن نقع في فخ خدمة أعداء هذا الوطن لأن الجيش جزء لا يتجزأ من أدوات الدولة الوطنية المصرية منذ أيام مينا .
معني ذلك أنك ضد من يهتف في الميدان بسقوط العسكر مهما كانت التبريرات التي تفرق بين الجيش والمجلس العسكري..؟!
نعم أنا ضد كل هذه الشعارات إنها شعارات فاسدة انتصر فيه البعض للمكتوب في الكتب والبعض الآخر أخذه الغضب من مسار العملية الانتقالية والاخطاء التي ارتكبها المجلس ليحدث شرخا لأول مرة في التاريخ ما بين الجيش والوجدان الشعبي فالطفل الذي سيستمع لفكرة اسقاط العسكر في الشارع سيكون بالنسبه له جزءا من وجدان يتشكل.. هناك خلاف مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة وأنا أول المختلفين معه كما قلت كثيراً والأعلي صوتاً لكني في النهاية لم أقع في هذا الفخ فليس هناك شئ اسمه ليسوا واحدا أو الفصل بين الاثنين إلا إذا كنا جادين في شق الجيش المصري وإحداث انقسام داخلي فيه تمهيداً لأن يقتتل أطرافه كما يحدث في سوريا وكما حدث في ليبيا وهذا كله يصب في دائرة المخاطرة علي الأمن القومي المصري ونهدي لاعداء الوطن مالم يكونوا يحلموا به.
أغلبيه الثوار يرون ان العسكري في موقع السلطة ومن حقهم أن ينتقدوه خاصة وأن لديهم انطباعا بأن المجلس لن يترك السلطة..!
أنا لست ضد انتقاده أو الاختلاف معه وأنا شخصياً مختلفة معه منذ اللحظة الأولي ومازلت، لكن هناك فرقا بين امتلاك الوعي بما لا يسمح لي بانتهاك قواعد الأمن القومي المصري في الداخل والخارج.. أما الظن بأن المجلس العسكري لن يترك السلطة فهذا وهم وجزء من "الاسفين" الذي تم دقه عمداً لأن الإعلان الدستوري الأول ذكر أننا في مرحلة انتقالية من أجل تسليم السلطة إلي سلطة مدنية.
لكن ما جاء في الإعلان الدستوري أن تسليم السلطة سيتم خلال ستة أشهر..!
الامتداد الذي حدث بعد الستة أشهر بسبب خطأ المسار الذي سرنا فيه بإجراء الانتخابات أولاً قبل وضع الدستور وجميع القوي الديمقراطية هي التي طالبت بمدة أطول لترتيب أوضاعها وتكوين الأحزاب والتجهيز للانتخابات وفتح مسام الوطن، ودول العالم المختلفة خلال مراحلها الانتقالية لم تجر انتخابات عامة قبل عامين أو ثلاثة أعوام علي الأقل ولم يحدث هذا إلا في مصر وبالتالي كان الرأي الذي تبنته القوي الديموقراطية والوطنية هو الإسراع بالانتخابات وإعادة إنتاج القوي القديمة الأكثر تنظيماً وقدرة مادية ولم يتح لقوي الثورة أن تنظم نفسها وأن تقوم بتغيير في البنية السياسية لمصر بما يسمح بأن تأتي الانتخابات البرلمانية معبرة عن فكرة كل أطياف الشعب المصري ولهذا نحن نجني حصاد مسار منحرف وخاطئ منذ اللحظة الأولي ومازلنا نجني حصاده من مصاعب جديدة ومستمرة.
