ليس جديداً ما اكتشفته قوات الاحتلال الأميركي في ملجأ الجادرية من انتهاكات لحقوق الإنسان ومن أساليب التعذيب الوحشية والبشعة ضد أهل السُنة في العراق، بل هو ما غضت عنه الطرف منذ بداية احتلالها بعد أن ضجت الشكاوى والتقارير وخرجت المظاهرات والاعتصامات، تحتج على أساليب مفعمة تفوح بالحقد والكراهية، مارسها أولئك الذين تغلغلوا داخل الأجهزة الأمنية، وتحولت إلى كيانات للقمع والقتل تحركها النعرة الطائفية المقيتة لتصنع منها أداة لتصفية أهل السُنة ممن وقفوا في وجه المحتل. إن ما ظهر على الفضائيات من انتهاكات في ملجأ الجادرية ما هو إلا شيء يسير مما يحدث يومياً في سجون الداخلية والدفاع، وإن إثارة الموضوع لم تولد حالة من الصدمة أو الاستغراب في الشارع العراقي لأن هناك فضائع ارتكبتها وسائل القمع الصولاغية -وما زالت تركتبها- أكبر بكثير مما أعلنته هذه الفضائيات ويتداولها الشارع يومياً، وإن كثيراً من الشكاوى رفعت وكان مصيرها الإهمال. إن الأسلوب الذي تعامل معه صولاغ وشركاؤه مع قضية ملجأ الجادرية تنم عن مدى طغيان هذا السفاح، ونريد أن نسلط الضوء على جزء منها: * صولاغ والفضيحة : 1- أول رد فعل لصولاغ على هذه الفضيحة كان بظهوره في مؤتمر صحفي مع أربع من قادة ألويته، وكان حديثهم عن عملية ديالى التي قُبض فيها على مئات من شباب أهل السنة ورجالهم في حملة عنصرية للتصفية. إن أسلوب جلوس قادة الألوية هؤلاء وأسلوب إدارة صولاغ لها كان على شكل مسرحية تافهة، وهذا المؤتمر كان استعراضاً للقوة أراد منه صولاغ أن يهز عصا القمع التي تمثلها الداخلية في وجه كل من يقف في وجه مشروع الإيرانيين الطائفي، ومن يفضح حملات الاعتقال والاغتيال والتعذيب الوحشي الذي تمارسه ميليشات بدر. 2- تضمن هذا المؤتمر مغالطات كثيرة أدلى بها هؤلاء العسكريون، عندما تكلموا عن معلومات استخبارية حول شخصيات المعتقلين والمعلومات التي توافرت لديهم -حسب زعمهم- بضلوعهم بأعمال عنف، بينما يشير من أطلق سراحه ممن اعتقل في هذه الحملة إلى الأسلوب العشوائي في الاعتقال وعدم وجود أدلة أو شواهد حقيقية، وإنما تم بنعرة طائفية هدفها التنكيل بأهل السُنة. 3- بعد يوم من المؤتمر الصحفي، عقد صولاغ مؤتمراً صحفياً آخر للرد على فضيحة الجادرية، وكان رده فيه من الاستخفاف ما نلخصه بهذه النقاط: - ادعى صولاغ أن الذين عُذبوا كانوا سبعة أشخاص فقط ومن العرب، وفي هذا كذب، لأن المصادر الأميركية التي دخلت للقبو، قالت إن عددا من عذبوا هناك كان 173 شخصاً، وأظهرت الفضائيات ذلك بوضوح، وكانوا عراقيين لا عرباً، لكن صولاغ أبى إلا تزييف الحقيقة. - في سيناريو مفضوح حمل صولاغ جوازات سفر وادعى أنها تعود لهؤلاء المعتقلين العرب!!! وهو أسلوب مضلل متعارف عليه في وسائل الإعلام لتمرير أفكار المرسل في سبيل إحداث إيماء نفسي عند المتلقي، وهنا نسأل: إذا كان هؤلاء عرباً حقاً، وممن تسللوا من سوريا، فلماذا يحملون إذن جوازات سفر؟؟؟ أليس الأولى لهم أن يزوروا وثائق تنسبهم للعراق؟! ثم أليست مسؤولية الداخلية حماية حدود البلد في النقاط الحدودية ومعرفة المجرمين؟ ثم نسأل مرة أخرى: هل من منطق العدل والقانون أن تعذيب العرب بهذا الأسلوب الوحشي، مباح ويعد قصاصا؟! أليس في ذلك إثباتاً لشعوبية المعذبين وحجم الكره والحقد الذي يحملونه للعرب؟؟ لن يملك صولاغ جواباً، وهذه الجوازات من المؤكد أنها تعود للفلسطينيين والعرب المقيمين في العراق، والذين تقوم قوات بدر وميليشيات الداخلية باعتقالهم وقتلهم وتعذيبهم بحجة دعم الإرهاب. - أظهر صولاغ ورقة ادعى أنها تحمل 29 اسماً لضباط سابقين يعملون حاليا في هذا القبو، والورقة كانت ممتلئة والكتابات التي تحويها تحمل أكثر مما يدعي صولاغ، ولم يعط الورقة للصحفيين خوفاً عليهم كما يدعي ، وهذا فجاجة إعلامية لتزييف الحقائق والتلاعب بمشاعر وقناعات لناس. - قلل صولاغ من حجم الانتهاكات وقال بأسلوب غير لائق: (هل وجدتم على هؤلاء المعذبين آثار السكاكين أو تم قطع رؤوسهم؟)، وهو بذلك يهون من أسلوب التعذيب الوحشي الذي عومل به المعتقلون لأنه لم يتم قطع رقابهم، وكأن كل ما دون القتل لا يعتبر تعذيبا . - لم يكلف صولاغ عناء نفسه بالوعد بفتح تحقيق أو الاعتذار حتى، وإنما تصرف كزعيم عصابة يدافع عن جريمته وعصابته. * قائد فيلق بدر .. والفضيحة: خرج هادي العامري قائد فيلق بدر ليعلن أن لا علاقة لمنظمة بدر بالعملية، وأن وزارة الداخلية هي المسئولة لأن ملجأ الجادرية تابع لها، ونسي العامري أن صولاغ وقادة الداخلية والمتنفذين فيها فضلاً عن كوادرها هم من بدر. واعتبر العامري مداهمة القوات الأميركية المحتلة لمعتقل الجادرية هو انتقاص لسيادة العراق، ونتساءل: عن أي سيادة يتكلم العامري القادم على دبابة المحتل؟ ولماذا لم يتكلم العامري عن السيادة حينما قصف ضريح سيدنا علي بن أبي طالب من قبل من حملوه ووضعوه على السلطة؟؟ وأين السيادة والمعسكرات الأميركية تملأ العراق وجنوده يجوبون الشوارع بعجلاتهم العسكرية، والقصر الجمهوري الذي أسس من الخمسينات وصار رمزاً للبلد أصبح سفارة لدولة الاحتلال؟ ليتكلم العامري عن السيادة حين يستطيع دخول المنطقة الخضراء من غير أن يوقفه الجندي الأميركي ويفتشه.. المصدر : العصر