موت الديمقراطية وبدء حكم العسكر الصارم عام 1954 بدأ مرة أخرى الخميس الماضى مستندًا على قضاء معوج غير نزيه يتخذ قرارات سياسية عسكرية لا أحكامًا قضائية ترعى الضمير وتكون عنوان الحقيقة. حكما المحكمة الدستورية العليا مسيسان وموجهان توجيهًا صارمًا من العسكر الذين بدأوا بحيازة الضبطية القضائية بقرار من وزير العدل الذى لا يتمتع بأى صفة تؤهله لذلك، ثم لم يمض وقت طويل حتى تساقطت الديمقراطية الهشة كما وصفتها صحيفة الإندبندنت البريطانية، كما تتساقط أوراق الخريف. وسرعان ما بدأ المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة يعلن بياناته العسكرية عبر الفضائيات، وهى بيانات لا تصدر من قاضٍ فى مركزه بطبيعة الحال، من عينة أن مجلس الشعب أصبح منحلاً بحكم القانون بمجرد نشر الحكم فى الجريدة الرسمية الذى أرسل لها بالفعل حسب قوله، ولا أظن أن سلطان نسى أنه رفض تطبيق قانون العزل رغم تصديق رئيس المجلس العسكرى عليه ونشره فى الجريدة الرسمية! وتسابق قضاة من المحكمة الدستورية العليا لبث بياناتهم الانقلابية عبر الفضائيات، مستندين على مبادئ غير قانونية بالمرة، فمحكمتهم كما أوضح المستشار طارق البشرى لا تملك سلطة الحل وإنما سلطتها رقابية على مطابقة القوانين للدستور. عدد من القضاة اتخذوا من الحكم الذى كان يجب أن يكون عنوان الحقيقة وسيلة للشماتة وذبح الديمقراطية فوق مذبح الدستور الغائب الذين لا نستطيع تصديق أن هؤلاء حماته ورقباء عليه. الآن أستطيع أن أشد على أيدى من ظلوا يهتفون طوال الشهور الماضية "يسقط يسقط حكم العسكر".. لقد كانوا أبعد نظرًا منا، كنا ننظر تحت أقدام العسكر الذى مثل علينا دور البراءة والحرص على مصر، فيما كانوا يعدون عدتهم لهذا الانقلاب الأبيض الذى قضى تمامًا على ثورة يناير وأعاد نظام مبارك الفاشى. نسى الشباب الثائر القضاء، الذى كان الجواد الذى امتطاه العسكر لتنفيذ مخططهم الانقلابى.. ولو أردنا الإنصاف لكان الهتاف الصائب "يسقط حكم العسكر والقضاء". ماذا بقى لمصر وقد أصبحت نزاهة القضاء على المحك.. من يحميها وقد أصبحنا نشك فى حماة القانون والدستور.. من يمسح دمعة أمهات الشهداء وقد تولى القضاء مهمة تعذيبهم بأحكامهم السياسية المعوجة؟! [email protected]