لا أستطيع أن أتحدث عن كرة القدم ورحيل جوزيه الأهلى أو استقالة شحاتة الزمالك، ومصر تعيش منذ صباح أمس الأربعاء حالة مخاض سياسى هى الأولى وربما تكون الأخيرة من نوعها فى التاريخ، من الصعوبة بمكان تجاهلها وإن كنت بالطبع ألتزم حالة الصمت الانتخابى الإجبارى التى نعيشها والممتدة حتى نهاية اليوم الخميس. كنت أتجول فى مدينة الإسماعيلية لأنعم قليلاً بهدوء أفتقده كثيرا، ثم فجأة أشرت لسيارة تاكسى لأعود بها من حيث بدأت، توقفت السيارة وما إن اتخذت مكانى بجوار السائق حتى تطلع إلى وجهى مليًا ثم سألنى مستفسرًا البيه شوفته فين قبل كدا نظرت إلى السائق وأجبته منهيًا الكلام وباقتضاب "أنا من القاهرة"، بدأ السير وهو يهز رأسه متعجبًا قائلاً أنت مصراوى يعنى هززت رأسى موافقًا فأكمل وعلى كدا يا بيه هاتنتخب مين فنظرت إليه وقد اختمرت فى رأسى فكرة عجيبة سرعان ما ترجمتها شفتاى فأجبته متعمدا استفزازه طبعًا الفريق شفيق التفت إلىَّ مُنتفضًا كمن لدغه عقرب قائلا باستنكار: قصدك الراجل البونبونى، أجبته بهدوء لا الفريق شفيق إنت ما تعرفوش، تنهد بغيظ يعبر عما يعتمل بداخله ثم علا صوته طبعاً عارفه مش برضه دا بتاع موقعة الجمل، أجبته: هو بعينه.. رد قائلا وبعصبية: تعرف يا عم إنت لاحظوا تغير اللهجة أحمد شفيق إللى بتتكلم عليه دا أكتر واحد ضحك على الشعب الغبى دا، قولتله إزاى ( طبعا أنا غبى) رد قائلا: أول يوم مسك فيه الوزارة يوم 28 يناير قال فى الإعلام: كله يقدم على وظائف عشان تعيين الشباب قدمنا كلنا وبعتنا طلبات بفلوس دخلت خزنة الدولة وفى الآخر طلع وهم كبير، قال برضه: كله يقدم على شقق جرينا قدمنا وطلعت كدبة كبيرة لا فيه شقق ولا أراضى، قال إن فيه حد أدنى 1200 جنيه واستنينا الحد الأدنى طلع بيهجص علينا، أنا مستغرب الشعب الغبى دا إزاى عايز ينتخبه وهو اللى ضحك علينا وجربناه فى أسبوعين بس مش أربع سنين وكان هدفه ينيمنا ويسجِّدنَا لحد ما فلوس مبارك كلها تطلع بره، ثم ضرب بيده على مقود السيارة بقوة تنم عن غضب شديد قائلا دا غير موقعة الجمل اللى اتقتل فيها شباب مصر ( الجدعان ) لحظتها شعرت بالغريزة أن الأمور لن تمر مرور الكرام فحاولت أن أهدئ من روع الرجل وأوضح له أننى ضد شفيق، إلا أنه أكمل بثورة قائلا وبعدين يقولك إنه حارب وقتل واتقتل طيب أبويا وأبوك وجدى وجدك الرجالة اللى حاربت بجد مش الهجاصين ( الفافى ) واللى عبرت وحررت البلد دول يبقوا إيه، حاولت أن أستوقفه بيدى لأوضح له أن والدى أحد أبطال حرب أكتوبر وليس من الهجاصين (الفافى)، إلا أنه لم يعطنى فرصة للكلام واستطرد وقد ملأ وجهى برذاذ فمه، إزاى الناس الغبية دى ( اللى هيه أنا ) تآمن له يبقى رئيس علينا طيب قولى هو ليه ما نزلش الإسماعيلية ولا بورسعيد ولا السويس، ولم يعطنى الفرصة فأجاب نيابة عنى لأنه جبان مايقدرش ينزل بلاد الأحرار البواسل، ثم مرة واحدة أوقف سيارته ونظر لى صارخًا اتفضل يا أفندى انزل من العربية هنا نهاية الخط قولتله تقصد إيه أجاب قائلا وهو يترجل من السيارة ممسكًا بكوريك حديد متجهًا ناحية الباب الذى أجلس بجواره .. العربية الطاهرة دى مايركبش فيها فلول وتلاقيك أهلاوى كمان.