الصديق وقت الضيق، يقف إلى جانبك، كتفه فى كتفك، لا ينتظر أن تبحث عنه عند الحاجة، بل هو من يبحث عنك، ويمشى فى حاجتك. وما أكثر الأمثلة فى لغتنا العربية وتراثنا الشعبى، التى تفرق بين الصديق الحقيقى والصديق المزيف، منها: صديقك من صدقك، ومنها: إن أخاك الصدق من كان معك.. ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب زمان صدعك.. شتت شمل نفسه ليجمعك وهناك عدد من الناس يظهرون كأنهم أصدقاؤنا، وحين نحتاجهم لا نجدهم، (فص ملح وذاب)، سلوكهم مثل سلوك نجوم السينما، عندما (ينزل) لهم فيلم فى السوق يظهرون، و(يتصوروا)، ويشيرون للجماهير من بعيد، ولا بأس من ابتسامة، ومداعبة طفل صغير، لزوم (الشو) الإعلامى، هم موجودون فى الوقت الذى يحتاجون فيه إلينا، فإذا قُضيت انتشروا فى الأرض وابتغوا من فضل الله، انصرفوا إلى شئونهم، وأموالهم، وأعمالهم، وصمتوا صمت القبور، حتى يشك الشاك: (أأيقاظ هم أم نيام)؟ عندهم حق، فهم نجوم، نجحت الثورة أم فشلت، عاد النظام القديم أم صارت مصر حرة مستقلة، لا مشكلة عندهم، فلكل حال لبوسها، إذا عاد النظام القديم فالخطة القديمة موجودة، وإذا نجح الساسة الجدد، فالمجد للشهداء، والحرية للمصريين، والرحمة لشهداء 25 يناير العظماء. هل حقيقى أن هؤلاء الكبار – أو من قدموا أنفسهم على أنهم كذلك – ليس لهم رأى فيما يجرى فى مصر؟ أم أنهم ينتظرون ما تسفر عنه المعركة فإن كان مرسى، باركوا له وقالوا: كنا معك بقلوبنا، كنا نؤيدك (من تحت لتحت)، ولم نرضَ أن ننحاز إلى خصمك.. وإن كان شفيق فكفاهم عنده أنهم لم يؤيدوا خصمه. أم تراهم لا يريدون أن يخسروا مجدهم عند الفريقين، فى معركة لا تضيف إليهم شيئا؟ ومن لا يريد أن يخسر فى سبيل الحق، فسيخسر نفسه فى النهاية. تبحث عن دعاة أشبعونا صراخا وعويلا، وتفتش عن ساسة أوسعونا نقدا وتحليلا، فلا تجد هؤلاء ولا أولئك، سكتوا حين يجب الكلام، ودخلوا فى بيات شتوى، رغم أننا فى فصل الصيف. إذا كانت المسألة مستوية عندكم، وكان مرسى (أسخم) من شفيق وأضل سبيلا، (نورونا) يا جماعة، ومنكم نستفيد، قد تضيفون إلينا جديدا، وقد تعلمونا ما غاب عنا، وقد تحيطونا بما لم نحط به علمًا، وتأتونا من سبأ بخبر يقين. أما إذا كان داعى السكوت والانعزال هو المحافظة على مصالحكم الشخصية، التى أجدتم الحفاظ عليها من قبل، وأنتم قادرون على الحفاظ عليها فى الوقت الحاضر، وفى المستقبل أيا كانت النتيجة، (فعوضنا على الله فيكم)، لكن بشرط واحد: أن تريحونا فى مستقبل الأيام من طلعتكم البهية، وبرامجكم الخفيفة، وتصريحاتكم الساذجة، وتحليلاتكم السطحية، وانصرفوا معزولين كما اخترتم بمحض إرادتكم، لا نريد أن نرى وجوهكم مرة أخرى، ورب ضارة نافعة. وصدق من قال: جزى الله الشدائد كل خير عرفتُ بها عدوى من صديقى تبحث عن المفكر الإسلامى، والمرشح الرئاسى، والأمين العام السابق للاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، والأب الروحى لحزب الوسط، ورئيس مجلس إدارة جمعية مصر للثقافة والحوار، الأستاذ الدكتور محمد سليم العوا، فلا تجده، يقول البعض: إنه فى بلاد الفرنجة، فى عاصمة الضباب يستجم.. طيب مش مهم أصواتنا، كيف ستصوت أنت يا دكتور من هناك؟ ويقول البعض الآخر: حتى لو كان موجودا لن يختلف الوضع كثيرًا. وتبحث عن الأستاذ عمرو خالد، عن الدكتور عمرو خالد، أين ذهب الرجل، تفتش عنه فلا تعثر عليه، وتلتمسه فلا تراه، صمت دهرا، وحين نطق لم ينطق حكمة ولا عبرا، وأخيرا خرج علينا بنيته فى تأسيس حزب وتيار جديدين. بدافع السياسة يا وكيل المؤسسين، يا صاحب الحزب، يا زعيم التيار، ما رأيك فى انتخابات الإعادة، وجهنا برأيك، (سمعنا صوتك)، أليس من المفروض أن حزبك ستكون له آراؤه السياسية، فأين هى؟ لقد أسمعتَ إن ناديتَ حيا * ولكن لا حياة لمَن تنادى