تصحيح المسار
قلت إننا مازلنا وسنظل نجني صعاب المسار الخاطئ والمنحرف من اللحظة الأولي.. أليس هناك طريقة للخروج إلي المسار الصحيح بدلاً من البكاء علي اللبن السكوب..؟
نعم جميعنا علي قدم وساق نحاول أن نعالج الأخطاء الناجمة عن هذا المسار الصعب بما يحقق الوصول إلي الحد الأدني من المطالب الوطنية. أولاً عن طريق تشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور يرضي الله والوطن ويرضي القواعد الدستورية القويمة ويحقق المساواة ويعكس كل أطياف المجتمع فلا يحاججنا أحد بالغلبة أو الأغلبيات والأقليات فهذا ليس مساراً دستورياً لأن الدساتير لا تكتب بالغلبة ولا تكتبها الأغلبيات وإلا كان ذلك عنوانا لثورة جديدة.. وثانياً أن يكتب الدستور من خلال حوار وطني حقيقي يتفاعل فيه الشعب المصري بكل أطيافه ليعبروا فيه عن حلمهم المشترك في الفترة القادمة.. وثالثاً أن تجري انتخابات الرئاسة في موعدها وبشفافية واحترام للإرادة الشعبية وليأتي من يأتي علي دستور منضبط.
وإذا لم يسعفنا الوقت لوضع دستور جديد.. كيف يمكن أن ينتخب الرئيس علي إعلان دستوري يؤكد علي السلطة المطلقة »المادة 56« !
هذا غير صحيح، فصلاحيات الرئيس تنفيذية وسيادية، الصلاحيات التنفيذية يمكن أن تستمر في اطار التفويض مع الوزراء بحيث يكون هناك شكل من أشكال توزيع الاختصاصات والسلطات، أما بالنسبة للاختصاصات السيادية فيجب أن تستمر في يد الرئيس وهي موجودة في القوانين واللوائح.
ولكن يجب أولاً أن يحدد الدستور هل سيكون النظام رئاسيا أم برلمانيا..؟!
اللذين قاوموا ذلك في البداية وبعنف هم جماعة الاخوان التي رفضت رفضاً باتاً أن يكون الدستور أولاً، وأصرت علي الانتخابات قبل الدستور لمجرد أنها تمارس الغلبة السياسية.
الكثيرون يتحدثون عن الصفقة التي تمت بين الإخوان والمجلس العسكري لإجراء الانتخابات أولاً..!
ليست صفقة، كان التهديد بالمليونيات والحديث الدائم عن الإرادة الشعبية التي تنتهك وقد عشنا هذه المرحلة وحاولنا أن نبني الوفاق الوطني والقومي عشرات المرات وكانت تفسد بلاعبين سياسيين من أجل استمرار ممارسة هذه الغلبة السياسية، ونحن الآن في مرحلة تستحق أن نعلي فيها المصلحة الوطنية المشتركة وبالتالي علي كل منا أن يمارس النقد الذاتي ونعرف أين أخطأنا وأين كنا علي صواب، فهل لدينا الشجاعة والشفافية والاستعداد لأن نمارس النقد الذاتي ونقول ان المجلس الأعلي للقوات المسلحة أخطأ في كذا وكذا.. وأن التيارات الديموقراطية أخطأت في كذا وكذا.. وأن التيارات الدينية أخطأت في كذا وكذا.. وأننا كنا نتصور أن يكون المسار أكثر وضوحاً.. هل لدينا هذه الجرأة والشجاعة..؟ إنني أري أن الجميع يتشبث بأن مساره كان سليماً وهذه الممارسات أعتقد أن فيها المسؤولية المتبادلة وبالتالي فالمسؤولية الوطنية تستلزم أن نبحث عن استكمال المسار بأقل خسائر ممكنة.
هناك من يري أن تتم تأجيل انتخابات الرئاسة حتي يتم وضع دستور جديد ويرفضون الانتخاب في وجود الإعلان الدستوري..؟!
أري أن تتم حتي لو لم نتمكن من وضع الدستور، ولنستدعي دستور 71 الأصلي ونضيف إليه بعض التعديلات التي تم الاستفتاء عليها فنتيجة الاستفتاء الإرادة الشعبية في مارس 2011 قامت باحياء هذا الدستور مرة أخري رغم سقوطه بقيام ثورة 25 يناير، فأنا لا أتمني أن ينتخب الرئيس في ظل وثيقة مبتورة وهي التعديلات الدستورية، وفي خلال مدة لا تزيد عن سنة نكون وضعنا الدستور الجديد.
