علق الكاتب الصحفى محمود خليل على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتحرير أراضى الدولة التى تم الاستيلاء عليها من قبل رجال أعمال وقيادات ومسئولين سابقين ورجال أعمال ورجال إعلام او حتى فقراء، لافتا الى انه على الرئيس الان يواجه هذه التحديات لسببين. وأضاف "خليل" فى مقاله ب"الوطن": أولهما أن الدولة تمر بظرف اقتصادى استثنائى وتعانى من أزمة طاحنة على هذا المستوى، وبالتالى فهى بحاجة إلى التفتيش فى دفاترها لتسترد كل ما تستطيع استرداده، وثانيهما أن الاختبار الحقيقى لأداء السلطة يتحدد فى قدرتها على خوض هذه المواجهة وفرض القانون على الجميع، وإلا فهم الناس من الأمر أن الدولة لا تجيد الاستئساد إلا على الصغار. وإلى نص المقال:- خلال افتتاحه عدداً من المشروعات القومية بدمياط ألمح الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى وجود تهديدات وصلت إليه شخصياً بعد توجيهه بسحب أراضى الدولة المستولى عليها، وقال الرئيس: «فيه ناس معتدين على أراضى الدولة بتقول إنها هتاخد حقها منى وأنا بقول لهم مفيش حد فوق القانون، ومنبقاش رجالة لو سبنا حد ياخد حق الدولة، أقسم بالله لن أترك أحداً يأخذ حق غيره وموعدنا آخر الشهر»! كلام الرئيس يمنحنا مؤشراً عن تحول مقبل فى التعامل مع ملف أراضى الدولة المنهوبة. فمنذ أن أطلق دعوته للشرطة والجيش للتعامل مع هذا الاستحقاق ونحن نسمع يومياً عن عدد من حالات استرداد أراضٍ أو إزالة تعديات على أراضى الدولة. بدت المسألة وكأنها كَمية إلى حد كبير، وكلام الرئيس يعنى أن الأيام المقبلة يمكن أن تشهد حالات نوعية لاسترداد أراض منهوبة. الحالات النوعية نقصد بها «الكبار» أو «الحيتان الكبرى» التى استولت على أراضٍ لا حصر لها. التعامل مع الصغار سهل ويسير، أما بالنسبة للكبار فالأمر جد مختلف. كلنا يعلم من هم الكبار، ويفهم أن من بينهم قيادات ومسئولين سابقين ورجال أعمال ورجال إعلام. هؤلاء جميعاً وضعوا أيديهم على أراضٍ لا حصر لها، بعضهم اشتراها للزراعة ثم بناها، وآخرون استولوا عليها من خلال علاقاتهم بمسئولين كبار، وآخرون بالفساد، وهناك من استولى على أراضٍ مستنداً إلى قوة الوظيفة التى يعمل أو كان يعمل فيها. فى ظل منظومة الفساد التى سادت عصر «مبارك» استولى كثيرون على أراضى الدولة، ويصح أن تقول إن نسبة لا بأس بها من كبار ناهبى الأرض فى مصر ينتمون إلى «العصر المباركى». بإمكان الدولة أن تفرض على الصغار قوانينها، لكنها قد تواجه تعباً وعنتاً عندما تحاول تطبيق المعادلة على الكبار. المواجهة تبدو صعبة لكنها ضرورية لسببين، أولهما أن الدولة تمر بظرف اقتصادى استثنائى وتعانى من أزمة طاحنة على هذا المستوى، وبالتالى فهى بحاجة إلى التفتيش فى دفاترها لتسترد كل ما تستطيع استرداده، وثانيهما أن الاختبار الحقيقى لأداء السلطة يتحدد فى قدرتها على خوض هذه المواجهة وفرض القانون على الجميع، وإلا فهم الناس من الأمر أن الدولة لا تجيد الاستئساد إلا على الصغار. هل يصح أن نقول إن المواجهة بدأت بين الرئيس وفلول دولة مبارك؟ العلاقة بين الرئيس وفلول الدولة المباركية اتسمت بقدر كبير من التأرجح خلال الفترة الماضية، اقتربت الفلول من المشهد فى أوقات كل الاقتراب، اقتربت بصورة لم تكن مبررة بالنسبة لسلطة جديدة يفترض فيها البحث عن تحالفات جديدة، ويبدو أن هذ القرب دفعها إلى الاطمئنان ثم التحدى عندما قرر الرئيس فتح ملف استرداد أراضى الدولة. كلام الرئيس يدل على وصول تهديدات صريحة إليه «هتاخد حقها منى»، ولهجته الحادة تدل على الاستنفار. تحول طبيعى فنحن على أعتاب انتخابات رئاسية منتصف العام المقبل والرئيس نفسه يتحدث عن تراجع شعبيته بسبب الإجراءات الاقتصادية التى أوجعت المواطن، ومن المهم ألا ننسى أن الفلول طرف مهم فى معادلة الانتخابات المقبلة، إن لم يكن من خلال مرشح معين من الوارد أن يقفز إلى المشهد فجأة، فمن خلال ما يمتلكونه من أدوات تأثير فى الشعب.. عموماً موعدنا آخر الشهر.