قلل اقتصاديون من جدوى القرار بخفض رسوم عبور السفن لقناة السويس، قائلين إنه لن يترتب عليه زيادة عدد السفن المارة، ولا زيادة الإيرادات، بل في الغالب سيؤدي إلى خسائر أعلى مما هي عليه الآن. وأعلن الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس خلال مؤتمر صحفي، أنه تقرر تطبيق تخفيضات للسفن تصل إلى 50%، إلا أن السفن التي تحمل أقل من 200 حاوية لن تتمتع بهذا التخفيض، مبررًا قرار تخفيض الرسوم بأنه يهدف لجذب السفن للموانئ المصرية. وأوضح مميش أن التخفيضات تصل إلى 10% للسفن التي تحمل من 200 إلى 500 حاوية، و15% للسفن التي تحمل أقل من 1000 حاوية، وتخفيض 20% للسفن التي تحمل أقل من 2000 حاوية، و25% للسفن التي تحمل أقل من 3000 حاوية، و45% للسفن التي تحمل أقل من 3333 حاوية، وتصل التخفيضات إلى 50% للسفن التي تحمل أكثر من 3333 حاوية. الدكتور إبراهيم الشاذلي، أستاذ الاقتصاد بجامعة النهضة، قال ل "المصريون"، إن قرار تخفيض رسوم عبور السفن، لن يترتب عليه زيادة عدد السفن، بل إن العكس هو المتوقع". وأضاف ل"المصريون": "تخفيض الرسوم مع ثبات عدد السفن المارة يقلل حجم الإيرادات التي تحصل عليها مصر"، متابعًا: "بعد افتتاح التفريعة الجديدة تم تحديد أسعار عبور السفن بأعلى من المتفق عليها دوليًا، قبل أن يتم التراجع عنه بسبب عدم تحقيق الإيرادات المتوقعة، وكل هذا له نتائج سلبية عديدة". وأوضح، أن "زيادة عدد السفن لن يكون إلا عن طريق زيادة التجارة الدولية وتنشيطها، وتهيئة المناخ لجذب استثمارات جديدة وتشجيع المستثمرين على ذلك، وأيضًا عن طريق تحقيق المصالحة السياسية والاستقرار الأمني". وأشار إلى أن "الدولة عليها أن تقوم بتنشيط الموانئ الساحلية؛ لأنها لم تستغلها الاستغلال الأمثل حتى الآن"، لافتًا إلى أنها "ستساعد بجانب العوامل السابقة على زيادة عدد السفن المارة". وتابع: "الأموال التي تم إنفاقها على قناة السويس لم تحقق فوائد تذكر، إذ هناك مسائل أخرى لابد من الانتباه إليها؛ لأنها تؤثر على حركة الملاحة الدولية، ومنها أن قناة الحرير الصينية والتي تستغل لنقل البضائع من الصين لأوروبا تم تشغيلها بالفعل، كما أن الصادرات لأوروبا يتم تفريغها في موانئ البحر الأحمر ويتم نقلها بريًا بعد ذلك، وهذا سيكون له تأثيره المباشر على القناة". فيما قال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن "قرار خفض الرسوم جاء بعد فوات الأوان ومتأخرًا، والدولة عليها أن تبذل مجهودًا عظيمًا لإقناع الشركات التي هربت وتعاقدت مع موانئ أخرى، وأيضًا يجب أن تقدم لهم حوافز كثيرة". وأضاف ل"المصريون": "نتيجة عدم خفض أسعار المرور من قبل، دفع شركات شحن دولية كثيرة إلى ترك العمل في القناة، وهذا سيؤدي إلى أن السفن العملاقة التي تتعامل مع تلك الشركات ستغير وجهتها لحيث تتجه تلك الشركات، ومن الصعوبة استعادتها مرة أخرى، ذلك أنها تتعاقد لسنوات وليس شهورًا أو سنة واحدة". ولفت إلى أن "الشركات المحلية لن تستطيع منافسة تلك الشركات، ولن تؤدي بأي حال من الأحوال الخدمة على الوجه التي كانت تقدمه الشركات الأجنبية؛ إذ إنها لا تمتلك نفس إمكانياتها وقدراتها". وقال إن "عدم زيادة السفن المارة سيؤدي إلى خسائر أعلى ومشكلات أكبر، والدليل على ذلك هو إعلان الإيرادات بالجنيه المصري وليس الدولار، وهذا يؤكد أن هناك خسائر بالفعل". يأتي ذلك فيما تشير تقارير اقتصادية إلى انخفاض متحصلات رسوم المرور بالقناة بنسبة 4.2% خلال فترة التسعة أشهر الأولى من العام المالي 2016-2017، وذلك من يونيو 2016 إلى مارس 2017، بحسب تقرير للبنك المركزي. وأوضح البنك، في تقرير حول ميزان المدفوعات، أن إيرادات القناة انخفضت إلى 3.72 مليار دولار مقارنة بنحو 3.88 مليار دولار بالفترة المماثلة من العام السابق. وأرجع سبب الانخفاض إلى تراجع الحمولة الصافية للسفن العابرة بمعدل 1.7%، فضلاً عن انخفاض متوسط قيمة وحدة حقوق السحب الخاصة أمام الدولار الأمريكي بمعدل 1.6%. كما انخفضت إيرادات القناة من أول يناير وحتى مايو الماضي بنسبة 0.4%، لتسجل 2.064 مليار دولار مقابل 2.071 مليار خلال نفس الفترة من العام الماضي. وبحسب الإحصاءات الرسمية، سجلت إيرادات قناة السويس في مايو، أعلى مستوى شهري خلال التسعة أشهر الأخيرة. وفى عام 2016 بأكمله، تراجعت إيرادات القناة من 3.3% إلى 5.005 مليار دولار، مقابل 5.175 مليار فى 2015، وتتوقع هيئة قناة السويس ارتفاع الإيرادات من مرور السفن إلى 13.2 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2023.