المجلس العسكري ألم يكن يعلم بذلك وقد طالبت القوي السياسية بوضع الدستور أولاً منذ مارس من العام الماضي..؟!
ربما الذين اختاروا هذا المسار الإخوان والسلفيون كانوا يعتقدون أنهم سوف يقومون بإعداد الدستور وقادرون علي انجازه خلال شهر كما يقولون، وفي حوار سابق وحينما كان يجري الاستعداد لتكوين المجلس الاستشاري وبحضور كل القوي السياسية وأعضاء المجلس العسكري توجهت بسؤال لسيادة المشير وقلت "من أين لنا بهذا اليقين بأنه في 30 يونيو سوف نكون أنجزنا كل مهمات المرحلة الانتقالية إذا كنا لم نتفق علي شئ فيما يتعلق بالجمعية التأسيسة ومبادئ الدستور؟" وكنا وقتها نسعي جاهدين عبر مسارات متعددة بعضها يتعلق بالوفاق الوطني والقومي ووثيقة د. علي السلمي والوثيقة التوافقية ووثيقة الأزهر لكن كل المسارات هزمت عمداً حتي لانصل إلي توافق.
قلت "هزمت عمداً".. من كان المسؤول عن عدم الوصول إلي توافق..؟!
كانت هناك محاولة جدية من بعض القوي لممارسة الغلبة السياسية في غير موقعها وأنا خلال هذا الاجتماع وأقولها لأول مرة قلت مالم نتوافق عليه بالأمس سيكون مشكلة الغد..! وقد حدث وأضعنا الوقت في بناء جمعية تأسيسية ثم هدمها بحكم قضائي وبناء أخري..! كل ما أرجوه أن تكون القوي السياسية قد تعلمت الدرس الآن وأدركت فعلاً أنه يجب إنتاج وبناء جمعية تأسيسة توافقية تشتمل علي كل أطياف المجتمع بدون الغلبة السياسية، لقد كان لدينا عقبات والعقبات الأخطر هي التي تحدث عنها المشير في الاجتماع الأخير أنه كيف لنا أن ننتخب رئيساً لمصر بدون دستور، وقلت رأيي السابق لأنه السبيل الوحيد للخروج من هذه المخاطرة والأزمة باستدعاء دستور 71 الأصلي مع تقييد صلاحيات رئيس الجمهورية مع منحه الصلاحيات السيادية أما الصلاحيات التنفيذية فتبقي في يد الوزراء، فالذين طالبوا وبإلحاح أن يقولوا نعم في استفتاء التعديلاات الدستورية مارس 2011 "77٪" من الشعب المصري أحيوا دستور 71 مرة أخري.
وهل ستوافق القوي السياسية مجتمعة علي ذلك..؟
لا أدري.. فمن واجبي أن أقدم الحلول وأطرح الأفكار ولست مسؤولة عن قرارات الآخرين.. فبدون دستور سنكون في مخاطرة.. فكيف يحكم رئيس وهو مقيد الصلاحيات وحتي مجلس الشعب لا يملك سلطة سحب الثقة من الحكومة.
وصلاحيات البرلمان المقيدة الآن طبقاً للإعلان الدستوري الذي يعطي الحق للمجلس العسكري رفض أي قانون بلا مناقشة..!
الذين ارتضوا بذلك هم القوي التي طالبت بالانتخابات أولاً قبل الدستور "الإخوان" وقد حاولت القوي السياسية الأخري أن تنبه لخطورة هذا المسار علي كل السلطات ولكن كان هناك هوي سياسي أرهق الوطن في المرحلة الانتقالية واختار لنا الاختيار الأصعب وسار بنا في طريق مليء بالمطبات وآخر هذه المطبات أن نكون في مواجهة انتخاب رئيس دون إنجاز دستور جديد.
