تتكشف يوما بعد آخر الجرائم الوحشية والممارسات التعسفية والانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها قوات الاحتلال الامريكية ضد العراقيين بصورة عامة والمعتقلين على وجه الخصوص منذ احتلالها لهذا البلد الجريح في مارس عام 2003 . فقد كشف معتقلون عراقيون أطلقت قوات الاحتلال الاميركية سراحهم مؤخرا ، النقاب عن انهم أمضوا نحو شهر ، نهاية العام الماضي في معتقل سري جنوب العاصمة بغداد كانت تشرف عليه الاستخبارات الاميركية. واوضحت المصادر الصحفية التي نشرت ذلك ان روايات هؤلاء المعتقلين توافقت مع روايات أخرى لمعتقلين آخرين احتجزوا في سجن آخر في قضاء بلد بمحافظة صلاح الدين خلال الفترة نفسها تقريبا . ونقلت المصادر عن معتقل سابق فضل الاشارة الى اسمه ب(ابو منال) قوله ان عملية نقله الى هذا السجن جاءت بعد اعتقاله العام الماضي مع اربعة آخرين من قبل قوات الاحتلال الاميركية خلال حملة دهم وتفتيش لقريتهم الواقعة جنوب بغداد بتهمة الانتماء الى المجاميع المسلحة . وأضاف : " في البداية نقلنا ونحن معصوبي العيون ومقيدي الايدي ، الى معسكر في منطقة العدوانية او عرب جبور في منزل كبير ، لكنهم حشرونا مع آخرين في مسبح الدار قبل نقلنا بعجلات مدرعة الى معسكر قريب مكثنا فيه عدة ساعات ، بعدها تم توزيعنا على سيارات همفي ثم سلكت تلك السيارات طريقاً يمر بقريتنا حيث تمكنت من الاستدلال عليه عندما انشغل الجندي الامريكي المكلف بمراقبتي في مغازلة زميلته في احدى السيارات الاخرى فوجدت ان اتجاهنا نحو محافظة بابل. واشار الى انهم امضوا اسبوعين في معسكر لقوات الاحتلال الاميركية كان يستخدم قبل ابريل 2003 مقرا لمرسلات التلفزيون العراقي في منطقة تسمى مشروع المسيب وخضعوا هناك لجولات قاسية من التحقيق استخدمت فيها شتى انواع التعذيب النفسي والجسدي .. موضحا ان تلك القوات الهمجية احتجزتم في زنزانات صغيرة بعد ان جردتهم من معظم ملابسهم وفي درجة حرارة منخفضة جدا وكان الجنود يراقبونهم عبر كاميرات نصبت في احدى زوايا الزنزانة لملاحظة تحركاتهم. وقال :" لقد منعونا من النوم طيلة هذه الفترة بل فرضوا علينا الجلوس بطريقة القرفصاء كما كانت هناك عقوبات صارمة بانتظارنا مثل الايهام بالغرق في مياه شبه مجمدة او الضرب المبرح ". ووصف (ابو منال) المعتقل قائلا : أنه عبارة عن قاعة مغلقة مقسمة الى ثلاثة اجزاء يضم الجزء الاوسط منها ادارة السجن والحمامات فيما تنتشر على جانبيه مجموعتين من الزنزانات كل واحدة منها تضم 25 زنزانة انفرادية لا تتسع سوى لشخص واحد، حيث أنها تشبه الصندوق الحديدي وابعادها لا تتجاوز المترين طولا وعرضا وارتفاعا وفيها سرير بعرض 60 سنتمترا يرتفع عن الارض نصف متر ، وان الزنزانة فارغة تماما من اي اثاث حيث يقضي النزيل طيلة فترة وجوده من دون فراش او غطاء تحت درجة برودة تصل الى الصفر . كما روي احمد الشمري (27 عاما ) الذي كان معتقلاً في قاعدة بلد الجوية انواعا اخرى من التعذيب الوحشي من بينها اجبار المعتقل على الصعود في طائرة مروحية وهو معصوب العينين ومقيد اليدين وبعد تحليقها يتم فتح باب الطائرة ويقول له المترجم أدي التشهادة فانت ميت لامحال ، ثم يلقى به الى الارض ليفاجئ بعدها انه قد سقط على قطعة كبيرة من الاسفنج ، ثم يقول له المحقق " في المرة المقبلة لن تكون هناك قطعة الاسفنج ". ومن الطرائف التي رواها الشمري ان الاستخبارات الاميركية كانت تستخدم في التحقيق كلاباً متدربة على الملاكمة لتعذيب المعتقل .. مشيرا الى ان هذه الطريقة تتلخص بوضع المعتقل في زنزانة صغيرة جداً تتسع لجلوس شخص واحد مع كلب ضخم الجثة يقوم بلكم المعتقل بكلتا يديه وبقوة ، وإذا حاول السجين مقاومة الكلب فانه يستخدم معه العض حتى يعود المعتقل الى وضعه الطبيعي في الجلوس وهو ينزف دما ، ومتى تأكد هذا الكلب ان ضحيته استسلم ، ينسحب عائدا الى الباب . وقال أما الطريقة الثالثة فتتمثل بتجريد المعتقل من ملابسه حتى الداخلية منها ووضعه في غرفة من الحديد بدرجة الانجماد ثم يبلغ من قبل المترجم بأنه سيرمى به في نهر وهو مقيد اليدين ومعصوب العينين، وفعلا يلقى به في حوض عميق من الماء لفترة قصيرة بعدها ينتشل منه ويرسل الى التحقيق. وخلص الشمري الى القول ان هناك أساليب وطرق غير أخلاقية تنتهجها قوات الاحتلال الامريكية الغازية مع النساء السجينات اللاتي يرفض التعاون مع تلك القوات الهمجية، من بينها احتجازهن في محاجر منفردة عدة ايام بلا أكل او شرب، ثم تقوم بإجبار احد المعتقلين وهو عار من الملابس تماما لإدخال الطعام الى المرأة السجينة وإجبارها على النظر الى ذلك الرجل العاري وفي حالة امتناعها تتعرض الى عقوبات اشد. وإزاء ما تقدم فان هذه الجرائم الوحشية التي يندى لها جبين الإنسانية ستبقى شاهدة على الممارسات اللاأخلاقية والانتهاكات الصارخة لحقوق شعب عربي مسلم يرزح منذ أكثر من ست سنوات تحت نير احتلال غاشم قادته أكبر دولة في العالم تتشدق بالحرية والديمقراطية وتدعي زورا وبهتانا حمايتها لحقوق الإنسان.