معالم الطريق
ما حدث رغم خطورته قد حدث.. ماهي مشاهداتك للمستقبل.. المليونيات والقوي الضاغطة..؟!
سأقول لكما بصدق، وأنا لا أحد يزايد عليَ في ارتباطي بالثورة، لا أري جدوي للمليونيات في هذه الفترة لأن هذه المرحلة يجب أن تقوم علي الحوار الهادئ الرشيد من كل الأطراف لتبني الاختيار الذي يحقق المصلحة للوطن وبالتالي فالمليونيات هي مجرد تعبير عن الرأي لكن لا بديل عن الحوار الهادئ المسئول المنضبط القادر علي الإنجاز وتحديد معالم الطريق لأن الشعب أرهق وزاد من إرهاقه المطالب الفئوية في الشوارع والميادين وإذا كانت المسألة محاجاة بقدرة الميدان علي الحشد المليوني فأنا أعتقد أن الميدان الآن لم يعد عنواناً لوحدة الموقف.. فلا أحد يستطيع أن يقول أن الموجودين في الميدان هم من يمثلون الشعب المصري سواء كانوا من الاخوان أو غير الاخوان فالشعب المصري الذي خرج منه 20 مليونا في ثورة 25 يناير لم يفوض أحدا للتحدث باسمه لأن هناك مليونيات تخرج من ميادين أخري، ونحن لا نريد تقسيم الشعب المصري إلي ميادين، ولا أحد يحاجي الآخر بمليونية، يجب أن نحاجي بعضنا البعض بما يسمي المصلحة الوطنية العليا والاختيار الذي يتيح لنا الانتقال السلمي الدقيق لمرحلة أخري من مراحل هذه الثورة .
تم تكوين المجلس الاستشاري من مجموعة من القوي الوطنية والشخصيات العامة المعبرة عن مطالب الثورة وأنت أحد أعضائه.. لكن كما نري لم يؤخذ برأيه..؟!
لقد تم إفشال المجلس الاستشاري قبل أن يبدأ أعماله..! الحقيقة المرة أن هناك قوي استهدفت المجلس منذ لحظة إنشائه، ربما لو كانت هذه القوي اعتبرت أن المجلس هو البوتقة التي يمكن أن يتحاوروا فيها فيرفعون إليه ما توافقوا عليه لكان الأمر تغير.. ولكن استكمال لعبة تقسيم الأدوار والعبث بكل الأدوات كان حقيقة هذه المرحلة وللأسف الذي دفع الثمن هو الوطن لأنه في الحقيقة لا أستطيع أن أنفي أنه كان هناك محاولة جديدة لإفشال أي حالة من بناء التوافق الوطني لأن البعض لايري إلا ما يراه..!
القوي والحركات السياسية مختلفة في الآراء وليست الأغلبية فقط.. فكيف يمكن بناء التوافق الوطني للخروج من هذه الأزمة..؟!
لنقل كلمة ونحمَل أنفسنا مسئوليتها.. أنا أعتقد أن كل القوي الوطنية بلا استثناء وبكل تياراتها السياسية فشلت حتي الآن في إحداث المجري الرئيسي للحركة الوطنية القادرة علي استلهام قدرة الشعب المصري في لحظة فارقة في التاريخ علي أن يخلق مجري رئيسيا محددا يثبت فيه الجميع أنهم وإن اختلفوا معاً فهم علي وفاق، واستمر الوضع هلاميا..! فلا أستطيع أن أقول ان هناك احتشادا منظما واعا يمتلك وثيقته الفكرية ومهامه المرحلية في اطار قوي وطنية ديموقراطية.. هذا جزء من الفشل في إدارة المرحلة لهذا علينا أن ندير نقدا ذاتيا واسعا لكل الأطراف فليس التيار الديني فقط هو الذي مارس هذا الدور فالقوي الأخري أيضاً لم تر إلا ما تحت أقدامها وتعاملت في بعض الأحيان وكأن مبارك والحزب الوطني لم يغادرا المشهد وأنها تبحث عن حزب وطني يوزع عليها بعض الرضا.
وشباب الثورة الذي خرج وقاد بوتقة الثورة وتم سفك دمائه ووأد حلمه..!!
دعوني أعترف أن الثورة كانت تقتضي منا جهداً أكبر لتفعيل الاحتشاد الوطني في احترام شباب الثورة، هذا الشباب الذي خرج واحتشد وقدم نفسه فداء لبناء مصر الجديدة التي يتحقق فيها حلمه، حلمه الثري والأيقونة الحقيقية لثورة 25 يناير، مالذي يشاهده هذا الشباب الآن.. لقد وجد ثورته إما تحاصر لتصبح مجموعة من الخطوات تجاه الحريات السياسية و"هايدبارك" الميدان الواسع.. وإما وجد ثورته تسرق وتختطف أهدافها والانحراف بها لأهداف ومشاريع أخري، هذا الجيل هو أول من نطالب بالاعتذار الجماعي له.. لماذا..؟ لأننا أوصلناه لمرحلة أصبح فيها الآن يشعر بشكل من أشكال الإحباط.. وخطورة هذا الأمر أنه إحباط غادر ومن ثم فهو قادر علي أن يشعل حريقاً من تحت أقدام الجميع وعلينا أن نحتمله أكثر مما هو عليه الآن حتي لو قسي علينا وتلفظ بألفاظ غير لائقة لأن هذا الجيل يشعر بخطورة شديدة جداً بأنه لم يحقق إنجازاً بعد أن سرقت ثورته، هذه الجيل مسئولية وأمانة في أيدي كل الأجيال التي سبقته وعلينا أن نرحم طموحه ونقاءه واستعداده للبناء ونفكر في كيفية الوصول بالحالة الثورية التي يعيشها إلي مرحلة الإنجاز.. فهو حتي الآن يجيد الهدم ولا يجيد البناء لأنه ليس لديه مشروع للبناء وليس مطلوباً منه أن يفكر في مشروع البناء ويجب علي أهل الخبرة أن تمنحه مشروع البناء الصادق الذي لاينتصر للذات علي حساب الوطن بأكمله.
ما دور النخبة السياسية ..؟
النخبة السياسية فشلت فشلاً ذريعاً لأنها لم تر إلا تحت أقدامها ولم تمتلك معالم الطريق الثوري وليس بالمنهج الانطباعي عن أحداث آنية ويومية ينفعل بها ويصبح رد فعل لها ثم يستدرج لمحاربة الآخرين.. أنا أقول كلاما، وحين يأتي الوقت لكتابة التاريخ سيكتب تاريخ هذه الثورة بشكل مختلف لأنه سيؤرخ لحقائق تخفي عنا الآن..!
غياب المعلومات
اخفاء الحقائق وغياب المعلومات من أسباب تخلف الدول وهو ما يجرنا للحديث عن الطرف الثالث الذي لم يعلن عنه ..؟!!
المجلس العسكري كان بين خيارين، أن يكون موجودا بشكل مؤقت أو أن يقوم بواجبه في تأسيس مجموعة من الإجراءات التي لا تحتمل التأجيل والمجلس اختار الخيار الأول وهو ما سبب له كل الكوارث..!
كيف؟
أنا من المؤمنين بأن الجيش المصري لا يمكن أن يطلق النار علي الشعب المصري وأن هناك طرفا خفيا عمل علي اشعال النيران من حولنا وأعتقد أن هناك معلومات لم تعلن علي الشعب المصري حتي الآن برغم اقتناعي بضرورة أن يكون الأساس هو العلانية والإفصاح عن كل المعلومات.
وهل هذا ينطبق أيضا علي ما حدث في محمد محمود وفي مجلس الوزراء.. وما حدث من سحل للنساء وتعريتهن..؟!
رؤيتي الشخصية تقول ان هناك خلايا نائمة، وأنا اريد أن أعرف من هي تلك الخلايا المسلحة الخفية التي تشعل النيران والحرائق في البلد ومن هو المستفيد من ذلك لأنه في التحليل الجنائي لأي جريمة لابد من البحث عن المستفيد منها.
لو كانت هناك بالفعل شفافية وإفصاح عن معلومات تبين للشعب من هو الطرف الثالث أو الخفي فقد كان من الممكن أن يجنبنا ذلك الصدام الذي حدث بين الجيش والشعب..!
أنا شديدة الثقة في قدرة الشعب المصري علي تقدير الأمور تقديراً سليماً ولقد طالبت بإلحاح عبر اللقاءات المباشرة وطالبت بإعلان الحقائق علي الناس ليعرف الشعب ويقف في ظهر قيادته لأنه في ظل غياب المعلومات سوف يستمر علي هذا التضليل.
لكن الصمت وعدم الإفصاح أدي إلي الاقتناع بأن ما يحدث هو تواطؤ بين المجلس العسكري وبين فلول النظام السابق ..!!
علي من أخفي الحقائق عن الشعب المصري أن يعلم أن ثمن عدم الإفصاح كان فادحاً..!
وهل سنستمر في هذا النفق المظلم كثيرا؟
أنا أعرف أن الشعب المصري قدها وقدود وإن شاء الله سوف نمر بسلام من هذه المرحلة الانتقالية ولكن سوف ندفع ثمن المستقبل وسندفع ثمن الحرية غالياً بل وسندفع ثمن نعم في استفتاء مارس 2011..!
هل سيكون ذلك الثمن بمزيد من الدماء..؟
أتمني ألا أري ذلك وإن كانت بعض الشواهد لا تنبئ بالخير خاصة أن البعض يتحدث عن الحشد والزحف بتعبيرات الجيوش ولا أعلم في مواجهة من ؟! والبعض يتحدث عن أنه سيواجه الجميع بمليونيات استشهادية ولا أعلم أيضا في مواجهة من..! إن الثورة المصرية العظيمة تتعرض لمخاطر جمة تحيط بها وبهذا الشعب العظيم لأن هناك من لا يريدون لمصر أن تكون بلد "الدور" أو البلد الرائد .
هل السبيل للخروج من ذلك يتحقق بانتخاب رئيس لمصر..؟
نعم أري أن الحل السليم يكون باتمام الانتخابات الرئاسية وإدارة باقي المرحلة الانتقالية وأن نحتمل ونحاجي بعضنا البعض وتكون المصلحة الوطنية أكبر من الجميع.. هذا هو الطريق للخروج من النفق المظلم وأن يكتمل بناء المؤسسات ويكتمل الدور الذي يريد كل منا أن يلعبه كشريك في مستقبل هذا الوطن وأن يكون هذا البناء محصنا من الهدم لأننا محاطون بكثير من العوار في الرؤية والتي للأسف ليس عنوانها المصلحة الوطنية العليا وفي كل يوم نحن مهددون بأن ما نبنيه اليوم من الممكن أن يهدم غداً لكن علينا أيضا احتمال ذلك فمصر محاطة بمخاطر حقيقية علي المستوي الاقتصادي والأمني والحدودي ولابد من قراءة المشهد في إطار أوسع.
مخاطر الحدود
لكن الجيش المصري قادر علي حماية حدودنا.. لقد صرح المشير بذلك في أكثر من حديث..!
كان الله في عون الجيش المصري فهو مطالب بحماية الأمن القومي الخارجي والداخلي في آن واحد ومطالب بإدارة العملية السياسية المختلف عليها ومطالب في الوقت نفسه بأن يستمر في البناء الذاتي وحماية قدراته الذاتية في ظل أوضاع نحن نري شواهدها فالذين لوحوا بقطع المعونة العسكرية عن الجيش المصري فهذا يعد تهديداً للأمن القومي المصري، الجيش المصري ليس مطالبا بقرارات إستراتيجية متعلقة بإعادة البناء والتسليح وعدم الاعتماد علي المصدر الوحيد الذي كتب علي مصر بعد اتفاقية كامب ديفيد.. أيضا أليست هناك مخاطر لدي الجيش المصري فيما يحدث في سيناء وهذه الجماعات المجهولة المسلحة تسليحاً ثقيلا ولديها أسلحة مضادة للطائرات ولا نعرف من الذين وراءهم وهؤلاء الذين يسمون أنفسهم سلفيين وجهاديين والذين حاولوا إقامة إمارة من رفح إلي الشيخ زويد ويمارسون أدواراً في قطع أجزاء من جعرافية مصر "سيناء" لتحقيق أهداف ومشاريع لمخططات كبري التي تعتبر سيناء الوطن البديل في محاولة لحل القضية الفلسطينية علي حساب مصر كل هذه المخاطر علي الجناح الشمالي الشرقي بسيناء، أما الجنوب فعليه مخاطر كبري بعد تقسيم السودان إلي شمال وجنوب وأصبحت مخاطر الأمن القومي الاستراتيجي مهددة في منابع النيل وستدفع مصر الثمن علي حدود ليبيا في اطار ما هو مخطط لهذا البلد العربي الغالي الذي يتم تقسيمه الآن جغرافياً وعرقياً .
كل هذه المخاطر تحتاج لوقت طويل لمواجهتها.. وكل الثورات تحتاج لسنوات حتي تستقر الأوضاع.. كيف يمكن احتمال ذلك في ظل البطالة وارتفاع نسبة الفقر وغياب العدالة الاجتماعية..؟!
نعم لهذا أرجو أن تتسع الرؤية الوطنية السياسية لكل أبعاد الموقف، فالموقف ليس موقفاً يحدث في ميدان أو في شارع وليس في خلاف بين سلطة فعلية وقوي سياسية مختلفة، فالشعب المصري لا يحتمل المزيد من الاخفاق الاقتصادي وعلينا أن تكون أعييننا علي الفقراء البسطاء الذين يكدحون من أجل لقمة العيش وإن لم تتحقق العدالة الاجتماعية فهؤلاء هم الذين سوف يقومون بالثورة القادمة.. علينا أن نري كل المخاطر مجتمعة وأن تكون الرؤية شاملة وألا تكون النظرة أحادية بعيدة عن تحقيق المصلحة الوطنية خاصة في تلك اللحظة الحرجة التي يمر بها الوطن.. وبدون هذا نصبح مقصرين في حق مصر وحق أنفسنا.. لكنني متفائلة لأن مصر تاريخياً بلد غير كل البلاد وشعب مصر شعب غير كل الشعوب ومتفائلة لأني قارئة جيدة للذات المصرية وقدرة مصر علي الخروج من اللحظات الحرجة.
تطبيق قواعد تطبيق العدالة الانتقالية تحتاج إلي وقت والشعب المصري لا يستطيع الصبر والدليل مايحدث من وقفات احتجاجية ومطالب فئوية..؟
ما يحدث أن جزءا منه تعبئة وجزءا منه وجيعة اجتماعية لأن المطالب التي نسميها فئوية أنا لا أسميها كذلك أنها مطالب اجتماعية فالذين يتظاهرون من أجل لقمة العيش لهم حقوق قد تكون تلك الحقوق مرهقة لأن اللحظة غير مناسبة للحصول عليها كاملة ولكن من واجبنا أن نوجد لهم مسكنات مثل الحديث عن الحد الأدني والحد الأقصي للأجور وانصاف بعض القطاعات والفئات بايجاد حماية اجتماعية لهم، ومثل الدخول بجسارة علي إنهاء مشكلة العشوائيات بمشروع كبير، فمثلا شعب الصين بني الصين بالكامل في 25 سنة وكنت أتمني أن ينفق أحد المرشحين للرئاسة تلك الملايين التي خصصها للدعاية في تغيير منطقه عشوائية وقتها كنا جميعا سوف نصفق له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.